مدارات

بيان المكتب السياسي للمنبر الديمقراطي التقدمي - البحرين

نحو حل سياسي شامل يستجيب للمطالب الشعبية ويجنب بلادنا التدخلات والإملاءات الخارجية أو المحاصصة الطائفية أو القبلية
التقدمي يدعو لوقف الانتهاكات والتعذيب وتجريم العنف وتهيئة الأجواء وطرح مبادرة للحل السياسي الشامل

عقد المكتب السياسي للمنبر الديمقراطي التقدمي اجتماعه الدوري مساء السبت الموافق 21 ديسمبر/كانون الأول 2013 ، والذي خصص جانبا مهما منه لمتابعة الأوضاع التنظيمية، بالإضافة الى تدارس ما تشهده البلاد من أوضاع سياسية وحقوقية وأمنية محتقنة، باتت تفرز بذورها تداعيات وانعكاسات خطيرة على مختلف المستويات، حيث كثفت السلطات خلال الفترة الماضية من حملات الاعتقال والمداهمات اليومية في مختلف المدن والقرى والأحياء واستمرت في ملاحقة النشطاء في مختلف مناطق البلاد، علاوة على استمرار المحاكمات الجائرة وما تصدره من أحكام تعسفية بحق العديد منهم. إننا ندعو السلطة إلى الاستجابة للمبادرة الأخيرة التي طرحتها الجمعيات السياسية المعارضة أو أن تقوم من جانبها بطرح مبادرة سياسية وطنية تخرج البلاد من أزمتها السياسية المستفحلة التي شارفت على دخول عامها الرابع دون أفق منظور للحل السياسي الشامل.

وانطلاقا من ذلك، يؤكد المنبر الديمقراطي التقدمي على مسؤولية مختلف الأطراف الفاعلة وعلى رأسها الدولة باعتبارها الطرف المعني بحل الأزمة السياسية التي تمر بها البلاد، بعدم السماح تحت أي ظرف بإدخال البحرين وشعبها في اتون مشتعل من الصراع الطائفي المقيت الدخيل على مجتمعنا المسالم، والسعي بدلا من ذلك الى دعم القناعة الشعبية والسياسية بأهمية وضرورة الحوار السياسي الجاد للتعامل مع مختلف القضايا والمصاعب التي تمر بها البلاد منذ عقود. فقد أكدنا مرارا ومعنا مختلف قوى المعارضة السياسية والعديد من الشخصيات الوطنية على ضرورة التعاطي بحس من المسئولية والحرص تجاه ما يجري في البلاد على خلفية الأزمة السياسية والدستورية المستفحلة، عبر ما طرحناه باكرا من مبادرات للحوار الوطني ودعوات لتهيئة الأجواء الملائمة أمام الحل السياسي الشامل، من خلال وقف التحريض الإعلامي والبدء في بناء جسور الثقة بين مختلف الأطراف، وفتح وسائل الإعلام أمام كافة القوى السياسية والمجتمعية دون تمييز أو إقصاء، وإطلاق سراح سجناء الرأي وفق التزامات مملكة البحرين الدولية، والتنفيذ الأمين لتوصيات اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق وتوصيات مجلس حقوق الإنسان العالمي في جنيف، وإحداث عملية الانفراج الأمني والسياسي المطلوبة وإشاعة أجواء تصالحية في البلاد، ووقف الانتهاكات والاعتقالات والتعذيب والمداهمات التي تمارسها الأجهزة الأمنية، ولجم توجهات السعي المحموم لتشطير المجتمع على أساس طائفي ومذهبي وقبلي وتجريم التمييز بين المواطنين. وقد أبدينا مع قوى المعارضة الوطنية المشاركة في الحوار تجاوبا سريعا مع دعوات التشاور الجانبية مع الحكومة، لكننا لم نجد الجدية المطلوبة لتفعيلها لاحقا. وعلى العكس، فقد قامت السلطة عوضا عن ذلك بإصدار قرارات مقيدة تستهدف عزل الجمعيات السياسية عن المجتمع الدولي، كما يسعى مجلس النواب حاليا وبإيعاز مفضوح من بعض الجهات لإجراء تعديلات على قانون الجمعيات السياسية تستهدف التضييق على عمل الجمعيات السياسية وإعاقة الممارسة السياسية.

وبمناسبة صدور التقرير السنوي العاشر لديوان الرقابة المالية والإدارية، توقف المكتب السياسي للمنبر التقدمي أمام ما أظهره التقرير الأخير من أرقام وحقائق مذهلة تظهر بوضوح حجم ما يعتمل في مختلف الوزارات والإدارات والأجهزة الحكومية المسموح للتقرير بتغطيتها من ممارسات فساد وتجاوزات وتعدّيات على المال العام وموارد الدولة، والتي اعتاد التقرير على إظهار جانب يسير منها طيلة العشر سنوات الماضية، لكنه يدلل بوضوح على حجم عدم المبالاة والتسيب والعجز لدى مختلف الأجهزة الرقابية والإدارية في السلطة التنفيذية، وكذلك هو الحال في تعامل تلك الجهات مع قضايا الفساد الصغرى والكبرى منها على حد سواء، والتي كان آخرها قضية الفساد الكبرى المعروفة بقضية البا- الكوا المعروضة أمام المحاكم البريطانية والأميركية منذ سنوات كإحدى أكبر قضايا الفساد من نوعها والتي تظهر بوضوح حجم التلاعب بالمال العام وعلى أعلى المستويات الإدارية في الدولة، في ظل صمت مطبق للمحاكم البحرينية التي نأت بنفسها عن هذه القضية الهامة، وكذلك فعل مجلس النواب الحالي، الذي عجز عن مجرد ملامسة هذه القضية التي تكبل أحد أهم المشروعات الصناعية بعقود خاسرة ومكلفة لأكثر من 44 عاما. لقد انتهت المحكمة في لندن إلى التوقف عن الاستمرار في أعمالها وإغلاق الملف دون إدانة المتهمين، ما يثير لدينا ولدى الرأي العام العالمي الكثير من التساؤلات. كما سجلت البحرين تراجعا كبيرا هـذا العام في ترتيبها في مؤشر مدركات الفساد العالمي ليصل للمرتبة 57 عالمياً. وفي ذات السياق تتجاوز المديونية العامة للدولة أكثر من 13 مليار دولار من دون مبرر موضوعي. ويستمر التخبط الإقتصادي والإداري في مختلف أجهزة ووزارات الدولة وتضيع الرؤية الإقتصادية والإجتماعية لدى الحكومة عبر ما تجترحه من إجراءات غير مدروسة للتعاطي مع مسائل على جانب كبير من الأهمية، كتلك المتعلقة بالتلويح برفع الدعم عن بعض السلع الأساسية وغيرها دون الأخذ ببدائل وممارسات مجربة تكون أكثر نجاعة وأقل خطرا على المجتمع واستقراره.

وأمام هكذا أوضاع وتراجعات تعيشها بلادنا على مختلف الصعد، فإننا في "المنبر الديمقراطي التقدمي" نجدد تأكيدنا على ضرورة أن يكون الحل السياسي المنشود نابعا من مجتمعنا ومن إرادة قواه السياسية الحية، مطالبين السلطة باعتبارها الطرف المعني بالأزمة السياسية والدستورية أن تمتلك الإرادة السياسية الحقيقية للتقدم نحو الحل السياسي القائم على أساس تحقيق المطالب المشروعة والعادلة لشعبنا وتحقيق مبدأ الشراكة الشعبية في صياغة قرارانا الوطني، بحيث تقوم على قاعدة راسخة من التوافق الوطني بين مختلف مكونات المجتمع البحريني وقواه السياسية الفاعلة لتجنيب بلادنا أي نوع من التدخلات أو الإملاءات الخارجية، وبعدم السماح بأي نوع من المحاصصة الطائفية أو القبلية. ففي ظل الأخطار والتحديات المحيطة غدت بلادنا بحاجة ماسة إلى الشروع في خطوات مصالحة وطنية وتهيئة أجواء مواتية تُعيد لشعبنا ثقته في المستقبل وتعزز من تلاحمه الوطني، ليصبح بعدها استئناف الحوار الوطني وسيلة لا غنى عنها لفتح صفحة جديدة منتجة بين السلطة وقوى المجتمع، يكون عنوانها التوافق على خارطة طريق تستشرف المستقبل وترسم لبناء الدولة المدنية الديمقراطية المنشودة. وعلى طريق تحقيق ذلك فإننا نناشد أيضا القوى والفئات التي تعتمد التحريض والشحن الطائفي وممارسة العنف وقف هذه الممارسات المجرّمة انطلاقا من واجبها الوطني، وأن تتجه عوضا عن ذلك للإسهام الجدي في تخفيف حدة التوتر والعمل مع جميع القوى الخيّرة على إعادة تلاحمنا الوطني، من أجل تحقيق طموحاتنا الوطنية المشروعة نحو الديمقراطية والسلم والتقدم الاجتماعي. كما نجدد دعواتنا للمجتمع الدولي وخصوصا دول المنطقة والدول الصديقة للنظام إلى أن تعي جيداً مخاطر تفاعلات وارتدادات ما يجري في بلادنا البحرين باعتبارها بوابة رئيسة لحالة الاستقرار المطلوبة بشدة في هذه المنطقة المهمة من العالم التي تتنازعها صراعات سياسية إقليمية شائكة ومعقدة، بأن تبدي تفاعلا مسئولا وإيجابيا يحفّز كافة الأطراف على الدخول في حوار وطني جاد يحفظ لبلادنا وحدتها ويصون مصالح شعبنا في تحقيق طموحاته المشروعة في قيام دولة مدنية ديمقراطية تحقق العدالة والمساواة للجميع في وطن آمن ومستقر.

المنبر الديمقراطي التقدمي- البحرين
23ديسمبر/ كانون الأول 2013