مدارات

جلسة حوارية في "طريق لشعب" لمناقشة ورقة عمل بشأن تنظيم الرواتب والأجور

دعت هيئة تحرير طريق الشعب يوم الخميس 31 تشرين الثاني الماضي إلى جلسة حوارية في مقر الجريدة ادارها مفيد الجزائري، رئيس التحرير، لمناقشة ورقة عمل بشأن "تنظيم رواتب وأجور العاملين وحماية أموال الشعب وثرواته". وقد بادرت هيئة تحرير الجريدة إلى اعداد هذه الورقة ارتباطا بالحركات الاحتجاجية التي عمّت معظم محافظات ومدن العراق خلال الأشهر السابقة، والتي عكست الغضب الشعبي المتنامي إزاء تعمق التفاوتات الصارخة في مستويات الرواتب والأجور على صعيد الوظيفة العامة وفي مرافق ومؤسسات الدولة التنفيذية والتشريعية، ولا سي?ا أن هذه الامتيازات التي تتمتع بها الفئات العليا في الدولة لم تقترن بحسن الأداء وبتحقيق انجازات، وانما رافقتها وتائر متدنية في تنفيذ المشاريع وتوفير الخدمات وانشاء البنى التحتية، إلى جانب استشراء الفساد وتحوله إلى منظومة معطلة وكابحة لأي تطور ممكن. ودعت ورقة العمل إلى اعادة النظر في سلم الرواتب والأجور في الدولة وفي القطاع الخاص وكذلك في التشريعات والأنظمة الواجب اصدارها وتعديلها لغرض تحقيق مستوى افضل من العدالة الاجتماعية وإزالة المظاهر الصادمة لهدر المال العام وسوء التصرف به، وللاستجابة للحاجات الأساسية لملايين من ابناء شعبنا الذين يعيشون دون خط الفقر وقريبا منه. وشارك في الجلسة نخبة من المختصين والخبراء في الاقتصاد والقانون ومن المسؤولين الحاليين والسابقين في الدولة ومجلس المحافظة ورجال اعمال وصناعيين وناشطين في منظمات المجمتع المدني والنقابات ومن الاعلاميين.
واستهلت الجلسة بعرض للورقة قدمه الرفيق رائد فهمي، الحزب الشيوعي العراقي، وبيّن فيه الأهداف المتوخاة من هذه المبادرة. وقال ان أهمها هو ان المطالب الشعبية المشروعة المتعلقة بالرواتب التقاعدية لاعضاء مجلس النواب وبالامتيازات والرواتب الفلكية للرئاسات الثلاث والوزراء واصحاب الدرجات الخاصة، هي على أهميتها بحاجة الى ان تستكمل وتوضع في اطار اشمل، يغطي مظاهر التفاوت الصارخة المناقضة لمبادئ وقواعد العدالة الاجتماعية على صعيد الرواتب للعاملين في الدولة، وكذلك في القطاع الخاص. وان تأخذ بعين الاعتبار تراكم الثروات، وفي كثير من الأحيان بصورة غير مشروعة، لدى بعض الأوساط والفئات التي تمارس نشاطات ذات طابع طفيلي غير منتج. وأكد فهمي ايضاً ضرورة الإسراع في إقرار قانون التقاعد الموحد واتخاذ سلسلة من الخطوات والإجراءات التنفيذية والتشريعية باتجاه تحقيق قدر اكبر من العدالة الاجتماعية
.وبعدها فتح باب النقاش وتوالت المداخلات والمساهمات التي اثنت على الورقة واقترحت إضافات اليها وتدقيقات غنية، واعتبرتها خطوة ايجابية نحو إيجاد حلول إستراتيجية للقضايا المثارة. فأشار الخبير الاقتصادي ابراهيم المشهداني إلى عدم التوازن في الرواتب بين الوزارات ارتباطا بتنوع وتعدد المخصصات حسب الاختصاصات وطبيعة العمل وشمولها بعض الوزارات دون أخرى، كما يتعمق هذا التمايز بين فئات الموظفين نتيجة لعدم شمول المتعاقدين والعاملين باجور يومية في الدولة بذات الحقوق والامتيازات التي يتمتع الوظفوف على الملاك الدائم، واكد ضرورة صدور تشريعات تنصف هذه الشريحة، وكذلك الأمر بالنسبة للعاملين في القطاع الخاص واعتماد نظام الحوافز لرفع انتاجية موظفي الدولة. واشر الصناعي، د.احمد ابراهيم، ان ورقة العمل تثير اسئلة هامة، ونبه إلى أن التفاوتات في الرواتب تقود إلى الفساد الأكبر في المجتمع، وخصوصا إذا ما اقترنت بتراكم موارد ضخمة لدى الأشخاص وتسربها خارج البلاد، وتساءل كيف يمكن مراقبة هذا التكدس المشروع وغير المشروع للثروات، ومن زاوية العدالة الاجتماعية، يرى د.احمد ضرورة تعيين الشرائح الاجتماعية التي نتوخى رفع دخولها، مؤكدا اهمية ان يشمل تعديل الرواتب الشرائح الضعيفة الدخل في القطاع الخاص، وبيّن تعطل نظام الضمان الاجتماعي للعاملين في القطاع الخاص بسبب توقف الدولة عن تسديد حصتها إلى مؤسسة الضمان الاجتماعي وتهرب ارباب العمل والعمال انفسهم عن دفع الحصص المترتبة عليهم. وتناولت المداخلة الطابع غير المنظم للسوق في العراق وضيق نطاق المنافسة فيه كما اوضح عناصر ضعف القطاع الخاص في العراق ومعوقات قيامه بانتاج سلع متطورة قادرة على المنافسة، وشدد على اهمية تطبيق قوانين التعرفة الكمركية، وحماية المستهلك والمنتج الوطني لدعم الصناعة الوطنية.
ومن وجهة نظر فرحان قاسم، عضو مجلس محافظة بغداد، ان ورقة العمل ركزت على المعالجات الفنية ولم تتناول الجذور البنيوية للتمايزات والتفاوتات الاجتماعية التي نشهدها اليوم، ويرى ضرورة ان يتم التطرق إلى العقلية التي تحملها القوى المتنفذة المسؤولة عن نشوء هذه التمايزات. واورد الناشط السياسي والمدني الاستاذ فوزي البريسم والناشطة النسوية السيدة عفيفة ثابت امثلة معززة بالارقام عن ضآلة الموارد والمبالغ المخصصة لشرائح اجتماعية واسعة تعاني من ضنك العيش، كشريحة الارامل التي تتراوح اعدادها ما بين المليون والمليونين حسب التقديرات المختلفة إذ تحصل الارملة على منحة من شبكة الحماية الاحتماعية تبلغ 100 الف دينار شهريا اضافة إلى 15 الف دينار عن كل طفل لحد 5 اطفال، ومن الامثلة الساطعة على ضعف المنجز النقص المتنامي في مجال بناء الوحدات السكنية، حيث لا يزيد عدد الدور التي بناؤها عام 2012 عن بضعة آلاف في حين يقدر العجز باكثر من مليون ونصف وحدة سكنية ويزداد بمقدار 150 ا?ف وحدة سنويا. وتطرقت السيدة عفيفة إلى بعض مظاهر التمييز في عمل مؤسستي الشهداء والسجناء السياسيين إزاء ضحايا النظام الدكتاتوري، فيما اعتبر الاعلامي الاستاذ رعد الجبوري شكل النظام السياسي القائم على المحاصصة الطائفية منتجا للفساد، واشر إلى الهدر الكبير الكامن في ابواب شقي المموازنة العامة للدولة، الجارية والاستثمارية إلى جانب الفساد في تنفيذ المشاريع، ودعا إلى ان ترتفع اصوات جريئة ونزيهة لوضع النقاط على الحروف وتسليط الضوء على الاستحواذ غير المشروع على المال العام، وعزا خفوت اصوات الاحتجاج إلى اعتماد اكثر من خمسة ملايين موظف ومتقاعد وعوائلهم على الدولة، وشكك في قدرة القوى الماسكة بالسلطة على وضع الحلول واشر العلاقة بين نفوذ قوى الاسلام السياسي في المنطقة والريع النفطي.
وأكد الاعلامي الاستاذ جمعة الحلفي البناء المشوه للدولة في العراق حيث لا يتوفر من مقومات الديمقراطية سوى آلية الانتخابات، ويرى في غياب العدالة نتاجاً طبيعيا لسلطة من النوع القائم في العراق، واشار إلى ان التغيير لم يلغ كيان الدولة الاستبدادية والذي يجعل منها بقرة حلوب وغنيمة يدور حولها الصراع، ويتجلى ضعف الدولة في العراق بتدني مستوى الانتاجية للعاملين فيها حيث تقدر فترة العمل الحقيقي فيها ببضعة دقائق في اليوم. واشاد الاستاذ جمعة بورقة العمل وبما تحدده من مخارج للحلول واشر الحاجة إلى تعزيزها بالاليات التي تؤمن حضورها في الشارع وبناء مجموعات ضغط برلمانية وشعبية لتحويل المقترحات إلى قوانين وتشريعات.
وشددت د.صباح التميمي، عضو مجلس محافظة بغداد، على ضرورة التأثير على اصحاب القرار بتشكيل (لوبيات) اقتصادية، وعلى وضع الآليات والكيفيات وتحديد سقوف زمنية لاصدار التشريعات الضرورية وتنفيذها. فالاقتصاد العراقي هش وغير واضح الملامح ومتخذو القرار الاقتصادي لا معرفة لهم بالاقتصاد، واصلاح الاوضاع بحاجة إلى تشريعات جديدة واصلاح النافذة وهي من مهمات مجلس النواب، واشارت إلى بعض المظاهر السلبية في سلوك وأداء بعض اعضاء المجلس وفي عمل المجلس، ومنها ما يحول دون تفرغ النواب لعملهم، كتمتعهم ب"تفرغ علمي" صرفهم عن اداء مهمتهم الاساسية وسمح لحملة شهادة الثانوية منهم أن يحملوا شهادة دكتوراه. وفيما يتعلق بالعدالة الاجتماعية، تساءلت فيما اذا تشريعات الضمان الاجتماعي تلبي حاجة جميع الشرائح وعن ضمانات وصول المنح والمساعدات الاجتماعية إلى الفئات المستهدفة ذات الحاجة بسبب وجود صعوبات ومشاكل في تحديد وتصنيف الفئات فضلا عن الفساد، ما يؤكد ضرورة وجود الضوابط المناسبة والفاعلة.
واكد الخبير في المعهد العراقي للاصلاح الاقتصادي، توفيق المانع ما ذهب اليه بعض المتداخلين بشأن عدم وضوح طبيعة الاقتصاد العراقي وارجع ذلك إلى الغموض في مواد الدستور والقابلة لتعدد التأويلات. واورد امثلة عن ضعف المؤسسات المعنية برسم السياسة الاقتصادية وبالقرار الاقتصادي وبالاستثمار بسبب ضعف الكفاءة والتخصص والدراية ما انعكس على مستوى الاداء. وثمن الجهد المبذول في اعداد الورقة واقترح ان تدعم بارقام وجداول تتعلق بمستويات الرواتب والاجور في الدول المقاربة للعراق بالتطور، بما في ذلك للنواب والوزراء واصحاب الدرجات الخاصة وذلك لأغراض المقارنة والمحاججة. وشخص بعض الامتيازات ا?مفرطة الممنوحة لكبار المسؤولين والنواب والواجب تقليصها كعدد الحمايات اضافة إلى الرواتب. وبسبب الاوضاع العامة في البلاد والطابع البيروقراطي الثقيل للاجهزة الادارية وآليات عملها وانتشار الفساد يمتنع المستثمر الخارجي من المجيء لى العراق.
وتناول الرفيق د. حسان عاكف، الحزب الشيوعي العراقي في مداخلته الظروف المحيطة باعداد الورقة وارتباطها بالحراك الجماهيري، وما استهدفته من وضع خارطة طريق للاعطاء ترجمة عملية وواقعية للمطالب التي رفعتها الحركة الاحتجاجية، مبينا ان الورقة حرصت على شمول في معالجاتها العاملين في القطاعين العام والخاص وكذلك التصدي لظواهر الاثراء غير المشروع ولتحسين أوضاع شرائح المهمشين المختلفة الواجب شمولها بالضمان الاجتماعي، ويرى ضرورة ان تخرج الجلسة ومناقشاتها بتوجهات واقعية وملموسة مقنعة للحركة الاحتجاجية والتي سبقت الجميع في طرح المطالبات. واشار ايضا ?لى ان الشارع متحرك ويمتلك عنصر ضبط ذاتي، وما لم يتلقى اشارات جدية بالاستجابة لمطالبه المشروعة فقد يصعب ضبطه، ومؤسسات واجهزة الدولة هي المعنية بتأمين الآليات العملية للتنفيذ، وستكشف موازنة 2014 وتخصيصاتها مدى جدية الحكومة في تلبية المطالب المشروعة، وخصوصا بقدر ما يتعلق الأمر بتطبيق قانون التقاعد الموحد بعد اقراره.
وحذر د.احمد بريهي، نائب محافظ البنك المركزي سابقا وخبير اقتصادي، من النظر إلى تجربة الماضي بحنين، فالنظام الاقتصادي في ظل النظام السابق انتهى إلى الفشل، وتكمن جذور الفشل في البيئة الثقافية. ودعا د.أحمد إلى النزول إلى ما تحت سطح الأشياء في التحليل وعدم الاكتفاء بتوصيفها، فالمطلوب بناء اقتصاد عراقي انتاجي عبر دعم وتشجيع قطاعي الزراعة والصناعة اذ ان التصنيع ركيزة وقاعدة اساسية للتصنيع، وللدولة دور في مهم في هذه المرحلة واكد ايضا ضرورة التزامها بسياسة اجتماعية. ومن اسباب ضعف اداء الدولة عدم حماية المعرفة الاجتماعية المتخصصة والتفريط باصحاب المعرفة والخبرة والكفاءة واقصاءها من مواقع صناعة ورسم السياسة في مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية. وتناولت المداخلة واقع القطاع الخاص وضعفه في العراق حيث اشرفشل السوق والبرجوازية حتى الآن. وعلى صعيد سياسات الدعم الاجتماعي للفئات الضعيفة الدخل او لفئات لحق بها الضرر نتيجة سياسات التمييز والقهر، وبشكل عام في مختلف مجالات رسم السياسة الاقتصادية اكد ضرورة جعل العائلة كوحدة اساسية للسياسة الاقتصادية وليس الفرد، فذلك اكثر اتساقا مع هدف تحقيق مزيد من العدالة الاجتماعية. واقترح مجموعة من الاجراءات والخطوات العملية لتخفيض الامتيازات المفرطة التي يتمتع بها الوزراء وكبار الموظفين لازالة بعض الفوارق الحادة في الدخل في نظام الرواتب الحالي :
• وضع سقوف لمجموع المخصصات لكل درجة من درجات الوظيفة وبغض النظر عن مكان العمل (مثال : تجتمع احيانا مخصصات عديدة إضافة إلى راتب المدير العام ومخصصاته وقد يصل الراتب إلى عشرة ملايين دينار أو أكثر)
• خفض تخصيصات الايفاد من 400 دولار مع الفندق إلى 200 دولار مع الفندق للمدير العام ووكيل الوزارة و300 دولار مع الفندق،
• معالجة الرواتب والرواتب التقاعدية على اساس سلم جديد بغض النظر عن القوانين الأصلية،
• البدء بتشكيل منظومة اتصالات بالتعاون مع المجتمع الأهلي لتشخيص العوائل الفقيرة والوصول اليها. والاتفاق على حد ادنى من الدخل للعائلة مع أخذ الخصائص الديموغرافية.
وكان للقانوني والناشط المدني الاستاذ زهير ضياء الدين، رأي متميز في موضوع التشريعات، فهو يرى أن قانوني التقاعد والخدمة المدنية عادلان، إلا ان تشريعات ما بعد 2003 جاءت مهلهلة وصدرت وفق منطق رد الفعل تعتورها النواقص. وبشأن الخدمة المدنية فلا يعتقد أن استحداث سلم رواتب لا يحل المشكلة، وإنما المطلوب قانون خدمة مدنية جديد يستوعب الوضع الحالي، واصدار قانون التقاعد الموحد وقانون التأمينات الأجتماعية الذي يتألف من 143 مادة.
ويجد القائد النقابي هادي لفتة مكمن الخلل في بنية النظام، حيث خلقت سياسة واجراءات وتشريعات بريمر طبقة سياسية ذات امتيازات، كما يلاحظ ضعف شعور المواطنة، كما لا توضع المصلحة العليا كصمام امان ضد التمييز والهدر والفساد. ومن الاجراءات الضرورية لرفع مستوى معيشة الفئات ذات الدخل المتدني رفع الحد الأدنى لاجور العمال في القطاع الخاص من 110 الف دينار شهريا إلى 150 الف دينار، ودعا إلى اطلاق مبادرة صناعية على غرار المبادرة زراعية.
وبيّن د. مظهر محمد صالح، النائب السابق لمحافظ البنك المركزي والخبير الاقتصادي، ان في العراق دولة مشوهة اذ يمثل ما يخصص للتمكين الاجتماعي ولأشكال الدعم المختلفة ما يقارب 48% من الموازنة العامة وما يعادل 30% من الناتج المحلي الاجمالي في حين ان النسبة المعيارية التي ينطبق على دول الرفاه المقدمة لا تزيد على 20% من الناتج المحلي الاجمالي. لذا المسألة لا تكمن في المبالغ المخصصة لغراض اجتماعية وانما في طريقة الانفاق والجهات المستفيدة. ويرى ان الورقة يمكن ان تؤسس لوضع استراتيجية لدولة رفاه في المجتمع مستقبلية، وتقليل التفاوتات هدف رئيسي لاي مسعى في هذا الاتجاه، فاي استراتيجية بهذا الشأن يجب ان تقوم على مباديء تكافؤ الفرص والعدالة الاجتماعية و سياسة تمكين اجتماعي، ويخدم مشروع قانون التقاعد الموحد بهذه الوجهة. وفي تحليله لمشاكل الاقتصاد العراقي يرى ان المشكلة الأكبر تكمن في سوق العمل، حيث يوجد 4 ملايين موظف يوفر نظام التقاعد حماية لهم، مقابل 4 ملايين آخرين في القطاع الخاص مشمولين بتقاعد العمال من صندوق التقاعد الذي انحسرت مصادر تمويله مع توقف الحكومة عن تسديد حصتها، وكذلك ارباب العمل، رغم وجود مبالغ متراكمة سابقة في الصندوق تقدر بثمانية ترل?ون دينار، ويتراوح الاجر الشهري الادنى لعمال القطاع الخاص ما بين 120 و150 الف دينار، وتعكس مساطر العمال الطابع البدائي لتنظيم سوق العمل.
واعتبر الرفيق د. صبحي الجميلي، الحزب الشيوعي العراقي، اطلاق المبادرات في المجال الاقتصادي غير كاف مؤكدا الحاجة إلى رؤية وخطة استراتيجية تهتدي بها وتنفذها مؤسسات الدولة، واشر ضرورة الاهتمام بالعلاقة بين الرواتب والانتاجية، واهمية وضع حد ادنى للاجور يأخذ بعين الاعتبار معدلات التضخم وفق حركة مؤشر الرقم القياسي لاسعار المستهلك ومتوسط حجم العائلة ومستوى خط الفقر.

ورقة العمل

تشهد مختلف المدن والمحافظات العراقية حركات احتجاج شعبية متنامية ترفع مطالب مشروعة برفع الغبن عن الملايين من ابناء شعبنا نتيجة غياب الخدمات وعدم تمتعهم بابسط شروط الحياة الكريمة من عمل ودخل وسكن وتوافرهم على حد ادنى من البنى التحية الاقتصادية والاجتماعية الأساسية، وباصدار التشريعات واتخاذ الاجراءات اللازمة لايقاف الهدر في المال العام وسوء التصرف به. وتركز الغضب الشعبي على الفوارق الصارخة في مستويات الرواتب والاجور والرواتب التقاعدية والمنافع بين تلك التي تتمتع بها الرئاسات واصحاب الدرجات الخاصة واعضاء مجلس النواب وبين عموم العاملين، وخصوصا الموظفين والعاملين ضمن الدرجات الدنيا من السلم الوظيفي، ناهيك عن المستوى البائس لمبالغ الحماية الاجتماعية, وقد فاقت الفجوة بين الحد الأعلى والحد الأدنى للراتب أكثر من 50 ضعفا، وهي نسبة بين الأعلى في العالم وتمثل مؤشرا خطيرا لعمق الفجوة في المداخيل ولغياب العدالة الاجتماعية في توزيع الدخل.
وازاء تعمق الهوة بين الذين يملكون والذين لا يملكون، وبين الذين يتقاضون رواتب فلكية والذين لا يحصلون على مداخيل توفر لهم الحد الادنى من العيش الكريم، بات ملحا الاستجابة الجادة للمطالب الشعبية عبر التحرك السريع لاصدار القرارات والقوانين الهادفة الى معالجة هذا الواقع المختل القائم حاليا، ضمن برنامج متكامل وتصور شامل يتناسب مع الظروف المرحلية الاقتصادية والاجتماعية السائدة، وذلك باتخاذ الخطوات الاجراءات التالية:-
1- الأسراع في وضع سلم جديد وعادل لرواتب واجور لعموم موظفي الدولة على اسس علمية سليمة يزيل مظاهر التفاوت الحاد وعدم التوازن القائمة حاليا، كتلك القائمة بين رواتب الرئاسات الثلاث العاملين فيها وأعضاء مجلس النواب وبعض الوزارات التي لها امتيازات خاصة، وبين رواتب العاملين في عموم مؤسسات الدولة الأخرى.
2- على السلم الجديد تنظيم الحد الادنى والحد الاقصى للاجور بما يقترب من المعايير العالمية التي تقل فيها نسبة الحد الاقصى للاجور إلى الحد الأدنى عن 15 ضعفا، وعلى أن يأخذ بعين الاعتبار ايضا الخبرة وطبيعة العمل وتوفير الدافعية اضافة إلى سنوات الخدمة والشهادة لدى العاملين.
3- أن لا تقل اجور العاملين بأجر يومي في مؤسسات الدولة عن 400 الف دينار شهريا، ومراجعته دوريا للأخذ بعين الاعتبار معدلات التضخم وارتفاع معدلات نمو الدخل الوطني وبما يقود الى توفير حياة كريمة للمواطنين.
4- ومن اجل معالجة اكثر شمولا للاختلالات في مختلف جوانب واقع الوظيفة العامة حاليا، لا بد من اصدار قانون خدمة مدنية جديد يستوعب المواقع الحالي واصلاحه على اسس سليمة.
5- تشريع مشروع القانون الجديد الموحد للتقاعد واعتماد (500) الف دينار كحد أدنى وتخليصه من المفاهيم والنصوص المبهمة كالخدمة الجهادية، ورفع النسبة التراكمية في احتساب الراتب التقاعدي إلى أكثر من 2.5 بالمائة سنويا عن كل سنة خدمة.
6- ولأجل الاسراع في تشريع مشروع القانون الذي تم اقراره من قبل مجلس شورى الدولة ومجلس الوزراء، وحصل توافق عليه ولتلبية الحاجة الملحة للمتقاعدين، يمكن التصويت عليه فورا، وبشكل منفصل عن الرواتب التقاعدية لأعضاء مجلس النواب والدرجات الخاصة التي لا تزال موضع نقاش واختلاف ليصار إلى الحاقها بالقانون المشرع بعد توصل مجلس النواب إلى قرار بشأنها، و الذي نسعى من اجل الا يجري التسويف والمماطلة في انجازه.
ولأجل المعالجة الشاملة لمختلف مجالات وابواب الهدر في المال العام التي تتضمنها بنود الموازنة العامة للدولة، ينبغي أن يقترن السعي إلى إزالة الامتيازات الفائقة وغير المبررة التي تتمتع بها الرئاسات وموظفو الدرجات الخاصة وأعضاء مجلس النواب ومجالس المحافظات، باتخاذ قرارات واجراءات لمراجعة مختلف بنود الانفاق الحكومي ونظام المخصصات وحزمة الامتيازات الممنوحة للفئات السالفة الذكر، إضافة إلى إتخاذ اجراءات حازمة لمكافحة الفساد ومعاقبة الفاسدين والمفسدين. ولكي تتوصل المعالجات والاجراءات والقرارات إلى الهدف المنشود في تحقيق مزيد من الانصاف والعدالة في المجتمع وفي التصرف بالمال العام والحفاظ عليه من الهدر والاستحواذ، ينبغي ان تكون الاجراءات والخطوات التي يتم الاقدام عليها من تشريعات وأنظمة وقرارات ذات طابع شامل ومتكامل ومتوازن يكون اطارها:
أ‌- تقليص كلفة الإدارة الحكومية عموماً مع تحسين نوعيتها.
ب‌- تقليص النفقات التشغيلية لصالح الأستثمارية.
ت‌- محاربة الفساد المالي والإداري والسياسي الذي ينخر في جسم الدولة واقتصاد البلد وهو الظهير الأقوى للارهاب، وتفعيل الاجراءات والقوانين والقرارات الخاصة بذلك.
ولهذا الغرض ندعو إلى التالي:
1- تخفيض رواتب أعضاء مجلس النواب واصحاب الدرجات الخاصة بنسبة لا تقل عن الخمسين بالمائة.
2- اعادة النظر بنظام (قانون) تقاعد اعضاء مجلس النواب واعتماد مبدأ "المكافأة" بدلا عن الراتب لمن يشغل مواقع تمثيلية لإرادة الناخبين في المجالس التشريعية على صعيدي مجلس النواب ومجالس المحافظات، إسوة بما هو موجود في عدد من دول العالم.
3- اعتبار سنوات عضوية مجلس النواب سنوات خدمة تضاف إلى الخدمة الفعلية العامة الاخرى واخضاعها إلى قانون التقاعد الموحد مع الأخذ بنظر الاعتبار العمر ايضا.
4- التأكد من تفرغ النائب لعمل مجلس النواب وعدم اشتغاله أو توسطه في اي مشروع استثماري او في مهنة اخرى.
5- تقليص عدد الحمايات المخصص لكل نائب إلى 15 بدلاً من 30 حماية وربطهم ورواتبهم بوزارة الداخلية أو الدفاع، ويعاد النظر في هذه الاعداد باستمرار ارتباطا بتطورات الوضع الأمني.
6- اعادة النظر بكل المخصصات المفرطة لكبار الموظفين واعضاء مجلس النواب (النثريات الخاصة / المنافع الأجتماعية / التأثيث الترفي / توزيع الأراضي بدون ضوابط / السيارات الفارهة والمدرعة / الأيفادات...الخ والتي تشكل عبئا كبيراعلى ميزانية الدولة وتحد من حسن انفاقها، كما ينبغي مراعاة ذلك في عموم تخمينات الموازنة وبالذات في تقدير مجلس النواب.
7- الضرب بقوة على ايدي الفاسدين من كبار المسؤولين في الدولة، واحالة كبار المسؤولين المتهمين بقضايا فساد إلى القضاء.
8- تعزيز رقابة الدولة على الانشطة الاقتصادية الطفيلية التي تسرق مليارات الدولارات سنويا من ثروات الشعب.
9- التوجه إلى استخدام الاداة الضريبية لأغراض التوزيع وإعادة التوزيع العادل للدخل والثروة، عوضا عن التغيير في التعديل في مستويات رواتب واجور الوظيفة بعد وضع السلم الجديد للرواتب والأجور.
10- مراعاة حقوق عمال وموظفي القطاع الخاص ورفع الحد الأدنى للاجور ومراقبة الالتزام به.
11- مراقبة عمليات الإثراء غير المشروع، ووضع الضوابط واتخاذ الاجراءات اللازمة لمنع استغلال النفوذ للتطاول على المال العام والتصرف والاستحواذ على ممتلكات وعقارات الدولة من قبل كبار المتنفذين في الدولة وشركائهم والمحسوبين والمنسوبين لهم.
12- اصدار التشريعات والضوابط الفعالة للتصدي لمظاهر التكديس الفائق غير المشروع للثروات من قبل فئات طفيلية بيروقراطية راكمت اموالها نتيجة نشاطات المضاربة والاحتكار والتهريب والتزوير والابتزاز والتجاوز على المواصفات ومعايير الجودة والسلامة والحصول على المقاولات العامة بطرق غير مشروعة.
وتظل جميع هذه الاجراءات قاصرة ما لم يتم اصدار التشريعات الضرورية لأنشاء نظام متكامل وشامل للضمان الاجتماعي بما يوفر حياة كريمة لعموم المواطنين، وعيشاً لائقا للشرائح الفقيرة والهشة في المجتمع، وعلى وفق ما تنص عليه المادة 30 من الدستور.
ومن القوانين المهمة في هذا الصدد التي على مجلس النواب اعطاؤها الأولوية في المناقشة ومن ثم التشريع قانون التأمينات الاجتماعية، قانون العمل. ولأجل تجاوز المعالجات الجزئية والمشتتة لا بد من بلورة سياسة اجتماعية للدولة تعتمد العائلة كوحدة اجتماعية ليس الفرد تحقيقا لمزيد من الانصتف والعدالة.
إن دليل مصداقية مجلسي الوزراء والنواب هو ما ستتضمنه ميزانية عام 2014 من تخمينات وقانون واجراءات بصدد ما ورد اعلاه.

المشاركون في الحلقة

• أ. جمعة الحلفي / اعلامي
• أ. فوزي بريسم/ صناعي وناشط مدني
• أ. كامل مدحت/ ناشط سياسي
• د. احمد ابراهيم / صناعي وناشط مدني
• أ. زهير ضياء الدين/ قانوني وناشط مدني
• أ. مضر السباهي/ رئيس ابحاث في المعهد العراقي للاصلاح الاقتصادي
• أ. توفيق المانع/ خبير اقتصادي
• د. حسان عاكف/ الحزب الشيوعي العراقي
• د. صبحي الجميلي / الحزب الشيوعي العراقي
• أ. فرحان قاسم/ عضو مجلس محافظة بغداد
• أ. هادي لفتة/ قائد نقابي
• د. احمد بريهي العلي/ نائب سابق لمحافظ البنك المركزي وخبير اقتصادي
• أ. ابراهيم المشهداني/ خبير اقتصادي
• د. صباح التميمي/ عضوة مجلس محافظة بغداد
• أ. رعد الجبوري / اعلامي
• عفيفة ثابت / ناشطة نسوية
• أ. مفيد الجزائري / رئيس تحرير "طريق الشعب"
• أ. رائد فهمي / الحزب الشيوعي العراقي
• أ. جاسم الحلفي / الحزب الشيوعي العراقي
• د. مظهر محمد صالح / النائب السابق لمحافظ البنك المركزي العراقي وخبير اقتصادي