مدارات

المؤتمر الرابع لحزب اليسار الأوروبي ينهي أعماله / رشيد غويلب

انتهت يوم الأحد الفائت في العاصمة الاسبانية مدريد أعمال المؤتمر الرابع لحزب اليسار الأوروبي. وشارك في أعمال المؤتمر 300 مندوب يمثلون 30 حزبا ومنظمة، من القوى العاملة في الحزب، الذي تأسس في روما عام 2004 . وقد ناقش المشاركون في المؤتمر في الفترة 13- 15 كانون الأول الجاري، تأثيرات الأزمة الاقتصادية – المالية العالمية على أوروبا، وأجوبة اليسار الممكنة على تداعياتها. والوثيقتين الرئيستين المطروحتين للنقاش وهما: وثيقة سياسية بعنوان "معا من اجل بديل يساري لأوروبا"، وموضوعات برنامجية.
وهيمنت على أجواء المؤتمر الاستعدادات الجارية لخوض انتخابات البرلمان الأوروبي، التي ستجري في أيار عام 2014. وتحدث في كلمة الافتتاح بيير لوران السكرتير الوطني للحزب الشيوعي الفرنسي، ورئيس حزب اليسار الأوروبي، تحدث عن "نقطة تحول تاريخي" تعيشها أوروبا. لقد أدت 6 سنوات تعامل فيها الليبراليون الجدد مع الأزمة الى ميزانيات التقشف البربرية، والى هدم المكتسبات الاجتماعية والديمقراطية. ووصف القيادي الشيوعي اللجنة الثلاثية المؤلفة من صندوق النقد الدولي،المفوضية الأوروبية، والبنك المركزي الأوروبي، وصفها بـ"لصوص" الملكية العامة. لقد وصلت معدلات البطالة، الفقر، والمشردين في بعض البلدان الى حدود لا تطاق.
وعكست النقاشات وضوحا في شأن الأوضاع القائمة في القارة، وأيضا تنامي الوعي، والثقة بالنفس في صفوف الحزب. ورأت الأحزاب الشيوعية واليسارية المجتمعة في مدريد أن الوقت ناضج لتحقيق تحول سلمي ديمقراطي في أوروبا، وان الحملة الانتخابية لخوض انتخابات البرلمان الأوروبي تشكل منطلقا لتصعيد النضال، ولكن التخطيط وتعزيز العمل المشترك يمتلك طابع الاستمرار، ويتعدى يوم الانتخابات.
والتزمت جميع القوى المشاركة بالمؤتمر بانجاح المبادرات الرئيسة الثلاث التي أقرت وهي: حملة لوقف العمل باتفاقية منطقة التجارة الحرة TAFTA، قمة المديونية التي ستعقد في العاصمة البلجيكية بروكسل في آذار المقبل، والمنتدى الأوروبي السنوي للبدائل، الذي سيعقد لأول مرة في خريف العام المقبل.
واقر المؤتمرون الوثيقة السياسية التي صوت لصالحها 93 بالمئة من المندوبين، والموضوعات البرنامجية التي حصلت على ثقة 86,4 في المئة من المندوبين. وتضمنت الوثيقتان تدابير مختلفة من منظور اجتماعي يساري يركز على أولوية خلق فرص عمل، والسعي لتحقيق التنمية الاقتصادية والبيئية التضامنية، من خلال اعتماد نموذج اقتصادي جديد يتخلى عن "خطط التقشف" لتجنب "الكارثة الإنسانية"، و إصلاح السياسة الزراعية المشتركة لضمان "السيادة الغذائية". وإيقاف العمل باتفاقية التجارة الحرة بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية، واحتوت الوثيقة السياسية على مقترحات بشأن التحرر من هيمنة الأسواق المالية، و من أجل وضع الاقتصاد في خدمة الشعب. وأكدت الوثيقة بوضوح أن حزب اليسار الأوروبي لا يسعى إلى التخلي عن اليورو، لأن ذلك لا يؤدي تلقائيا لتحقيق المزيد من السياسات التقدمية.
واقترح المؤتمر تعليق العمل باتفاق الاتحاد الاوروبي مع إسرائيل، لحين توقف الأخيرة عن انتهاك حقوق الإنسان، والقضاء على القواعد العسكرية للدول الأعضاء خارج حدود الاتحاد الأوروبي.
وأعاد المؤتمر انتخاب قيادته الجديدة لثلاث سنوات قادمة، التي ضمت الى جانب آخرين، السكرتير الوطني للحزب الشيوعي الفرنسي بيير لوران رئيسا لحزب اليسار الأوروبي، وكل من الكسيس تسيبراس (حزب اليسار اليوناني)، مايتي مولا (اليسار الاسباني المتحد)، ماريسا ماتياس (حزب اليسار البرتغالي) نوابا للرئيس، وديتر ديم (حزب اليسار الألماني) أمينا للصدوق. وصوت 84 في المئة من المندوبين لصالح تسمية زعيم حزب اليسار اليوناني، ونائب رئيس حزب اليسار الأوروبي الكسيس تسيبراس مرشحا مشتركا لمنصب رئيس المفوضية الأوروبية لخوض انتخابات البرلمان الأوروبي المقبلة.
وبانتهاء أعمال المؤتمر، أنهى حزب اليسار الأوروبي ثلاثة أيام من العمل المكثف على أرضية من وحدة القرار تجعل الحزب كما وصفه بير لوران "قوة فاعلة في الصراع الطبقي". واستمرار الأحزاب والمنظمات الأعضاء في الحزب بمقاومة سياسات التقشف، وخصخصة الملكية العامة الجائرة. ومع انتهاء أعمال هذا المؤتمر أصبح الحزب قوة هامة على الساحة العالمية، هذا ما أكده نائب الرئيس البوليفي الفارو غاريسيا لينيرا في كلمة التحية التي ألقاها في المؤتمر، الذي أكد أن اليسار الأوروبي، لا يقف وحيدا في نضاله، وعبر عن قناعته في قدرة اليسار على "إخراج أوروبا من العتمة"، التي غرقت بها، بعد مرحلة أفكار التنوير العالمية الكبرى.