مدارات

اليمن .. لا سلام في الأفق والكارثة الانسانية تتعمق

طريق الشعب
يوم من حرب التحالف العربي في اليمن: هل من سلام في الأفق؟
طوت العمليات العسكرية في اليمن التي شنّها التحالف العربي بقيادة السعودية لمساندة الحكومة الشرعية برئاسة عبد ربه منصور هادي، 900 يوم على انطلاقها. إلا أن الجهود السياسية لإحلال السلام في المنطقة ما زالت تراوح مكانها، حيث عجزت عن كبح جماح حربٍ تسببت في مقتل الآلاف والآلاف في اليمن. وإضافة إلى الفقر المزمن بات اليمن يواجه وباء الكوليرا وشبح المجاعة، في حين سقط اكثر من 8500 قتيل وحوالى 49 ألف جريح منذ بدأت السعودية على رأس ما يسمى بالتحالف العربي في 26آذار 2015 تدخلاً عسكرياً لدعم حكومة الرئيس هادي التي فرت من العاصمة صنعاء إثر سقوطها بأيدي الحوثيين وحلفائهم من انصار الرئيس السابق علي عبد الله صالح.
وقد أصدرت مجموعة الأزمات الدولية تقريراً في بداية تشرين الأول الجاري قالت فيه إن الانشقاقات الحاصلة في معسكر المتمردين في اليمن تمثل فرصة نادرة أمام السعودية لوقف الحرب في هذا البلد وإحلال السلام. وإن التوترات التي اندلعت في آب بين الحوثيين والرئيس السابق علي عبد الله صالح يمكن أن تعزز الفرص لبدء مفاوضات بدفع من السعودية.
الصراع في اليمن والسلام في المنطقة
ولكن يشير محللون الى إن الارتكاز على الانشقاقات كمدخل للسلام، هو أمر لا يمكن التعويل عليه، مستبعدين امكانية أن تؤدي هذه الخلافات إلى فرصة للسلام كما يتم الترويج له. وان لا قاسم مشتركاً بين علي عبد الله صالح والحوثيين، سوى مواجهة العدو المشترك. ولكن الخلاف بينهم لم يصل بعد الى حد القطيعة.
الكارثة الانسانية تتعمق
وكان المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ، قد صرح اخيرا أنه حالياً بصدد اعداد مقترح شامل يتضمن مبادرات إنسانية لإعادة بناء الثقة، وكذلك خطوات لعودة الأطراف المتصارعة إلى طاولة المفاوضات. وأوضح المبعوث الأممي أن أطراف النزاع في اليمن ماضية في صراع عسكري عقيم يعيق طريق السلام، في وقت يعاني فيه الشعب اليمني من كارثة إنسانية عارمة صنعها الإنسان.
وكان ولد الشيخ قد أشار في كلمته في الأمم المتحدة إلى أن نحو 17 مليون يمني لا يستطيعون الحصول على ما يكفي من الطعام، كما ان أكثر من ثلث مقاطعات البلاد يواجه خطرَ المجاعة الحادة. وقد أدى تدمير البنية التحتية وانهيار الخدمات العامة إلى تفشّي مرض الكوليرا بشكل هو الأسوأ في العالم، وأدّى إلى مقتل أكثر من 2100 شخص وما زال يصيب الآلاف كل أسبوع.
وتابع ولد الشيخ: "يخلف هذا النزاع وضعاً مأساوياً في كل جانب من جوانب الحياة اليومية. فالاقتصاد آخذ في التقلّص، ويبقى استخدام عائداتِ الدولة المتضائلة لتمويل الحرب يقوِّض دفع الرواتب التي يعتمد عليها الملايين من اليمنيين.
ولا شك أن إطالة أمد الحرب تؤثر سلباً على حياة المدنيين في اليمن، ويعود ذلك الى تمترس معسكري الصراع ، واصرار السعوديين وتحالفهم على المضي في عمليات الابادة للمدنيين.
ان اكثر من 900 يوم من الحرب أثرت سلباً على العديد من القضايا أهمها عدم استقرار اليمنيين وازدياد حالات الفقر والتضخم وتعطل التنمية المستدامة التي رصد الخليجيون لها مليارات كثيرة فيما لو استقر الأمر في اليمن.
وفي الوقت الذي يتحدث فيه الجميع عن الفقر والخوف والكوليرا، يظل هناك ما هو أسوأ على الجبهة السياسية، وهو تفكيك العلاقة بين اليمنيين ووطنهم وانسداد افق المشروع الوطني الذي يحقق الوحدة والديمقراطية. فهذا المشروع يموت كل يوم داخل المواطن اليمني، ومن هنا تبدأ الخطورة، إذ أنه من المستحيل أن يعيش أي شعب على أرض دون مشروع سياسي.
ان تنامي اليأس لدى اليمنيين وغض المجتمع الدولي الطرف عما يجري، يمثل كارثة. وقد اثقلت تعقيدات الحياة كاهل اليمنيين وصار الانتقال من مكان إلى آخر داخل البلاد، يشبه الانتقال بين دولتين. ان المستقبل مخيف، واستمرار الحرب ينذر بتعميق دمار بلد كان يوما يسمى "اليمن السعيد".