المنبرالحر

14 شباط .. مناسبتان في يوم واحد / طه رشيد

تعود قصة عيد الحب الى القديس فالنتاين الذي خرق قانونا سنه الامبراطور الروماني كلوديس الثاني، كما تقول الرواية، يقضي بعدم السماح للشباب بالزواج لانه يضعف من قدراتهم القتالية. ويقال ان فالنتاين كان يقوم باتمام مراسيم الزواج بالخفاء مما اثار حنق الامبراطور عليه، لذلك اعدم حسب تلك الرواية وكان ذلك يوم 14 شباط. ومنه استمد الاوربيون «يوم الحب» الذي انتقل تدريجيا الى بقية الشعوب ومنها المنطقة العربية . ورويدا رويدا تطور الاحتفال بهذا اليوم من تبادل التهاني الشفوية وبطاقات التهنئة التي تغيرت اشكالها عبر الزمن الى احتضان العديد من الشركات الانتاجية والاستهلاكية هذا اليوم من اجل الترويج لبضائعهم. وزادوا عليه اليوم اقامة الحفلات العائلية والعامة من اجل نشر الفرح والسعادة لكل المحبين. فترى في الدول المتقدمة انتشار الفرق الموسيقية والغنائية في الساحات والشوارع، انهم يتفننون في اشاعة الفرحة في قلوب الناس ورسم الابتسامة على شفاههم.
اما بالنسبة للعراقيين الذين بدأوا يحتفلون بهذا اليوم منذ سنوات قليلة، فالاحتفال يشكل بارقة امل جديدة بحياة اجمل، لان الناس هنا بحاجة ماسة للفرح بعد سنوات طويلة من الحروب والمآسي والآلام والقهر والحزن المتواصل.. حتى وصل الامر الى شيوع المثل الدارج «ضحكة خير وشرها على» يعقب كل ضحكة. ولكن عيد الحب الذي عرفه العراقيون مؤخرا يحل مع مناسبة اخرى يحتفل بها بشكل خاص الشيوعيون وأصدقاؤهم من الديمقراطيين واليساريين، الا وهي مناسبة يوم الشهيد الشيوعي، اذ يحتفلون في الرابع عشر من شباط من كل عام بهذا اليوم، رغم ايمانهم العميق بالحياة وتشبثهم بها، وكرههم للموت .
وتعود تسمية «يوم الشهيد» الى اعدام قادة الحزب الشيوعي العراقي ابان النظام الملكي في الرابع عشر من شهر شباط 1949: الرفيق الخالد فهد ورفيقاه صارم وحازم. وكما ان «يوم الحب» يعكس التشبث بالحياة فان «يوم الشهيد» هو الآخر يعتني بالحياة اكثر من اعتنائه بالموت، إذ ان الشهادة هنا لم تكن هدفا بل اصبحت وسيلة للاحتفال بيوم جديد لا حروب فيه ولا قتل ولا تدمير. يوم كيوم الحب يسمو فيه التآخي والوئام والسلام بين الناس جميعا بغض النظر عن المعتقد واللون والطائفة والقومية . يوم يعلو فيه الحب للحبيبة وللاهل والاصدقاء والجيران وابناء البلد الواحد.
علينا ان نجعل من 14 شباط، عيد الحب ويوم الشهيد، يوما للجمال يسمو فيه حب العراق على كل الكراهيات والضغائن.