المنبرالحر

وعادت حليمة.. / مرتضى عبد الحميد

هذا المثل الجميل ينطبق على الكثير من الاشياء والظواهر في بلادنا المنكوبة، لكنه ينطبق بشكل كامل على الكهرباء ووزارة الكهرباء. فبعد الوعود الدسمة والمهرجانات والاحتفالات الكبيرة، والمبالغ الخيالية التي صرفت عليها، عادت ما تسمى بـ «الوطنية» من جديد الى الانقطاعات المبرمجة وغير المبرمجة، وعاد المواطن الى معاناته السابقة، وربما اكثر، لان الكثير من المواطنين صدقوا ما قاله وزير الكهرباء وغيره من المسؤولين بان التجهيز سيستمر لاربع وعشرين ساعة في فصل الشتاء، وان العديد من المحطات الجديدة دخلت الى الخدمة، وبالتالي سيتمتع العراقيون بنعمة الكهرباء دون ان يعكر صفوهم انقطاع او تذبذب.
ونتيجة لذلك وقع الكثيرون في الفخ، وقطعوا اشتراكهم في المولدات، فلما غابت الوطنية مجدداً او عادت الى الظهور على استحياء وارادوا إعادة اشتراكهم، رفع اصحاب المولدات سعر الامبير، او تحججوا بكثرة المشتركين، الامر الذي ادى الى مضاعفة المعاناة، وفقدان آخر ما تبقى من مصداقية وثقة في وزارة الكهرباء ووزيرها.
السؤال الذي يفتح شدقيه هنا مستنكراً هو: الى متى يظل المواطن ضحية ادعاءات فارغة، ليس لها رصيد على أرض الواقع؟ وإلى متى يظل المسؤول يتلذذ بالكذب وابتكار الأفتراءات في محاولة بائسة لتأجيل أو أمتصاص النقمة لدى المواطن العراقي؟ وإلى متى تظل المليارات تتطاير من الميزانية السنوية، وهي ملك صرف للشعب العراقي، لتحط في جيوب الفاسدين والمرتشين، والذين داسو على ضمائرهم، واعتصروا آخر ما تبقى فيها من شرف وكرامة، فأصبحت غير صالحة للأستهلاك البشري على الأطلاق؟ وهل نحن نختلف عن شعوب العالم المتحضر، في حرص مسؤوليهم وحكامهم ع?ى ممارسة الشفافية، ومصارحة أبناء شعوبهم بكل صغيرة وكبيرة، فضلاً عن اعتمادهم العلم والتخطيط في أدارة شؤون بلدهم، والسير به قدماً في دروب الحرية والتقدم؟
هذه الأسئلة الحارقة وغيرها، تتطلب إجابات بمستوى أهميتها وخطورتها لا تبريرات واهية. أو ترحيل للمسؤولية، وتقاذف للأتهامات بين وزارتي النفط والكهرباء، على طريقة البيضة من الدجاجة، أم الدجاجة من البيضة!
لقد سئم العراقيون سماع هذه الترهات، وما عاد يصدقها حتى الأطفال. هذه الأساليب المضحكة المبكية أخذت تثير حفيظة الناس، وتزيل صدأ السنين الغابرة والحالية، لتجلو جوهرهم الذي حاول المتنفذون طمره تحت ركام التضليل والتشويه والتزوير والتلاعب بالعواطف والغرائز، عن طريق إثارة النعرات الطائفية والقومية والعشائرية. وصدق من قال: إن الشعب يمهل ولا يهمل!
لا ينبغي التقليل من حجم المشكلة بأية حال من الأحوال. إنها حقاً مشكلة عويصة. بل هي كارثة حقيقية. ولكن لابد لكل مشكلة مهما كبرت وتعقدت من حل. وحل مشكلتنا هذه وكل المشاكل الأخرى والمصائب التي نعاني منها، تتلخص بوحدة الكلمة وإستعادة الوعي الوطني ، وتفويت الفرصة على من بريد الأستمرار في سياسة القطيع، ويسعى لتأييدها، وبالتالي يجب المطالبة بالحقوق المضيعة والأحكام على مبدأ المواطنة، ووضع الانسان المناسب في المكان المناسب، عبر طريق ناجح ومجرب هو القيام بالمظاهرات والأعتصامات ومقابلة المسؤولين، ومطالبتهم بتنفيذ وعودهم، وهو ما نص عليه الدستور، وضمنه حقاً صريحاً للمواطن العراقي لا يجوز المساس به تحت أي ظرف أو ذريعة، وساعتها سوف ترون كيف يركض وزير الكهرباء وغيره من المسؤولين لأنجاز ما كلفوا به من مسؤوليات، وتحقيق ما رسموا من خطط، وإلا فمصيره سيكون الأستقالة أو الأقالة، وربما المحاسبة، إذا وجد القضاء أن ضميره غفا على وسادة الفساد والتلاعب بأموال الشعب.
بهذه الطريقة نستطيع أن نمنع حليمة من العودة الميمونة إلى عادتها القديمة!