مدارات

حوار مع السكرتير السياسي للحزب الشيوعي السوداني محمد الخطيب / مديحة عبدالله

خطنا الاستراتيجي اسقاط النظام ... والكلمة الاخيرة لدى الشعب
• الحوار مع النظام يؤدى لهدنة وحان الوقت للحل الشامل لازمة السودان• سنقاوم أي تغيير ناعم وشكلي يحافظ على بنية النظام الطبقية
• هناك من يسعى لتفتيت المعارضة وسنستفيد من تجارب الشعوب الاخرى
محاور متعددة تحتاج للنقاش وطرح المعلومات بشأنها للرأي العام , منها ما يتعلق بالحزب ونشاطه وانعقاد المؤتمر السادس ومنها ما يتصل بالوضع السياسي والاقتصادي , وتلك المتصلة بنشاط قوى الاجماع الوطني والتنسيق مع الجبهة الثورية والموقف من النظام والوثائق المنظمة للفترة الانتقالية , والدروس المستفادة من تجربة الدول العربية عقب اسقاط الانظمة الدكتاتورية. تلك كانت محاور اللقاء مع السكرتير السياسي للحزب الشيوعي السوداني محمد الخطيب بمكتبه بالمركز العام بالخرطوم صباح الاحد الماضي .

• المؤتمر والحريات العامة :
**الحاضر في ذهن الشيوعيين والشارع السياسي هو موعد انعقاد المؤتمر السادس للحزب وهل اصبحت وثائقه جاهزة ؟
= وفقا لما هو مرسوم , تم اعداد اغلب التقارير حول الدستور والبرنامج وجرى نقاشها في المكتب السياسي واجريت بعض التعديلات وسيتم رفعها للجنة المركزية في اجتماعها القادم , كما سيقدم التقرير السياسي لاجتماع المكتب السياسي القادم , ومن المنتظر ان ينظر المكتب السياسي في التقرير التنظيمي والمالي في اجتماعاته القادمة تمهيدا لرفعها للجنة المركزية والتي ستحدد موعد انعقاد المؤتمر الذى سيلتئم بعد اربعة اشهر من تحديد موعد انعقاده وفقا للدستور حتى تقوم المدن والقطاعات والفروع بمناقشة الاوراق وتنتخب ممثليها في المؤتمر .
**المناخ السياسي العام يشهد تضييقا على الحريات العامة ومصادرة لحق الحزب في اصدار صحيفته كيف يؤثر ذلك على مسار التحضير للمؤتمر ؟
= المناخ السياسي العام لا يعطل عمل الحزب الداخلي , يوجد توازن , لكن بلا شك المناخ السياسي يؤثر في سرعة انجاز الاوراق وعقد الاجتماعات , وكبت الحريات يحول دون التواصل مع الجماهير بالشكل المطلوب , الاحزاب السياسية لا تستطيع عقد ندوات في اماكن عامة بل وحتى داخل دورها تجد عراقيل , ومصادرة حق الميدان في الصدور الورقي يحرم الحزب من التواصل مع الجماهير لكن رغم كل تلك العقبات فأن التحضير لعقد المؤتمر لم يتوقف . ومن المتوقع ان ينعقد في الثلث الاول من العام القادم 2014.
• ضد التغيير الناعم الشكلي :
**خط الحزب المعروف هو العمل على اسقاط النظام وكذا خط قوى الاجماع الوطني لكن ربما تشهد الفترة القادمة مفاوضات بين الحكومة والحركة الشعبية قطاع الشمال على اساس القرار 2046 وهى جزء من الجبهة الثورية التي تدعو لإسقاط النظام كيف يمكن النظر لذلك الحوار مع الدعوة لإسقاط النظام ؟
= خط الحزب الاستراتيجي هو اسقاط النظام عبر اوسع جبهة ,والحزب يعمل من خلال قوى الاجماع الوطني ونسعى لتوسيع تحالف المعارضة والجبهة الثورية تسعى لإسقاط النظام عبر الكفاح المسلح بينما نسعى نحن كقوى مدنية لإسقاط النظام عبر العمل الجماهيري السلمى , وظللنا نقول دائما ان وجود هذا النظام يشكل عقبة امام الوصول لحل شامل لازمة السودان ,أي حوار معه او مشاركة فيه سيعيد انتاج الازمة , لابد من تفكيك كامل للنظام , التنسيق مع الجبهة الثورية يتم على اساس اسقاط النظام والتوافق على حكم السودان في الفترة الانتقالية على اساس البديل الديمقراطي ودستور انتقالي , ومن يحملون السلاح يحملون قضايا اساسية لمناطق في السودان شهدت التهميش وهى قضايا تحتاج لحل , وكانت سببا من اسباب عدم استقرار السودان , ويتم التوافق مع الجبهة الثورية على اساس العمل على اسقاط النظام واقامة المؤتمر الدستوري في الفترة الانتقالية للوصول لرؤية حول التنمية المتوازنة وازالة المظالم التاريخية والتعويضات والحق في الاقليم الواحد .
**لكن لا يمكن تجاهل الدور الإقليمي الأفريقي والدولي وقرارات الامم المتحدة بشأن ادارة حوار مع النظام وفقا للقرار 2046 ؟
= صحيح توجد ضغوط اقليمية ودولية , لكن الجبهة الثورية تدعو لإسقاط النظام والحل الشامل لازمة السودان وعقد المؤتمر الدستوري ونسعى لإقناع تلك القوى الدولية بأن الحل الشامل لمشاكل السودان هو الذى يضع حدا للحروب والتدهور الاقتصادي والاجتماعي , الحل الجزئي يمثل هدنة وليس حلا شاملا والارادة والكلمة الاخيرة لدى شعب السودان والذى وصل لقناعة بأن بقاء هذا النظام يشكل عقبة في سبيل حل الازمة العامة وظهر ذلك جليا في الشعارات التي رفعتها الجماهير في سبتمبر الماضي , لقد ادركت الجماهير ان هذا النظام يعبر عن مصالح الرأسمالية الطفيلية ويبحث دائما عن الحلول الجزئية ومن ثم الالتفاف عليها بغية اطالة امد بقائه في السلطة , شهدنا ذلك عقب التوقيع على اتفاقية نيفاشا واتفاقية القاهرة واتفاقية اسمرا والاتفاقيات الموقعة في ابوجا والدوحة والاتفاقيات المبرمة مع الاحزاب , اذ يعمد النظام للالتفاف على الحريات واشعال الحرب في النيل الازرق وجنوب كردفات خدمة لمصالح الرأسمالية الطفيلية التي لا تجد مصلحة في الاستقرار وازدهار القطاعات المنتجة , لذلك جاء السعي المحموم من قبل النظام نحو تبنى سياسة السوق الحر والخصخصة وتمكين منسوبيه في اجهزة الدولة السياسية والاقتصادية والقضائية , وتشريد كل المعارضين مما افقد البلاد الكفاءات المهنية والحرفية والعمالية وادى لدمار القطاعات المنتجة , واصبح السودان دولة مستوردة للغذاء وبمعدلات زيادة سنوية , قبل انقلاب ينويو 1989 كنا نستورد غذاء ب( 72) مليون دولار عام 2008 اصبحنا نستورد ب(400)مليون دولار عام 2010 ارتفع الرقم الى (مليار و350 )مليون دولار وقفز في العام 2012 الى (2مليار و400) مليون دولار .الحروب القائمة افقرت مناطق الانتاج , كانت دارفور تنتج ما يكفى من الغذاء وتصدر الفائض و تملك 30% من الثروة الحيوانية بل كانت معبرا للصناعات التحويلية , السودان كان ينتج ملبوسات 168 مليون ياردة في العام قبل الانقلاب , الان ينتج بالكاد نحو 15 مليون ياردة بل واصبح يستورد كل احتياجاته من الملابس , واكثر من ذلك السودان مصنف انه من اكثر الدول بيعا لأراضيه الزراعية ويحدث ذلك الان في الجزيرة ودافور والشمالية . والضغوط التي تمارس الان من قبل المجتمع الدولي لإجراء حوار مع النظام تقف وراءها مصالح تسعى للاستفادة من خيرات السودان , ولابد ان تكون هناك منافع متبادلة وعلى اساس الندية , الان النظام في السودان اصبح رهينا للغرب لذلك فأن القوى التي تدعم الحلول الجزئية تسعى لتأمين مصالحها وتدعو لما يسمى الحل الناعم بغية الوصول لتغيير شكلي للنظام لا يمس بنيته الطبقية مع مسحة ديمقراطية هشة وتمثيل غير حقيقي للمعارضة المدنية والعسكرية ومن ثم الالتفاف على مكاسب الجماهير التي انتزعتها بالمقاومة ,لذلك سنقف ضد أي محاولة للالتفاف على مطلب اسقاط النظام وسنقاوم ذلك ...ولا يأتي ذلك الموقف من فراغ لقد تخطت الجماهير مرحلة الاحتجاج ضد زيادة الاسعار وطالبت بإسقاط النظام لقد ادركت بحسها الثوري عدم امكانية الوصول لحل لمشاكل البلاد الا بإسقاط النظام ومن جذوره ذلك هو موقف الجماهير وموقف قوى المعارضة .
**توجد اسئلة وملاحظات حول وثيقة البديل الديمقراطي وقدرتها عن التعبير عن تطلعات الشعب في التغيير كيف تنظر لذلك ؟
= وثيقة البديل الديمقراطي تمثل الحد الادنى المتفق عليه من قبل قوى الاجماع الوطني , الاحزاب المنضوية في قوى الاجماع لديها جماهير والوثيقة تعبر عن مصالحها , والوثيقة تخاطب قضايا اساسية , قضية الحرب والعدالة والاصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي في الفترة الانتقالية , والضائقة المعيشية ومن ثم عقد المؤتمر الدستوري الذى يتم فيه الوصول لتوافق حول حكم السودان ووضع دستور يعبر عن تطلعات السودانيين , هذا المؤتمر الدستوري الذى كان من المفترض اقامته في العام 1989 ووقع انقلاب ينويو للحيلولة دون اقامته ويمثل ذلك اكبر جريمة قطعت الطريق امام الحل السلمى لازمة السودان بل وادى لتعقيدها واعطاها صبغة جهادية .
**قضايا السودان المعقدة كما قلت ستعبر عن نفسها بأشكال مختلفة والجماهير الان في مطالبها اليومية تثير قضايا الثروة والسلطة هل تنتظر قوى المعارضة التعاطي مع تلك القضايا لحين اسقاط النظام واقامة المؤتمر الدستوري؟
= قوى المعارضة تتعاطى مع القضايا دون توقف , لذلك نحن مع عقد اللقاء الدارفورى الدارفورى , ونطالب بإيقاف الحرب وفتح ممرات لتوصيل المساعدات الانسانية للنازحين واللاجئين في النيل الازرق وجنوب كردفان , وتقديم المساعدات لنحو 4مليون نازح في دارفور, ومع ذلك قوى الاجماع تبحث دائما في مواقع الضعف والخلل في عمل المعارضة مع وعينا التام بضعف الامكانيات المادية ,وفى هذا الشأن تم اعداد ورقة تنظيمية لقوى الاجماع بغرض معاينة اوجه القصور والعمل على تقويتها مع الابقاء على الهيكل الحالي لقوى الاجماع باعتباره الهيكل المناسب , ونحن الان بصدد تقوية العمل وسط القواعد خاصة وسط الشباب والنساء والمهنيين وكل الفئات التي لها مصلحة في اسقاط النظام .
• دروس من تجارب الشعوب :
**كيف يمكن الاستفادة من تجارب الشعوب العربية التي شهدت سقوط انظمة دكتاتورية بثورات شعبية ؟
= هناك وعى كامل من قبل قوى المعارضة بضرورة الوحدة الفكرية حول قضايا وطنية مثل كيفية ادارة التنوع في السودان وتحقيق التنمية المتوازنة ,ولدينا ارث غنى في ثورة اكتوبر وانتفاضة ابريل لأعداد بديل جيد لنظام الانقاذ , قطعا يتم الاستفادة من تجارب الشعوب الاخرى ونرى ان وحدة المعارضة ضرورة قصوى واولوية خاصة وان هناك قوى تسعى لتفتيت المعارضة بعمل تناقضات ما بين القوى الحية في المجتمع من نساء وشباب وبين الاحزاب, وذلك بالسعي لإقامة اجسام موازية كبديل لقوى المعارضة وخلق تناقض بين ما هو عمل مدنى وعمل سياسي بقصد اضعاف المعارضة , لذلك نسعى دائما لضمان وحدة المعارضة والتوافق حول البديل الديمقراطي والعمل وفق اسبقيات واولويات ذات صلة بقضايا الناس المؤثرة والحياتية حتى لا تتكرر تجارب البلاد الاخرى في السودان مع مراعاة ان لكل بلد ظروفه ومكوناته السياسية والاجتماعية .
___________________________________________________
عن صحيفة (الميدان) الالكترونية 18-11-2013