المنبرالحر

حديقة الفوضى / قيس قاسم العجرش

الحكومة لم تعد تثق بالناس...رُبما هي بحاجة الى»حل» تشكيلة الشعب الحالية وإعادة الترتيب في سابقة تؤسِس لحراكٍ»حكومي»بمستوى التحدي والمرحلة.
إبتداءً كانت الحكومة،وهي المنبثقة شعبياً،تعلم افضل من الناس، تفهم واقع أمنياتهم افضل منهم..كيف لا؟ وهي التي جاءت لتنقذ الشعب من نفسه، ومن شطط أن يفكر وأن يحرق قدراته إشغالاً للعقل بلا طائل. فالتفكير بالنيابة عنه هو أولى مهامها.
كان السيد الفريق يتحدث عن مؤامرة أمنيّة يواجهها العراق تشتغل مفرداتها في كل الدول الإقليمية، وأن المعلومات الإستخبارية اثبتت ان دولاً لا تخطر على البال متورطة في الشأن العراقي، وأن مصالح الدول الكبرى إذا ما تغيّرت الخارطة التقليدية للمنطقة ستتعرض للتهديد.
«الدول العُظمى تحسبُ حساباتها لأمنها القومي عِبرَ آلاف الإختيارات والمؤثرات»...»هل تُصدّق أن دولاً أوروبية لها مخابرات تعمل في العراق؟»...» هل تعلم أن روسيا تريد للحلف الإيراني السوري ان يتكامل وان يتجه الى الجنوب؟»..
وسط تعجّبات الحاضرين وأصواتِ هلعهم المكتومة كانت ملاحظتي: ان هذه كلها سياسة وأنت مسؤول تنفيذي ..ما شأنك بها؟ كانت ملاحظة يبدو فيها شيء من الطعن ربما غير اللائق في ما يتفوّه به السيد المسؤول من أعاجيب.
«يا عزيزي ..أنا صحفي. وحين ألتقي بمسؤول تنفيذي يتحدث في السياسة فإني أمسك لساني !».
حين يتحدث المسؤول في السياسة فاعلموا أن شهوته للحديث قد تفجّرت لينال من كل شيء باستثناء واجبه الاساسي..سيتدخل في كل شيء باستثناء فضيحة الأداء التي لا مجال للدفاع عنها..
مرّة أخرى نعود الى الحكومة التي تعلم، والناس الذين لا يعلمون.
السيد المسؤول فرَشَ على الحاضرين مظنّة العِلم الكلي تحسباً لأي تذمر قد ينطق به مَن حوله، وهو على إطلاع ببواطن الأمور بتفاصيلها التي لا يعلمها بالطبع غيره. وهنا علينا أن نسكت ونخرج فقط اصواتاً تضامنية تفيد التعجب!
من مثل هذا تتكون دولتنا اليوم.
من هذا النموذج تدار أدوات الحكومة اليوم، أناسٌ يعلمون كل شيء ويدّعون بذلك ليلَ نهار، وعلينا أن نصدّق نظرية»أن الدنيــا ستنقــلب!» إذا ما أفرجوا عن معلوماتهم. فالأكثر سِتراً لنا أن نتركهم ولا نسألهم.
ستر الله علينا وعلى القطّة بالذيل..كما يقول مظفر.
هل تتذكرون»البوكسات»التي تنبأ بها رئيس الوزراء إذا ما ذهب للبرلمان وكشف ما عنده؟
لم تكن زلة لسان أبداً ، لهذا هناك من يدعو اليوم الى مناقشة الميزانية خلف ابواب مغلقة بحضور إثنين من كل كتلة نيابية ...حتى لا يطلع»العامـــّة!» على تفاصيل يساء إستعمالها إذا ما وصلت للرأي العام.
الرأي العام «المراهق» ..الذي هو نحن!.. والذي لا يعلم أي شيء...
لا غرابة اذن أن يقســّم قانون التقاعد الناس الى «سادة « و»عبيد» يختلفون عن بعض في كل شيء!...هؤلاء يعلمون وهؤلاء لا ينبغي لهم ان يعلموا .