مدارات

علاقات روسيا الاقتصادية مع كوبا تتنامى

رشيد غويلب
على أساس المصالح المشتركة، تتعزز العلاقات الاقتصادية بين روسيا الرأسمالية وكوبا الاشتراكية. وفي هذا السياق تعوض شركة الطاقة الروسية شبه الحكومية روسنيفت النقص الحاصل في تصدير فنزويلا لكميات النفط السابقة إلى كوبا، بسبب المشاكل الاقتصادية والسياسية التي تعاني منها فنزويلا. ووفق ما ذكرته وكالة تاس قبل أيام، فان الحكومتين الكوبية والروسية اتفقتا على زيادة كميات النفط المصدرة إلى كوبا، و تعميق التعاون فى استكشاف النفط فيها. وفي أوائل آذار الفائت، تعهدت روسنيفت بتصدير 250 ألف طن من النفط والديزل إلى كوبا.
ويذكّر هذا التطور بسبعينيات وثمانينيات القرن العشرين، عندما كان الاتحاد السوفييتي يساعد على تأمين استمرار الدورة الاقتصادية في كوبا. ففي تلك السنوات كان الاتحاد السوفيتي يقدم مساعدات اقتصادية سنوية بلغت قيمتها قرابة ملياري دولار، ويصدر قرابة 13 مليون طن متريمن النفط إلى كوبا. وقد شكل تفكك الاتحاد السوفيتي خسارة كبيرة لكوبا، فحتى عام 1993 انخفضت الواردات الكوبية بنسبة 75 في المائة، ودخلت كوبا في أزمة اقتصادية عميقة. وبلغت قيمة الديون الواجب تسديدها للاتحاد السوفيتى فى عام 1991 قرابة 35 مليار دولار. وقبل سنوات قامت روسيا التي خلفت الدولة السوفيتية، بإلغاء 90 في المائة من الديون المتراكمة، حتى بلغت قيمة المتبقي منها قرابة 3.5 مليار دولار، اتفق على تسديدها بشكل شروط تفضيلية للاستثمارات الروسية. وفي هذا السياق ستقوم شركة روسنيفت أيضا بتحديث أكبر مصفاة كوبية في سينفويغوس، والتي تعمل حاليا، بسبب انخفاض إمدادات النفط من فنزويلا، بنصف طاقتها. يذكر ان فنزويلا التي تعد اقرب حلفاء كوبا قد خفضت بشكل كبير امدادات النفط بسبب الازمة السياسية والاقتصادية التي تعيشها، فبدلا من 100 الف برميل تصدر كاراكاس حاليا حوالي 55 الف برميل فقط.
وقد تعززت العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية بين روسيا وكوبا، خصوصا بعد انتخاب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة. وفي أيلول الفائت وقع البلدان على مجموعة من الاتفاقات شملت قطاعات الطاقة والسكك الحديدية وتصدير المصاعد الكهربائية. واهتمت اتفاقات أخرى بإنتاج الأغذية وصناعة الغزل والنسيج، وتصدير الشاحنات والحافلات والقاطرات الروسية.
وارتفع حجم التبادل التجاري بين البلدين، في النصف الأول من العام الحالي، بنسبة 73 في المائة، وبلغت قيمته 176,2 مليون دولار. وعلى الرغم من إن مستوى هذا التبادل لا يزال دون مستواه مع شركاء كوبا الرئيسيين مثل الصين وفنزويلا، الا انه في تصاعد مستمر. وتطورت العلاقات ايضا في مجالي الرياضة والثقافة. وفي نهاية العام الفائت وقع البلدان على عقد لتحديث القوات المسلحة الكوبية. وعادت مجددا شائعات بشأن بناء قاعدة روسية في كوبا. ولكن يبدو إنها ضعيفة، لان هافانا تتطلع فعلا إلى تحسين العلاقات مع الولايات المتحدة.
وفي الوقت الذي عادت فيه التوترات إلى العلاقة مع الولايات المتحدة الأمريكية، منذ تولي دونالد ترامب مهام منصبه، تتعمق شراكة كوبا، كما توقع الخبراء، مع بلدان مثل الصين وروسيا وايران. ويقول ريتشارد فاينبرغ، خبير معهد بروكينجز للتفكير السياسي في أمريكا اللاتينية: " إن كوبا تحاول تنويع علاقاتها"، ويضيف انه "نظرا لتعثر العلاقات الاقتصادية مع الولايات المتحدة، فان كوبا تبحث عن حلفاء في دول قوية مثل روسيا أو الصين، التي يمكن إن تعرض شروط دفع مواتية".
ويشير فاينبيرغ إلى إن روسيا تسعى إلى تحقيق مصالح جيوستراتيجية في كوبا: " ليس من الصعب فهم سفير فلاديمير بوتين في كوبا. انه يتوق إلى استعادة مجد الإمبراطورية، والعلاقات مع كوبا تدخل في هذا الاطار".