مدارات

تفجير الدورة يثلم فرحة عيد الميلاد

بغداد – طريق الشعب:يحتفل أبناء الطائفة المسيحية في العراق بأعياد الميلاد المجيد، والأمل في نفوسهم بأن يعم الأمن والسلام في ربوع العراق، بالرغم من تناقص أعداد المحتفلين عاما بعد عام.
ففي بغداد نغص تفجير سيارة مفخخة بالقرب من كنيسة مار يوحنا في منطقة الدورة، جنوبي بغداد بهجة العيد، وأسقط عددا من الضحايا.
وبحسب ما أفاد به الناطق الرسمي لعمليات بغداد، أمس الأربعاء، فأن حصيلة انفجار السيارة المفخخة في منطقة الدورة جنوبي بغداد انتهت عند 31 قتيلا و59 جريحا.
وقال سعد معن في بيان صحفي إن "حصيلة انفجار السيارة المفخخة في السوق الشعبية قرب كنيسة مايو حنا، في حي الميكانيك بمنطقة الدورة، جنوبي بغداد، انتهت عند مقتل 31 قتيلا و59 جريحا".
بيد أن هذا الحادث لم يثن كنائس أخرى عن إتمام احتفالاتها، إذ أكدت ادارة كنيسة مار يوسف للسريان، أنها ستبقى "حاملة رسالة محبة" كون العراق جريحا وبحاجة الى تكاتف الجميع، وطالبت المسيحيين المهاجرين "بالعودة الى العراق وإيقاف الهجرة". وفيما دعت الحكومة العراقية الى "توفير حقوق كاملة للمسيحيين كما متوفر للأغلبية"، وصف رئيس المجلس الاعلى عمار الحكيم المسيحيين بأنهم "شركاء في البلد ويشكلون جزءا أساسيا في باقة الورد العراقية".
وقال المنسنيور بيوس قاشخ وليد كنيسة مار يوسف للسريان، على هامش احتفال الكنيسة في منطقة المنصور ببغداد، "اليوم نحتفل بذكرى ولادة عيسى الحي وكما ذكره القرآن الكريم وولادة يسوع المسيح هي ولادة السلام والمحبة والخير والبركة لكل البشرية دون استثناء".
وأضاف قاشخ أن "أمنياتنا، ونحن مقبلون على عام جديد، هي أن يعم الامن والامان على بلدنا وشعبنا العزيزين"، مؤكدا "ونحن كمسيحيين سنبقى حاملين رسالة محبة خاصة ان بلدنا جريح وهو بحاجة الى تكاتف الجميع ورص الصف لتوحيد كل المكونات".
وتابع وليد كنيسة مار يوسف قوله "نوجه كلمة لكل من غادر بلدنا من المسيحيين بالعودة الى العراق وإيقاف هذه الهجرة من اجل ان تكون هناك شراكة وطنية حقيقية مع كل مكونات الشعب العراقي من مسلمين وصابئة وغيرهما من الديانات"، ودعا الحكومة الى أن "توفير حقوق كاملة للمسيحيين كما متوفر للأغلبية دون نسيان الأقليات من اجل أن نحيا في بلدنا بكل محبة واحترام".
هذا واحتفل العشرات من المسيحيين في كركوك، بعيد الميلاد مع اقامة قداس الصلاة في عدد من الكنائس مع تنامي مخاوف بعض العائلات من استمرار معدلات العنف في العراق، فيما شددت قيادة شرطة كركوك من الاجراءات الأمنية حول الكنائس.
وقال رئيس الكنيسة الكلدانية في العراق والعام البطريرك لويس روفائيل ساكو الاول في بيان تلقت "طريق الشعب" نسخة منه، إن "من يقف عند الظروف المحبطة والتحسر على أيام زمان يخطئ الخطأ القاتل، وحده من يدخل الى عمق الأمور يقدر ان يكتشف فيها دعوة جديدة وعلامة جديدة ورجاءً لحياة جديدة".
وأضاف ساكو "إني واثق من ايمانكم وصلاتكم وصمودكم وأشكركم على ثباتكم، فإنكم ما تزالون تحملون بشجاعة قبساً من الرجاء والنور والقوة على مثال ابينا ابراهيم من اور الكلدانيين"، موضحاً أن "كان واحداً وأنتم كثر وهو بثقته وصموده حتى النهاية غدا أب المؤمنين جميعاً".
وطالب ساكو المسلمين بـ"الانضمام لمشروع السلام، لان بشرى الميلاد هي للجميع ولنتعاون معا من اجل ايقاف منطق العنف والاقتتال والاعتداءات"، داعياً إلى "تفعيل منطق الحوار من اجل تحقيق السلام والاستقرار والحرية والكرامة والعدالة في بلداننا التي تنهشها الصراعات".
من جانبه، أكد راعي كنيسة مار يوسف في منطقة الكرادة ببغداد، امس الأربعاء، استمرار هجرة المسيحيين من العراق بسبب "الاوضاع غير المستقرة"، مشيرا الى أن الاوضاع لن تستقر إلا "بمصالحة سياسية حقيقية".
وقال الاب سعد سيرو لـوكالة "السومرية نيوز"، إن "هجرة المسيحيين مستمرة من العراق"، عازيا ذلك الى "الأوضاع غير المستقرة في البلد التي تدفع بالكثير من الناس الى تركه والخروج منه".
ودعا "الاطراف السياسية كافة، الى عقد جلسة مصالحة حقيقية، فلا أمان ولا سلام بدون مصالحة"، مشددا على أن "الجميع عليهم الالتفات للعراق الذي لم يعد اسمه يطرق بصورة صحيحة بل كل طرف يعمل لطائفته ودينه ومذهبه".
وأشار إلى أن "المسيحيين يرغبون بان تكون الانتخابات المقبلة نزيهة وديمقراطية وشفافة وتؤسس للغة الحوار والتفاهم"، مؤكدا أن "هذا فقط هو الذي يجلب السلام ويجعل الناس تغير رأيها ولا تهاجر من البلد".
في حين، كشف محافظ ديالى عمر الحميري، امس الاربعاء، أن المحافظة فقدت 90 في المئة من أعداد الطائفة المسيحية على مدار العقد الماضي بسبب العنف والتطرف، في ما أكد وجود مساع لفتح كنيسة في ديالى يقام فيها القداس الخاص بالمناسبات الدينية.
وقال الحميري في بيان تلقت "السومرية نيوز"، نسخة منه إن "حكومة ديالى المحلية تهنئ الطائفة المسيحية بقدوم اعياد الميلاد ورأس السنة الميلادية"، متمنيا لهم "دوام السعادة والسلام والاستقرار في بلدهم العراق".
وأضاف الحميري أن "الطائفة المسيحية مثل بقية الطوائف تعرضت الى هجمة شرسة من قبل قوى العنف والتطرف خلال العقد الماضي ما ادى الى نزوح نحو 90 في المئة منهم الى مناطق خارج ديالى"، لافتا إلى أن "حكومة ديالى تنظر للمسيحيين على انهم جزء هام في المنظومة الاجتماعية وستعمل ما بوسعها لإعادتهم من جديد الى مناطقهم".
واشار محافظ ديالى الى "وجود مساع لفتح كنسية للمسيحيين داخل المحافظة من اجل ان يقام فيها القداس الخاص بالمناسبات الدينية للطائفة"، مبينا أن "المسلمين والمسيحيين يمثلان حالة تناغم وانسجام وطني داعم للوحدة والاستقرار والامان".
يذكر أن آلاف العوائل المسيحية نزحت من مختلف أنحاء العراق باتجاه إقليم كردستان بعد تزايد وتيرة استهدافها سواء بصورة فردية أم عبر كنائسها، بعد سنة 2003.
ويتعرض المسيحيون في العراق إلى أعمال عنف منذ سنة 2003 في بغداد والموصل وكركوك والبصرة، من بينها حادثة خطف وقتل المطران الكلداني الكاثوليكي بولس فرج رحو في آذار 2008، فيما كان أبرزها حادثة اقتحام كنيسة سيدة النجاة من قبل مسلحين تابعين لتنظيم القاعدة في سنة 2010.
وتعرضت كنيسة سيدة النجاة التي تقع في منطقة الكرادة وسط العاصمة بغداد، لاقتحام من قبل مسلحين ينتمون إلى تنظيم القاعدة، في الحادي والثلاثين من تشرين الأول 2010 الماضي، احتجزوا خلالها عشرات الرهائن من المصلين الذين كانوا يقيمون قداس الأحد، وأسفر الاعتداء عن مقتل وإصابة ما لا يقل عن 125 شخصاً، وقد تبنى الهجوم تنظيم ما يعرف بـ"دولة العراق الإسلامية" التابع لتنظيم القاعدة، مهدداً باستهداف المسيحيين في العراق مؤسسات وأفرادا.
وكان المسيحيون يشكلون نسبة 3.1 بالمئة من السكان في العراق وفق إحصاء أجري عام 1947، وبلغ عددهم في الثمانينات بين مليون ومليوني نسمة، وانخفضت هذه النسبة بسبب الهجرة خلال فترة التسعينات وما أعقبها من حروب وأوضاع اقتصادية وسياسية متردية، كما هاجرت أعداد كبيرة منهم إلى الخارج بعد أحداث غزو العراق.