مدارات

تونس ..الانتخابات البلدية اختبار لنفوذ المعارضة

طريق الشعب
تصاعدت الصراعات الحزبية في تونس، مع اقتراب موعد تقديم القوائم الاسمية للأحزاب والمستقلين للانتخابات البلدية في تونس، المقررة في 6 أيار المقبل، على أن يغلق باب الترشيح في 22 شباط . وسيعلن عن القوائم المقبولة للمرشّحين في موعدٍ أقصاه يوم 3 آذار المقبل. وتدرك الأحزاب التونسية أن هذه الانتخابات ستُشكّل معياراً واقعياً لمدى شعبيتها، بِمَا يسمح ببناء تحالفات جديدة وفتح باب الاستعداد لمعركة الانتخابات التشريعية والرئاسية، المقررة العام المقبل.
في هذا السياق، كشفت المواقف السياسية الأخيرة حجم مراجعة المواقف ومحاولة توظيف عاما الزمن. والتنصل من فاتورة الإخفاقات السياسية والاقتصادية والاجتماعية على مستوى المشاركة الحكومية. وبعد انفراط عقد التحالفات الحكومية، بدأ تبادل الاتهامات بخصوص فاتورة الإخفاقات الاقتصادية الكبيرة التي أجّجت الشارع التونسي، وقادت الى احتجاجات واسعة بسبب غلاء الأسعار والبطالة وغياب التنمية.
بدورها، باشرت المعارضة التونسية لملمة قواها استعداداً للانتخابات في محاولة لتشكيل ائتلاف اولي، سعياً لتحالف أمتن في استحقاقات العام المقبل. وأعلنت حركة مشروع تونس، وحزب البديل التونسي، وحزب آفاق تونس، وحزب العمل الوطني الديمقراطي، والحزب الجمهوري، وحزب المسار الديمقراطي الاجتماعي، وحركة تونس أولاً، والمبادرة الوطنية الدستورية التونسية، وحزب اللقاء الديمقراطي وحزب المستقبل، عن تكوين قوائم ائتلافية للانتخابات المحلية.
ولكن كل هذه الأحزاب لم تتمكن من تقديم قوائمها في أكثر من 48 بلدية من أصل 350، ما طرح أكثر من سؤال حول شعبية هذه الأحزاب ووجودها الفعلي، ومدى قدرتها على منافسة حزبي النداء والنهضة اللذين تصدّرا مختلف الاستطلاعات.
في هذا الإطار، أوضح المنسق العام لحزب المسار الديمقراطي الاجتماعي (حركة التجديد التونسية سابقا)، الجنيدي عبد الجواد، أن "قدرة الأحزاب على المنافسة في الانتخابات البلدية المقبلة مرتبطة بالمال السياسي وإمكانيات مادية أخرى، وبالتحديد تدفق المال السياسي بعيدا عن اية رقابة. وهو ما جعل منافسة نداء تونس والنهضة الند للند أمراً صعباً". ولفت إلى أن "تجنيد حزب نداء تونس إمكانات الدولة وأجهزتها عبر تكليف الوزراء وأعضاء الحكومة بالإشراف على الحملات الانتخابية في الجهات يؤثر على المناخ الانتخابي ويمس مسار المنافسة"، مضيفاً أن "صعوبة مراقبة المالي السياسي والأدوار التي يؤديها بارونات الفساد ممن لهم مصالح في المحليات والبلديات والباحثين عن حاضنة سياسية، ومن الوارد أن يجدوا مصالحهم في دعم حزبي نداء تونس والنهضة من أجل الاحتماء بهم".
وحول ترشيح الائتلاف قوائم في 48 دائرة بلدية فقط من أصل 350، رأى عبد الجواد أن "الأحزاب المجتمعة أرادت تقديم تجربة نموذجية، وأن تكون ناجحة بعد أن سبقتها تجارب أخرى لتحالفات فاشلة. وبما أنها تجربة أولى، فقد كان الخيار هو التقدم بقوائم ائتلافية في عدد محدود من الدوائر الانتخابية ولم نرغب في التوسع لضمان النجاح". وأكد عبد الجواد على أن "أهم المقاييس لاختيار المرشحين هو نظافة اليد والكفاءة والإشعاع"، لافتاً إلى أن "حزب المسار الديمقراطي الاجتماعي سيدعم قوائم مواطنية مستقلة، وسيساندها في بقية الدوائر الأخرى المتميزة بنظافة اليد". ونوّه إلى أن "الاجتماعات والمشاورات بين الأحزاب العشرة، متواصلة لاختيار الشخصيات القادرة على رئاسة القوائم". في المقابل، أكد القيادي بحزب نداء تونس، محمد بن صوف ، أن "حزبه على أتمّ الاستعداد لخوض الانتخابات البلدية في كل المحافظات والدوائر. كما أَعدّ ملاحظين ومرافقين وكوادر لمرافقة المسار الانتخابي، وفوّض تشكيل وتكوين القوائم الانتخابية للبلديات إلى لجان المحافظات البلاد". مدير معهد "أمرود كنسلتينغ" للاستطلاع، نبيل بالعم، اشار إلى أنّ "نوايا التصويت بالنسبة للانتخابات البلدية وبالنسبة للقوائم الحزبية، ستنحصر في نفس الأحزاب التي تتصدر المراتب الأولى في المشهد السياسي، كالنداء والنهضة والجبهة الشعبية (تحالف يساري) والتيار الديمقراطي. غير أن المفاجأة التي ستحصل في الانتخابات البلدية، هي الإقبال على القوائم المستقلة التي سيتجه إليها الناخب لرغبة عدد من التونسيين في اختيار قوائم مستقلة في الانتخابات البلدية". وأضاف بالعم أنّ "التونسي لم تعد تفصله عن الانتخابات البلدية سوى بضعة أشهر، ومع ذلك فإنّ نية المشاركة في الانتخابات لا تزال ضعيفة، مع تأكيد أكثر من نصف التونسيين أنهم لن يشاركوا في الانتخابات البلدية".