مدارات

على شرف الذكرى الثمانين / كلمة العيادة الطبية الشيوعية بمناسبة الذكرى العاشرة لتأسيسها

الصديقات العزيزات .. الأصدقاء الأعزاءالرفيقات العزيزات ..الرفاق الأعزاء
الصديقات والأصدقاء ،الرفيقات والرفاق خارج الوطن
تحية طيبة
تحية الحب والسلام والعرفان ..وتحية حب الوطن والشعب والعمل والأمل ..
أهلاً وسهلاً بكم في احتفالنا بالذكرى العاشرة لتأسيس العيادة الطبية والتي تتزامن هذا العام من بدء احتفالات شعبنا بالذكرى الثمانين لتأسيس حزبنا الشيوعي العراقي.
لقد انطلقت العيادة الطبية الشيوعية في الأشهر الأولى بعد قبر الدكتاتورية عام 2003 ، ومن هنا ، من هذا المكان الذي نقيم فيه احتفالنا ..
انها الانطلاقة التي أسست لما أُنجز لاحقاً ، نحن نحتفل أيها الأحبة بالذكرى العاشرة لزرع احدى بذرات العمل .. بذرات النشاط .. ونضيف فرعاً جديداً في شجرة حب الكادحين والعمل بينهم ..
من هنا ومن هذا المكان حملنا ما جادت به نفوسكم النقيّة ونفوس كلِّ أصدقائنا ومحبينا والمتعاطفين مع حزبنا في داخل الوطن وخارجـِه ، وانطلقنا الى أماكن سكنى المواطنين وتحديداً المعدَمين والفقراء منهم.
أيها الحضور الكريم
إنها جذوة في النفس بقيت تشتعل ولحين تحقيق ما يحلم به كل وطني وكل ديمقراطي وكل شيوعي حاثين الخطى ومقتفين أثر من سبقونا من المناضلات والمناضلين في القِطاع الطبي ولنا بالفقيدة الكبيرة الرفيقة الدكتورة نزيهة الدليمي قدوة المهنة والنضال ،إنها الرغبة الصادقة في خدمة الناس، أهلنا الذين لم يُنصَفوا طوال خمسين عاماً منذ اغتيال ثورة 14 تموز عام 1958، فزادت بلواهم الاقتصادية والاجتماعية وانعكست على صحتهم جراء واقعٍ مزرٍ من الخدمات الصحية والبيئية، إنها الرغبة الصادقة والمبدئية في خدمة هؤلاء الناس رغم محدودية الإمكانيات وعسر التطبيق ،رغم بساطة الأدوات والعمل بالممكن .. والممكن هذا، كان واسع وكبير جداً

بمفهومه النضالي الذي يمتلكه الشيوعيون ، فانبرى رفاقكم ليكونوا من وسائل وأدوات الحزب للعمل بين الجماهير، ومما زاد في تحقيق المنجز طوال عقدٍ من الزمن ، هو التعاضد الكبير والتفاعل الحيوي والإسناد المباشر من قبل اللجنة المركزية للحزب، ومن قبل كافة تنظيمات الحزب في الداخل والخارج وكذلك من قبل أصدقاء ومحبي حزبنا.
أيها الأحبة
لقد تعرفنا من كثب على حجم المعاناة التي يعاني منها المواطنون من خلال ترجمة مبادئ حزبنا العظيم الى واقعٍ ملموس بالتواجد الميداني معهم في محلاتهم وشوارعهم وأزقتهم وبيوتهم وعشوائياتهم وهياكل الصفيح ، إنهم ـ أيتها الصديقات والأصدقاء ، أيتها الرفيقات والرفاق ـ يعانون معاناةً جمّة من أحوالٍ بيئية لا تتناسب مع ما تختزنه أرض الرافدين من خيرات ، ويعانون من أوضاعٍ صحية متمثلة بانتشار الكثير من الأمراض المتوطنة والانتقالية والأمراض المزمنة والحادة، فشكلّت سبباً آخر من أسباب الموت بين العراقيين الى جانب ضحايا الإرهاب الوحشي الذي تشهده البلاد ،وإنهم يعانون من سوء الخدمات وبؤس الرعاية وهذا ما يتقاطع مع ما أقرّه الدستور في حق المواطن بالرعاية الصحية الكاملة ، فالواقع يؤشر الى قلة المؤسسات الصحية وسوء توزيعها وشح الكوادر الطبية والصحية بمختلف العناوين، وكذلك محدودية الأجهزة التشخيصية والعلاجية، مما فتح الأبواب على مصاريعها أمام الفساد الإداري والمالي ،ناهيك عن الأسلوب السائد في التعامل مع المرضى والذي يتدنى في الغالب من الأحيان الى خدش كرامة المواطن وآدميته، كما لابد من الاشارة بأنه جراء الفوضى الضاربة في كل نواحي الدولة فقد انفلتت أجور الكشف في المستشفيات الأهلية وفي العيادات والمختبرات كما انفلتت أسعار الأدوية وأصبحت تأكل المواطن كما يأكل المرضُ به، كما تأكد استفحال ظاهرة سلبية أخرى في مثل هذه الأجواء ألا وهي ظاهرة السمسرة حيث تحوّل ـ وللأسف الشديد ـ مرض المواطن الى سلعة يتلاعب بها الطفيليون.
وبغياب الرقابة الصحية وتلوث البيئة بشتى أنواع الملوثات فقد انتشرت الأمراض الانتقالية بشكلٍ ملفت جداً ،بل ساعدت هذه الأجواء على ظهور أمراض جديدة فضلا عن "انتعاش" أمراض كانت منقرضة أو ساكنة.
وإزاء هذه الصورة غير المشرقة في واقع الخدمات الطبية والصحية ، فقد تزعزعت ثقة المرضى العراقيبن بدولته وراح المتمكن منهم يبحث عن الشفاء خارج الحدود.
ونضيف، فمع التراجع المستمر في ادارة الحكومة الناتج عن أزمتها والتي أدت الى زيادة أعداد العراقيين الفقراء وزيادة الأميين بينهم، قد أصبحنا نواجه معضلة كبيرة ألا وهي غياب الوعي الصحي لدى المواطنين مما فسح المجال واسعاً أمام المشعوذين والدجالين أن يدخلوا في حملة الإجهاز على ما تبقى من المريض العراقي.
أيها الحضور الكريم
إن أحدى الظواهر التي نعاني منها هي الأعداد الكبيرة من المواطنين في حصة كل طبيب وقد جاوزت عشرات الألوف، في حين تسعى الكثير من دول العالم الى تخفيض معدل عدد مواطنيها للطبيب الواحد مما يتيح الفرصة أمام الأداء الأفضل، ويقابل ذلك تناقص واضح في أعداد أطبائنا جراء ما تعرضوا له من اغتيالات ومن تجاوزات على الكرامة والمنزلة العلمية بسبب سطوة "وَجهة سلبية" في التكوين العشائري وهي غريبة عن قيمنا العشائرية ولا تليق بها، إضافة الى انفلات القيم الاجتماعية باتجاه البلطجة بسبب ما انتجته الدكتاتورية المقبورة من تحريف واضح لأخلاق المجتمع ،فأدى كل ذلك الى مغادرة الكثير من اختصاصيينا وغيرهم من الأطباء أرض الوطن تاركين بلداً لا تستطيع حكومته أن تحميهم وتصون كرامتهم، ولا بإمكانها أن تبسط الأمن والأمان.
أن السياسة الصحية في البلد يشوبها الكثير من السلبيات متمثلة بفوضى التخطيط العلمي وفقدان الجدية والإخلاص في البناء والانجاز ومحدودية المخصصات المالية من الميزانية الاتحادية السنوية ، فضلاً عن غياب الشفافية في كل شيء ناهيك عن الفساد المستشري في هيكل المتابعة والتفتيش فأصبح كل من هبّ ودبّ يتخذ من مهنة الطبابة وسيلة لعيشه والثراء منها في الوقت نفسه.
إن التوجه نحو خصخصة القطاع الصحي بشكل تام يعني مزيداً من الأمراض ومزيداً من ضحاياها، وهذا ما نناضل ضده ونحذر من مغبة تحقيقه لأن من شأن ذلك الإجهاز الكامل على الرمق الأخير في جسد المواطن.
أيها الحضور الكريم
وأمام كل هذه الصورة غير المفرحة ، فهناك جانب مشرق في حياتنا حيث انبرى رفاقكم في العيادة الطبية الشيوعية من أجل التواجد مع معاناة الشعب، وتعاملنا من أحد أضلاع ثالوث الفقر والجهل والمرض ، وبالإمكانيات المتاحة، فانطلق رفاقكم في هيأة الأطباء في الحزب بالخيمة الطبية وجالوا بها العديد من مناطق بغداد ،وكذلك الحال ما أنجزه رفاقنا في كربلاء والناصرية، وقد نالت الخيمات الطبية استحسان الرفاق والأصدقاء.
ولأجل تنويع أساليب العمل واستغلال أقصى الطاقات برزت الحاجة الى ايجاد نوع آخر من أنواع العمل الميداني فكانت ولادة فكرة الطبيب الشيوعي الجوّال وكانت أول فعالية منها في شهر كانون أول من عام 2004 وقد أنجزنا لحد اليوم 159 فعالية إضافة الى 379 زيارة طبية الى بيوت رفاق الحزب وأصدقائه.
الحضور الكريم
إن الحديث عن فعالية الطبيب الجوّال ذو شجون كما يُقال ، فلكل فعالية من الفعاليات الـ (159) قصة، جرت فيها الكثير من الأحداث المفرحة في أغلبها والمؤلمة في القليل منها، وخصوصاً حينما تعترضنا الجهات الأمنية الرسمية ، فقد وصلت في بعض الأحيان الى حد الحجز لعدة ساعات ،ومع ذلك فقد حطت ركاب فعالياتنا في أبعد مناطق بغداد عن المركز وأكثرها تخلفا بيئياً ومعاناةً بنقص الخدمات أو أسوئها ، لقد وصلنا الى الذين نستهم الحكومات المتعاقبة ونساهم الزمن ،وأدخلنا جريدة الحزب في بيوت تلك المناطق وميّز أهالي تلك المناطق، الحزب المدافع عن حقوقهم عن أحزاب السلطة أو الأحزاب الطارئة ،وأضيفت الى قناعاتهم قناعاتٌ أخرى بأن الحزب الشيوعي العراقي ليست له مصلحة انتخابية لأن هذه الفعالية كانت تنجز في أغلب أوقات السنة لا تلتفت الى مناسبةٍ ما عدا مصلحة سكان تلك المناطق، ولم تقتصر هذه الفعالية على بغداد فقط، فقد أقمناها في كركوك في كاورباغي عام 2006 وأقمناها في تللسقف والقوش في عام 2011 والآن وقبل مدة وجيزة خلال عام 2013 أقمناها في بعشيقة وبحزاني بالموصل وفي جيزاني الجول بمحافظة ديالى وكذلك في النعمانية بمحافظة واسط.

أيها الحضور الكريم
كل هذا المنجز ما كان ليُنجز لولا الجهود الجبارة التي بذلها رفاقنا في تنظيمات المحليات التي أقيمت في حدودها الجغرافية تلك الفعاليات ،وكانوا خير من يختار مواقع أقامتها وبالمقابل كانت هذه الفعالية خير عون وسند لنضالهم الدؤوب بين الجماهير ،وكذلك ما كان لهذه الفعالية أن تستمر لولا الدعم الكبير واللائق الذي استلمناه من أصدقاء ورفاق الحزب في الخارج ، وكذلك في الداخل ،وكان الدعم بالأموال وبالأدوية والعلاجات، بل وصل في روعته الى حد مجيء عدد من المقيمين خارج الوطن ليشاركوننا هذه الفعالية أو تلك ، والأمر المفرح حقاً تعاطف ومساندة العديد من الناس المستقلين من مالكي مذاخر الأدوية والمستلزمات الطبية.
ولابد من الإشادة بأعلام الحزب والمتمثل بجريدتنا طريق الشعب والتي تنشر أخبار الفعاليات والنشاطات باستمرار،وهذا ما يفعله موقع الحزب، بل تعدى الأمر الى أن تقوم بعض الصحف الصديقة بنشر أخبار تلك الفعاليات ، وكذا الحال بالنسبة لموقع الناس وينابيع العراق وتللسقف ومواقع أخرى، كما أسمحوا لي أن أشيد بالإدارة المركزية وهي تسهّل نشاطات العيادة المختلفة، وهذا ما فعله أيضاً رفاقنا في لجنة الأحتفالات المركزية لأهتمامها الرائع ومتابعاتها المستمرة لأحياء هذا الأحتفال، ولغاية أمسِ.
• تحية من القلب لكل من شارك بهذا المنجز ..
• تحية من القلب لفريق الطبيب الجوال ..
• تحية من القلب لكل من سيسهم بهذا النشاط ..
• المجد والخلود لشهداء السلام والديمقراطية والتقدم ..
تحيا الذكرى الثمانين لتأسيس الحزب العظيم، الحزب الشيوعي العراقي. والسلام عليكم.