مدارات

اسطنبول، أثينا، نيويورك وفرانكفورت تواصل الاحتجاجات ضد الاستبداد/ رشيد غويلب

نهاية الأسبوع الفائت أيضا كانت حافلة بالاحتجاجات ضد الاستبداد والليبرالية الجديدة، من اجل الديمقراطية والعدالة الاجتماعية. ففي اسطنبول، والعديد من المدن التركية تستمر الانتفاضة وتتسع ضد حكومة اردوغان وحزب العدالة والتنمية، وفي العاصمة اليونانية أنهت نقابات عمالية وقوى يسارية من جميع البلدان الأوروبية "قمة البديل"، وفي نيويورك عادت "حركة لنحتل" إلى الوول ستريت مجددا، وفي عاصمة المال الأوروبية، مدينة فرانكفورت الألمانية، تظاهر الآلاف احتجاجا على العنف الذي استخدمته الشرطة ضد "حركة لنحتل" الألمانية في نهاية الأسبوع.
ينبغي للمرء ان يكون حذرا في رسم خط مستقيم بين مواقع الاحتجاج المتوزعة في شرق العالم وغربه، ولكن من الواضح والثابت ان الحركات الاحتجاجية التي اشرنا لها أوجدت شكلا للتضامن لم نشهده من قبل.
اسطنبول: تضامن شعبي واسع مع المحتجين
مع استمرار الاحتجاجات واتساعها، يتدفق عشرات الآلاف في قلب اسطنبول التجاري على ساحة تقسيم وسط اسطنبول حيث بدأت الاحتجاجات قبل أكثر من عشرة أيام عندما استخدمت الشرطة الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه ضد تظاهرات سلمية. ويرى كثيرون أن أردوغان يهدد قيم المدنية والديمقراطية ويسعى لفرض بديل إسلامي مستبد. ويعتصم محتجون كثيرون داخل خيام وهم يسيطرون الآن على منطقة واسعة من الميدان مع إغلاق مداخله بحواجز من الحجارة والقضبان الحديدية.
وانسحبت الشرطة بشكل كامل من المنطقة. ومن المؤكد ان الحركة تجذب اليها أوساطا جماهيرية واسعة جدا، وهو ما عبرت عنه مسيرة مشتركة لثلاث نوادي كرة قدم متنافسة في اسطنبول، شاركت في الاحتجاجات وعبرت عن تضامنها مع مطالبها العادلة. وتتحدث التقارير الواردة من المدينة عن أشكال من التضامن المباشر والملموس: فهذا صاحب محل بيع المشروبات الغازية يبيع أيضا الأقنعة الواقية التي تحمي المتظاهرين من عنف شرطة اردوغان. ويفتح العديد من سكان المدينة بيوتهم لاستقبال الجرحى ومعالجتهم، ومع سرعة انتشار الاحتجاجات في مدن تركية أخرى يتصاعد إصرار المحتجين، ويعلو هتافهم: "سنستمر بالاحتجاج حتى تتحقق مطالبنا".
أثينا: قمة بديلة ضد هدم المكتسبات الاجتماعية وقضم الحريات النقابية
وفي نهاية الأسبوع الفائت، التأمت أيضا في العاصمة اليونانية أثينا "قمة البديل" التي نظمتها نقابات عمالية، وقوى يسارية، وحركات اجتماعية، شارك في أعمالها أكثر من ألف ناشط يمثلون اغلب البلدان الأوروبية، للبحث عن بدائل مشتركة لسياسات التقشف القاسية، وهدم المكتسبات الاجتماعية، وقضم الحقوق النقابية، التي ينفذها الليبراليون الجدد في بلدان جنوب أوروبا. وحفل جدول أعمال القمة بقضايا هامة مثل تأثير الأزمة على النساء في البلدان المتضررة من الأزمة، انعكاسات الأزمة على قطاعات: التعليم، الصحة، السكن، إلغاء الديون، الأزمة وصعود اليمين المتطرف، خصخصة المياه، الهجوم على الحقوق النقابية والحريات العامة، تأثيرات الأزمة على المهاجرين المقيمين في هذه البلدان. وقد دعمت الفعالية بشكل رئيس من حزب اليسار الأوروبي، الذي يضم في صفوفه 39 حزبا شيوعيا ويساريا أوروبيا. واختتمت القمة بإصدار بيان عن أعمالها وتنظيم تظاهرة تضامنية في وسط العاصمة اليونانية.
نيويورك: عودة "حركة لنحتل الوول ستريت"
بعد عام ونصف العام من الغياب عاد في نهاية الأسبوع نشطاء "حركة لنحتل الوول ستريت" للتجمع من جديد في حديقة سكوتي في حي مانهاتن المالي القريب من الوول ستريت، للاحتفال بعودة الحركة إلى مزاولة نشاطها، في الموقع الذي انطلقت منه الحركة الاحتجاجية في 17 أيلول 2011. وبهذا يريد الناشطون التأكيد على حقهم في التجمع السلمي في الأماكن العامة، وقد أكد الناشطون في بيان لهم على شبكة الانترنيت، أهمية المشاركة الواسعة مع بداية موسم الصيف. وقد أعرب الناشطون في اجتماع عقدوه مساء السبت الفائت عن تضامنهم مع الحركة الاحتجاجية في تركيا. ومع الحركة الاحتجاجية التي نظمت في الحي المالي في مدينة فرانكفورت الألمانية، حيث المقر الرئيسي للبنك المركزي الأوروبي. وناقش المجتمعون أيضا أهمية ايجاد قطب معارض خارج دائرة الحزبين الديمقراطي والجمهوري، وشددوا على عدم إبقاء تجمعهم بحدود الاحتفال كمحاربين قدامى. واتفقوا على القيام بنشاطات محلية صغيرة، كمقدمة لإحياء الحركة الاحتجاجية الواسعة السابقة.
فرانكفورت: التظاهر مجددا احتجاجا على عنف الشرطة
شهد العديد من المدن الألمانية تظاهرات وتجمعات مع الحركة الاحتجاجية في تركيا، وفي مدينة فرانكفورت، التي تعتبر عاصمة الأسواق المالية الأوروبية، خرجت السبت الفائت تظاهرة كبيرة، شارك فيها 10 آلاف متظاهر، احتجاجا على العنف غير المسبوق، الذي مارسته الشرطة، والذي لم تشهده ألمانيا في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية، واحتجاز المتظاهرين في محطات القطار الرئيسية، خلال الاحتجاجات المركزية التي نظمتها "حركة لنحتل" الألمانية يومي 31 أيار و 1 حزيران الجاري، ضد سياسات التقشف، وأسلوب المستشارة الألمانية ميركل في إدارة الأزمة، والعمل على تحميل شعوب البلدان المتضررة من الأزمة في جنوب أوروبا نتائج السياسات التي فرضتها مراكز القرار في الاتحاد الأوروبي، والتي شاركت فيها حركات اجتماعية، ونقابيون، وقوى اليسار الألماني، بما في ذلك أعضاء كتلة حزب اليسار الألماني البرلمانية وزعيمة الحزب المناوبة "كاتيا كيبنك".وصحيح ان التحدي، في بناء حركة احتجاجية تمتاز بالاستمرارية ما يزال كبيرا، ولكن التجارب في اسطنبول، أثينا، نيويورك، وفرانكفورت تبين: ان البدائل تصبح ممكنة اذا ما نشأ تضامن جديد بين الناس.