المنبرالحر

روائح غير طيبة.. على جبهة الإعلام / عبد المنعم الأعسم

لا اظن بان رئيس الوزراء، او مكتبه، أمر (كما نشر في مواقع) بمنعي من الظهور، ضيفا، من على فضائية العراقية، لكن قرأت نداء منشورا على موقع مقرب من «دولة القانون» يسميني مع ثلاثة زملاء كمناهضين للعملية السياسية، وطلب تدخل السيد المالكي لوقف استضافاتنا، واستطرد النداء الى التحريض على رئيس الشبكة بتهمة الاصرار على «تسويق» اسمائنا وافكارنا، وإلزام اقسام الشبكة بالتعامل معنا، ويربط خائفون على مستقبل حرية التعبير هذا النداء واجراءات ضد النقد الاعلامي بسلسلة تضييقات على عمل الصحافة الحرة وكتاب الرأي من قبل السلطة التنفيذية.
اكرر القول، لا أظن.. واثق بصحة ما ذكره لي صديق من فريق رئيس الوزراء بلندن «ان المالكي المنغمر في حرب مصيرية بالانبار، لا يملك وقتا، الآن، لمثل هذه الامور، وانه لا صحة لما نشر»كما لا اظن ان هناك من يعتقد انني من كتاب الرصيف، والفرص، والتسلق، والترزق بحيث ارمي نفسي امام «مايك» الفضائية العراقية التي اعتبرها، وفق الدستور، مؤسسة عراقية مستقلة، وان علينا ان نعيد لها أداءها الموضوعي، وهويتها الاعتبارية، وحيادها بين التجاذبات والاجتهادات و»المكونات» واحسب ان رئيس الشبكة (وبعض موظفيها) يؤمن مثلي بهذه المنطلقات، وقد حاول تجسيدها في الممارسة.. اقول حاول.
ومع ان الموضوع لا يشغلني، ولا احبذ ان يشغل احدا، بجانب مشغولياتنا الكبرى حيال الامتحان الخطير الذي يدخل فيه وطننا، بين ان يبقى على الخارطة، وطنا للشراكة والحرية، او يتوزع على بلاليع طائفية، بحراسة اسياد التجييش والبغضاء، لكن لا ينبغي القبول بانزلاق موازٍ خطير ايضا، يتمثل في جرجرة صحفيين وكتاب رأي الى محاكم النشر، والشاكي رئيس الوزراء، نفسه، بشخصيته الاعتبارية، والسياسية، بدعوى التشهير وتسويق معلومات ومعطيات ليست صحيحة، وهو خروج على تقاليد يلتزمها زعماء دول بالنأي عن مقاضاة اصحاب الرأي في المحاكم، بل ويحرضون على تشجيع النقد قدما الى التجريح والسخرية واستطرادات اللغة والقسوة ليتهجأوا من خلال ذلك مجسات الشارع واتجاهات المزاج العام، ورصد اخطاء الحكومة ومناسيب سمعتها. أما اذا ما عبرت الكتابات حدود التعبير السلمي للآراء بالدعوة الى العنف او الكراهية فان هذا من شأن جهات وشخصيات ومراجع معنية بحماية السلام الاهلي.
وما نعرفه، ان رؤساء الحكومات في دول الديمقراطيات، يتركون ما ينشر عنهم الى تقدير الرأي العام وكتاب الرأي الاخرين ولن يكونوا طرفا في ما يُنشر، ونستطيع ان نشير الى عشرات الامثلة الحية عن زعماء وحتى ملوك، استقبلوا الانتقادات والتجريحات ورسوم الكاريكاتير المهينة والساخرة بكل رحابة صدر، ويوما سئل رئيس الارجنتين كارلوس منعم ماذا عليه ان يعمل إزاء كاريكاتير نشر عنه وهو يجلس بشكل مهين في حضن الرئيس كلنتون، فقال: ليس عليّ ان اقاضي الرسام، بل عليّ ان استقيل.
ان احالة فخري كريم وثم سرمد الطائي ومنير حداد، الى محكمة النشر، يحرر كتاب الرأي في العراق من التزام الثقة بمستقبل حرية التعبير في العراق، ويضيف دالة اخرى على التخبط في ادارة الدولة، الى جانب دالات اخرى، في السياسة والاعلام والاجراءات على الارض نتابعها بالصوت والصورة، ولا يصح ان نسكت حيالها.

******
«قل كلمتك وامش».
امين الريحاني

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تنشر بالتزامن مع جريدة "الاتحاد" الغراء