المنبرالحر

تعليق الكتل البرلمانية لحضور نوابها في مجلس النواب.. إنتهاك للدستور.. وتهميش لمصالح الشعب / زهير ضياء الدين

أصبح تعليق الكتل البرلمانية لحضور نوابها في مجلس النواب الذي يعكس الصراعات السياسية بين هذه الكتل سياقاً أتبعته معظم الكتل وبشكل خاص الرئيسية منها مبررين ذلك بالعمل الديمقراطي لمن يعلق حضوره لاجتماعات المجلس وبتعطيل عمل المجلس من قبل بقية الكتل مع تبادل الأدوار والمبررات . فهل يا ترى يمكن اعتبار هذا العمل جزءاً من العملية الديمقراطية أم إنه يشكل انتهاكاً صارخاً للدستور وضرراً بليغاً بمصالح الشعب؟

• نبدأ تناولنا لهذا الموضوع الحيوي والخطير بالنصوص الدستورية ذات العلاقة وفي مقدمتها اليمين الدستورية التي قام بتأديتها جميع اعضاء مجلس النواب وبالصيغة الاتية ضمن المادة (50) من الدستور (اقسم بالله العظيم ان اؤدي مهماتي ومسؤولياتي القانونية بتفان وإخلاص وان احافظ على استقلال العراق وسيادته وأرعى مصالح شعبه وأسهر على سلامة أرضه وسمائه ومياهه وثروته ونظامه الديمقراطي الاتحادي وان اعمل على صيانة الحريات العامة والخاصة واستقلال القضاء وألتزم بتطبيق التشريعات بأمانة وحياد والله على ما اقول شهيد).
وهنا نتساءل هل ينسجم تعليق الكتل البرلمانية لحضور نوابها لاجتماعات مجلس النواب بحيث يصبح من المتعذر تحقيق النصاب القانوني لعدد الاعضاء الذي يمكن المجلس من عقد جلساته وممارسته مهامه الدستورية مع النصوص الواردة في القسم الذي أداه عضو المجلس المتضمن أداء مهامه ومسؤولياته القانونية ورعاية مصالح شعبه وتطبيقه للتشريعات بأمانه وحياد . ام ان عدم حضوره لجلسات المجلس يشكل حنثا باليمين وانتهاكاّ للدستور خاصة اذا علمنا ان على رأس المهام التي يختص بها مجلس النواب بموجب المادة (61) من الدستور تتمثل بتشريع القوانين الاتح?دية التي تشكل عصب الحياة في تنظيم الدولة والمجتمع وتطويره وكذلك الرقابة على أداء السلطة التنفيذية المعنية بممارسة السلطة وتوزيع الثروة بين المواطنين والتي هي شبه غائبة أو مغيبة في هذه المرحلة حيث يستشري الفساد المالي في جميع مرافق الدولة . فمتى يتسنى لمجلس النواب ممارسة هذه الاختصاصات وهو غارق في الصراعات بين الكتل الرئيسية فيه ومحاولات تسقيط الآخر بعيداً عن أية رؤية وطنية تضع مصلحة الوطن فوق الجميع كأولوية أولى .
• وبإنتقالنا إلى النظام الداخلي لمجلس النواب الصادر في 5/2/2007 نقرأ نص المادة (16) في النظام التي نصت على الآتي:

(يلتزم عضو المجلس بما يأتي:
حضور اجتماعات المجلس ولجانه التي هو عضو فيها ولا يجوز التغيب إلا بعذر مشروع يقدره الرئيس أو رئيس اللجنة المختص).

تم نص المادة (18) من النظام :
(أولاً : ينشر الحضور والغياب في نشرة المجلس الاعتيادية وإحدى الصحف .
ثانياً : لهيأة الرئاسة في حالة تكرر الغياب من دون عذر مشروع خمس مرات متتالية أو عشر مرات غير متتالية خلال الدورة السنوية أن يوجه تنبيهاً خطياً إلى العضو الغائب تدعوه إلى الالتزام بالحضور وفي حالة عدم إمتثاله لهيأة الرئاسة يعرض الموضوع على المجلس بناءً على طلب الهيأة.
ثالثاً : تستقطع من مكافأة عضو مجلس النواب في حالة غيابه نسبة معينة يحددها المجلس).
• وأمام هذه النصوص الواردة في الدستور والنظام الداخلي لمجلس النواب أليس من الواضح أن عدم حضور عضو مجلس النواب لجلسات المجلس بسبب تعليق حضور كتلته البرلمانية يعتبر غيابأ وتنطبق عليه الأحكام الواردة فيه . أم أن مجلس النواب يتعامل بنظام الصفقات بين الكتل البرلمانية بحيث تمرر كل كتله التجاوزات على النظام الداخلي من قبل نواب الكتل الأخرى مقابل تغاضي تلك الكتل على تجاوزات نوابها وهنا يكون الشعب العراقي هو الخاسر الوحيد ولو أحصينا عدد جلسات المجلس التي لم يتحقق إنعقادها بسبب عدم إكتمال النصاب القانوني على أمتداد ?ورات مجلس النواب لأدركنا حجم الضرر الذي يلحق بالعراق والعراقيين بحيث تفوّت المزيد من الفرص للخروج من هذا الواقع المتدني بحيث أصبح مجلس النواب مجرد منتدى للحوار دون تحقيق النتائج التي يصبو اليها الشعب العراقي للخروج من محنته حيث لا تتحقق الجلسات إلا عند إتخاذ القرارات المتوافق عليها أو التصويت على مشاريع قوانين أو إتفاقيات هامشية لا تعني أي شيء للعراقيين في حين يتم تغييب قوانين أساسية ودستورية ينتظرها العراقيون بلوعة لتحسين واقعهم المعيشي وبناء أسس الدولة الحديثة ومرتكزاتها كتعديل قانون انتخابات مجلس النوا? لعدد من نصوصه وقانون الأحزاب السياسية الذي ينظم الحياة السياسية في البلد بعيداً عن إستغلال النفوذ والسلطة وقانون النفط والغاز الذي ينظم الثروة الأساسية في البلد وقانون التقاعد الذي يعالج الوضع المأساوي لملايين العراقيين إضافةً إلى القوانين الأساسية التي تستكمل بناء الدولة كقانون مجلس الاتحاد وقانون المحكمة الاتحادية العليا وغيرها من القوانين المغيبة .
• وبالرجوع الى بعض الإحصائيات بخصوص الغيابات من قبل النواب نجد أن هناك (1908) غياب بدون عذر تم التسبب في تأجيل نحو (23) جلسة عدا الحالات التي تعلق فيها بعض الكتل السياسية حضورها لجلسات مجلس النواب علماً أن بعض النواب يتم توقيعهم في سجل الحضور اليومي للنواب ولا يدخلوه قاعة المجلس ووصلت نسبة الغياب للنواب حوالي (40%) مقارنة بدول العالم التي لا تتجاوز نسبة الغياب في مجالسها نسبة (3%) وذلك حسب البيانات المنشورة على الموقع التالي :
(www.akhbaar.org) .
• وفي النهاية فإننا نتساءل لماذا لا يتوجه المعنيون بمستقبل العراق بإقامة الدعوى أمام المحكمة الاتحادية العليا لمقاضاة رئاسة مجلس النواب لتقاعسها في التعامل مع انقطاع أعضاء مجلس النواب عن حضور جلسات المجلس مبررين هذا الانقطاع في حالة تعليق الكتل البرلمانية لحضورها جلسات البرلمان باعتباره انقطاعا مشروعاً في حين يعتبر تغيباً استناداً إلى حكم الدستور والنظام الداخلي للمجلس لإنقاذ ما تبقى من العراق.
• وكحد أدنى في حالة عدم اتخاذ الإجراء المذكور آنفاً يتطلب اعادة النظر بالنظام الداخلي لمجلس النواب باتجاه تقليص أيام الانقطاع المشروع للنائب كالإجازات الاعتيادية والإيفادات الرسمية حيث لا تتجاوز دورتا المجلس السنويتان ثمانية أشهر بضمنها العطل الرسمية والإيقافات لأعمال المجلس من قبل هيئة الرئاسة لمختلف الأسباب خاصةً مع المناسبات والمبررات العديدة التي تتوقف فيها الحياة التي تبدأ ولا تنتهي .