المنبرالحر

انتخابات بيد السلطة! / قيس قاسم العجرش

ليست الإنتخابات إلا جزءاً يسيراً من الديمقراطية، بل إن أعتى الدكتاتوريات كانت قادرة دوماً على تنظيم إنتخابات وإستفتاءات شعبية وقد يذهب بها التبجح الى أن تدعو وسائل الإعلام العالمية للتفضل ومشاهدة العملية الكارتونية عن قرب عين فاحصة.
فالدكتاتورية لا تستحي دائما،ً وهي تعمل ما تشاء بلا حذر، أن تخجل مما تعمله يوماً، فهي ان ابدت اي نوع من الحذر فهو علامة ضعف لا تهواها ابداً.
الخجل يعني الخوف، وأن تحسب حساباً لعقل الناس وإدراكهم يعني أن تحسب حساباً لهم وليس من المقبول ان تحتسب الدكتاتورية لاحد حساباً.
اليوم إنتخاباتنا بيد السلطة بشكل كامل..ومع ذلك فهناك احتمال كبير أن لا تجري الإنتخابات في موعدها ومازالت العمليات العسكرية في الأنبار بلا أفق لحل سياسي..ومازالت الاصوات الحكومية تتحدث عن» مؤامرة واسعة» تحيط بالعراق، وما داعش إلا صفحة مستحدثة من تدارك إنهيار تنظيم القاعدة.يتحدث القادة الميدانيون عن تطويق مهم لقوى داعش والسلاح خارج سلطة الدولة، لكن الإستعانة بسلاح العشائر ستعيدنا الى سؤال تصورنا اننا غادرناه، لماذا بالأصل تحتفظ العشائر بسلاح يتمكن من هزم جيش داعش فيما لم يتمكن جيشنا من هزيمتها لوحده؟
لماذا بالأصل نحتاج لوجود عشيرة نتفق معها على حرب داعش والإرهاب ؟
وهل سندخل الى عصر الإنتخابات بلا استحقاقات للعشيرة التي نجحت فيما فشلت فيه مؤسسة الدولة؟
كل هذا يوضح بصراحة أن وجود الدولة بركيزته، المساواة بين الناس امام القانون إنما هو مهدد فعلا بل إنه غير موجود بدليل سلاح العشائر المتمكن وسلاح الحكومة المنقوص.
ومع هذا فالانتخابات في خطر، رغم سعة الرد العسكري المهدد لإقامتها في عدد من المحافظات، ومن هنا فإن اختيار التأجيل الذي أظن أنه سيترك للحظة الاخيرة هو خيار سيخدش مجدداً ديمقراطيتنا المزكومة بعلامات الاستفهام.
الانبار ليست تحدياً لا مثيل له في تاريخ الحروب الاهلية والنزاعات داخل الوطن الواحد، لكن وجود إرادة سياسية تريد ان تتصرف على اساس الإستثناء دوماً دون حلول جذرية إنما هي ارادة تتفق مع الفوضى بلا روح للحل.
كرر السياسيون كثيراً عبارة البحث عن حل سياسي بدلأً من الحل الأمني او مواكباً له، وهذا يفترض ان لايفهم منه الاعتراف بالبعد السياسي للعنف الموجه ضد القوات المسلحة الحاملة للسلاح برهن الدستور.
لكن أن يستمر العسكريون بايجاد حلول أمنية مقضومة فهو ما سيهدد هذه الإنتخابات وكل إنتخابات قادمة ..ببساطة لأنها بيد الصدفة الامنية!