مدارات

بريطانيا .. عواقب كارثية لسياسات التقشف على العاملين

طريق الشعب
يعلن وزير المالية البريطاني فيليب هاموند اليوم عن خططه لموازنة العام المقبل. ويكافح هذا السياسي المحافظ من أجل بقائه السياسي، لأن المعارضين لسياسة التقشف التي يتبعها منذ عام 2010 يريدون إزاحته. وبالإضافة إلى ذلك يزدد، كل يوم انخراطه في صراع الأجنحة داخل حزبه.
و هاموند هو واحد من أبرز المعارضين لـ "بريكسيت" في حزب المحافظين، الذي تتبنى أغلبيته هذه السياسة. وفي هذا السياق حذر مرارا وتكرارا في الأشهر الأخيرة من "الآثار الاقتصادية الخطيرة" لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. وقد امتعض خصومه من سلوكه السياسي. وهناك شائعات بأنه قد يجد نفسه مع وزراء محافظين آخرين، بحلول نهاية الأسبوع، خارج الحكومة.
ومنذ سنة 2010 والوزير هاموند لا يدعم "الركود في الإنتاجية. فيما لا تلبي سياسة التقشف التي يتبناها ، المطالبة بحزمة استثمارات لتطوير البنية التحتية في البلاد. ولكن هذا بالضبط هو ما يطالب به المحافظون الذين يبذلون مساعي يائسة لطرح ردود على سياسات حزب العمال الصاعد بقيادة اليساري جيريمي كوربين.
إن الأيام التي سبقت إعلان الميزانية تهيمن عليها تقارير عن العواقب الكارثية لسياسات التقشف إزاء العاملين في المملكة المتحدة. على سبيل المثال، يتم دمج جميع المنافع الاجتماعية في البلاد الآن في عملية تسديد واحدة تسمى "المعونة الشاملة". ويحتاج هذا المشروع وقتا طويلا ويرتبط بتخفيضات قاسية للمشمولين به. ووفقا لتقديرات معهد الدراسات المالية، فإن 2,1 مليون أسرة سوف تفقد منافع بقيمة 1600 جنيه استرليني في السنة ، كنتيجة مباشرة للتغيير المرتبط بتنفيذ المشروع.
ولا يمكن للبيروقراطية البريطانية، التي قوضها تقليص مواردها البشرية، أن تتكيف مع متطلبات التغيير. وحتى صرف اول دفعة من »المعونات الشاملة« يحتاج من متلقيها الانتظار 12 أسبوعا. علما أنهم خلال هذه الفترة عليهم تسديد إيجارات مساكنهم ونفقاتهم الأخرى التي تعتمد على المعونة الاجتماعية. وفي العديد من المدن، أعلن مالكو العقارات بالفعل عن عمليات إخلاء قسري لأي شخص يتأخر، بسبب هذا التغيير، عن تسديد إيجار مسكنه.
في 16 تشرين الثاني الجاري نشرت المجلة الطبية البريطانية دراسة عن تطور معدلات الوفيات في انكلترا في السنوات 2010 – 2014 . وكان السؤال كما يلي : "هل أثرت التخفيضات الاجتماعية والصحية في معدل الوفيات؟". وكان الجواب شديد الوضوح بـ "نعم". وأشار التقرير الى إن الزيادة في مجموع المتوفين خلال فترة الدراسة بلغت 45 الف مواطن فقدوا حياتهم بسبب التقشف القاسي في قطاعي الرعاية الصحية والاجتماعية. وبالنسبة لسنوات 2015 - 2020، تتوقع الدراسة حصول 152,141 وفاة إضافية بسبب إجراءات التقشف.
وعلق أستاذ جامعة كامبريدج لورانس كينغ، الذي شارك في اعداد الدراسة، على النتيجة: قائلا "إن سياسة التقشف لا تعزز النمو ولا تخفض العجز في الموازنة. وهي سياسة اقتصادية سيئة. وتؤدي إلى كارثة صحية. ولا نبالغ عندما نتحدث عن عمليات قتل اقتصادي".
وأول من استخدم توصيف "القتل الاقتصادي "هو المتحدث باسم حزب العمال البريطاني للسياسة الاقتصادية، جون ماكدونيل، في الأيام التي أعقبت إطلاق النار في برج غرينفيل في لندن في حزيران الفائت. وفي 16 تشرين الثاني الحالي قدم السياسي المعارض المفردات الأساسية في "الموازنة البديلة"، وقال في رسالة موجهه الى رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي ووزير ماليتها هاموند ، ان هناك بالفعل حاجة الى موازنة طوارئ . واضاف "لكننا بحاجة الى واحدة لإنقاذ الخدمات العامة". وإضافة إلى تعليق العمل "بالمعونة الشاملة"، دعا وزير الظل في حكومة كوربين إلى دعم الرواتب الحكومية والبنية التحتية والصحة والبلديات، فضلا عن برنامج لبناء 100الف منزل جديد في السنة. واعلن إن حزب العمال مستعد لتخصيص 17 مليار جنيه استرليني اضافي لدعم هذه القطاعات.