المنبرالحر

وضيعوا لغة التضامن بين الشعوب/ د. علي الخالدي

حرص شعبنا على تقديم كل الدعم والتأييد للشعوب التي تناضل من أجل إنعتاقها من اﻷنظمة الشمولية، وتسعى لبناء العدالة اﻷجتماعية ، فكان السباق في مشاركة الشعب اﻷيراني في صعود الوطني مصدق لدفة الحكم عام 1952 ، ونصر ثورة الشعب المصري عام 1953، و تحمل عواقب ، التصدي للحروب العدوانية التي شنتها عليه إسرائيل والدول اﻷستعمارية عليه ، كما قدم كل ما من شأنه عضد حركات التحرر الوطني العربي والعالمي وخاصة قضية الشعب الفلسطيني . على الضد من مواقف حكامه الذين قسوا عليه نتيجة مواقفه تلك . و ردا على مواقفه التضامنية تلك ، وقف معه العديد من الشعوب في نضاله الذي خاضه لنيل حريته وكرامته من اﻷنظمة الرجعية والدكتاتورية التي تسلطت على رقابه عشرات السنين ، ونال تقديرها وإحترامها . .
وما أن تخلص من الدكتاتورية بفعل العامل الخارجي ، الذي هدم البنى التحتية للدولة العراقية ، ومهد لتبني نهج المحاصصة الطائفية واﻷثنية ، في عملية البناء الديمقراطي للعملية السياسية ، تاهت قيم التضامن في دهاليز المصالح الذاتية للأنظمة ، ولم تستدل طريق الوصول الى الشعب الذي بأمس الحاجة اليها في الوقت الراهن ، وهو يعاني من جرائم فلول النظام المقبور وتحالفه مع القوى اﻹرهابية لعرقلة عملية البناء المرجوة من وراء التغيير . لقد إنحصر التضامن والدعم بمكونات نهج المحاصصة الطائفية واﻷثنية القائمة على النظام ، وبصورة خاصة المتأتي من دول الجوار القريبة والبعيدة ، وفق قراءات خاطئة غير مدروسة ومتناقضة مع الظروف الذاتية والموضوعية السائدة في عموم المجتمع العراقي . بنتها نوازع عاطفية متسرعة ، لعب في تحديد مسارها اﻷنتماء الطائفي والمذهبي للقائمين على نهج المحاصصة ، وبسبب عدم تجانس مصالحهم، فقد تشظت بما يتلاءم وطائفة اﻷحزاب ، مُنَوعَة سبل تحركها ، شرقا أو شمالا ، غريا و جنوبا ، مع تواصل اﻷطراف المعنية التغني بمتانة العلاقة الودية التي تربطهم بتلك اﻷنظمة ، و إحاطتها بطوق لا يتجرأ أحدا على كسره ، فيكضم المهضوم غيضه ، و يتمتع الهاضم بخيرات لم يحلم بها تأتيه مجانا .. ، قال لي مواطن أحد الدول ( الصديقة) ، نحن راضون على حكومتنا لأنها تستغل شعوبكم ﻷشباعنا وإرضائنا بإسم الصداقة التي تربط نظامينا . هذا هو حالنا مع جيراننا ، من أﻷنظمة ، فهي تدلل شعوبها لترضى بما تحصل عليه من قضم ﻷراضينا ، وحتى حبس المياه و تغيير مجاري اﻷنهرعنا ، و التدخل في شؤوننا الداخلية ، و فتح الحدود ، لتغرق أسواق بلادنا باﻷنتاج الباير لهذه الدول ، وتُمنح شركاتها العقود دون حسيب أو رقيب على ما تقوم به ، ويُسهر على رفع الميزان التجاري لصالحها ، دون جعل ذلك مبدءا تساوميا لصيانة مصالحنا الوطنية على طاولة المفاوضات ، أو تستجير بالمنظمات الدولية ومحاكمها ، لوضع حد لهضم حقوقنا ، ورفع اﻷضرار التي لحقت وستلحق ببيئتنا ومستقبل أجيالنا ، ومع هذا يتعاقد من بيدهم القرار مع كوادر أجنبية لتمشية مشاريع فاشلة ، بينما كفاءاتنا العلمية تلبي النقص الحاد في شتى المجالات بدول عديدة ، وبصورة خاصة في المجال الصحي ، غير ملتفتين الى البطالة التي إتسعت بتراكم الخريجين من معاهدنا العلمية ، ناهيك عن البطالة في صفوف اﻷيدي العاملة
وإذا ما أضفنا الى تلك المواقف حالة تفرج الآخرين على ما يعانيه شعبنا من إتساع قواعد اﻷرهاب و إنتشار حواضنه في دول الجوار وداخل الوطن ، مستغلة سوء إدارة البلاد ، واﻷزمات التي بنى أسسها نهج المحاصصة ، وسطوة الحزبية الضيقة والتفرد بالسلطة ، وإنعدام الرؤية الواضحة لبناء الدولة ومؤسساتها، كلها وجدتها القوى اﻹرهابية مع إﻷنفلات اﻷمني المتصاعد ، بيئة صالحة، لبناء حواضنها ، مستغلة الدعم والتحريض المكشوف والمستتر ، بإتاحة فرص عقد إجتماعاتها ولقاءاتاتها ، وهي تحلم بعودة الدكتاتورية . يجري ذلك في أجواء صمت مطبق لمريدي نهج المحاصصة ، فلم نسمع ما يفيد أنهم حركوا ساكننا من باب الواجب الوطني لتقديم إحتجاج على حبس المياه ونهب ثرواتنا الطبيعية وعلى تحرك أعداء شعبنا في عدة دول ، (إجتماع هلسنكي _فلندة *مثلا
إن هذا وذاك ، مع ما تتركه العلاقة بيننا ودول الجوار اللاعبة على وتر العلاقات الطائفية والمذهبية ، يقف وراء ضياع لغة التضامن بين شعوبنا ، وتثير ﻷحقا التوتر والتشنج في العلاقات والروبط الودية بين الشعوب ، من هنا تكمن مسؤولية قوى التغيير في معالجة الحمل الثقيل الذي سيُترك لها بعد أنتخابات الثلاثين من نيسان القادم.

*لقاء فلندة جمع فلول البعث وقوى اﻷرهاب