مدارات

اقتصاد الصين يقترب من عرش العالم: مؤشرات حقيقية أم تكهنات وهمية؟

طريق الشعب
يبدو ان الصين تسعى حاليا الى انتهاج خارطة طريق جديدة تمهد لإعادة التوازن على الصعيدين المحلي والدولي، لا سيما على المستوى الاقتصادي والاجتماعي من أجل تحقيق طفرات تنموية ومستقبل اكثر اشراقا على المدى القريب، وهذا الامر قد يرسم اطر الصدارة التنافسية العالمية للصين في العقد المقبل.
وكشفت الصين عن مجموعة من أجرأ الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية في نحو ثلاثة عقود تضمنت تخفيف سياسة "الطفل الواحد" وتحرير الأسواق بصورة أكبر لتعزيز استقرار ثاني أكبر اقتصاد في العالم. وساهمت هذه التغييرات الكبيرة في تبديد الشكوك إزاء رغبة القيادة في الإصلاحات الضرورية لإعطاء الاقتصاد دفعة جديدة بعدما بدأت تظهر مؤشرات على تباطؤ النمو السريع الذي استمر على مدى ثلاثة عقود. لكن في الوقت نفسه توقع محللون آخرون بان مهمة تحقيق إصلاحات فعالة تتسم بالصعوبة، إذ يتعين عليهم البدء سريعا في انجاز مهمتهم الشاقة محليا ودوليا، فعلى الرغم من ان المشهد مهيئاً للتغيير التدرجي من خلال المرونة في السياسية والقرارات، الا انه لا يتوقع حدوث تغيير ما لم تقرن الوعود بالافعال. ويرى اغلب المحللين انه لا يمكن تحقيق اصطلاحات اقتصادية واجتماعية ناجعة ما لم تحاكي هذه الإصلاحات تحسين نظام المعاقبة والوقاية من الفساد وبناء عالم سياسي نظيف. فعلى الرغم من الأداء الاقتصادي القوي للصين خلال السنوات الأخيرة الا ان الفساد المتفشي قد يعرقل دفع أجندة الإصلاح إلى الأمام ولاسيما معالجة القضايا التي تعرقل الاستثمارات، كما يرى بعض المحللين المتخصصين بالشأن الصيني انه لا يوجد في الوقت الراهن اي اشارة حاسمة لتحسن الاوضاع وخاصة في مجال ممارسة الصينيين حقوقهم التحرر من الرقابة التي تفرضها السلطات الصينية خصوصا للوصول الى الانترنت او وسائل الاعلام.
توقعات باستمرار النمو في 2018
رفع البنك الدولي توقعاته للنمو الاقتصادي في الصين في العام الحالي إلى 6,8 بالمائة من 6,7 في تشرين الأول الفائت، حيث دعم الاستهلاك الفردي والتجارة الخارجية النمو، وأبقى البنك توقعاته لنمو الناتج المحلي الإجمالي في الصين لعامي 2018 و2019 دون تغيير عند 6,4 و6,3 في المائة على التوالي نتيجة سياسة نقدية أقل تيسيرا وجهود الحكومة لكبح جماح الائتمان وفرض قيود على الإقراض. والمخاطر الأساسية التي قد تؤدي لخفض التوقعات هي استمرار ارتفاع الإقراض في القطاع غير المالي والضبابية المتعلقة الى بأسعار المنازل، وقال البنك الدولي في تحديثه الاقتصادي بشأن الصين ”برغم التباطؤ في الآونة الأخيرة يواصل الائتمان النمو بوتيرة أسرع على نحو ملحوظ مقارنة بالناتج المحلي الإجمالي. وسجلت القروض المصرفية المستحقة 150 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي في تشرين الثاني 2017 ارتفاعا، بعد إن كانت 1,3 بالمائة في نهاية 2007. ونما الاقتصاد الصيني بوتيرة أسرع من المتوقع بلغت 6، 9 بالمئة في الشهور التسعة الأولى من العام لكن حملة بكين لخفض المخاطر في القطاع المالي رفعت تكاليف الاقتراض وزدات مخاوف تعثر نمو الناتج المحلي الإجمالي في العام المقبل. واشار تقرير البنك الدولي إن النمو القوي منذ بداية العام الحالي منح صناع القرار فرصة تسريع خفض وتيرة الإقراض الذي ”سيكون على الأرجح على حساب نمو أبطأ للناتج المحلي الإجمالي في المدى القريب لكنه سيحسن التوقعات الاقتصادية للصين في المدى الطويل“، وأضاف التقرير أن المخاطر الخارجية على الاقتصاد الصيني تشمل احتمال مواجهة سياسات تجارية أكثر تقييدا في الاقتصادات المتقدمة وكذلك التوترات الجيوسياسية.
صندوق النقد الدولي يحذر
وحذر صندوق النقد الدولي من المخاطر التي تحيط بالاقتصاد الصيني نتيجة ارتفاع مستويات الدين التي تشكل "مخاطر كبيرة" على الاقتصاد الصيني. وفي أول تقرير له منذ عام 2011 عن قدرة الصين على الصمود أمام الصدمات، قال الصندوق إنه لا يزال يشعر بالقلق إزاء الاختلالات فى ثانى أكبر اقتصاد في العالم.
وفي دراسة درجة تحمل البنوك الصينية، وجد أن أربعة أخماسها معرضة للخطر، وقال صندوق النقد الدولي إنه يتعين على بكين أن تركز بشكل أقل على النمو وتعزز اللوائح وتحسن قدرات البنوك التمويلية، وقال صندوق النقد الدولي إن البنوك "الأربعة الكبرى" في الصين لديها رؤوس أموال كافية ولكن "البنوك الكبيرة والمتوسطة التجارية تبدو ضعيفة".