المنبرالحر

الفلوجة في تشيلي / ابراهيم الخياط

يوم 5 آب 2010 حلت مأساة هزت العالم. فقد انهارت أطنان الصخور لتحاصر 33 عاملا في منجم «سان خوسيه» لاستخراج النحاس في شمال تشيلي، وانحبسوا لمدة 70 يوماً تحت الأرض! قبل أن ترفعهم كبسولة صممت كمصعد وأخرجتهم واحدا بعد الآخر.
لكن لم يعرف الكثير عن حياة العمال داخل المنجم، نظرا الى انهم توصلوا إلى اتفاق يقضي بعدم الافصاح عن تفاصيل محنتهم، وباعوا حق انتاج فيلم يحكي قصتهم لمنتج هوليوود المخضرم مايك ميدافوي.
ظل العمال معزولين طوال 17 يوما إلى أن نفذ إليهم أنبوب معدني عبر قناة جرى فتحها من ارتفاع 700 متر بحثا عنهم، فأسرعوا ووضعوا عند طرفه رسالة أخبرت العالم بعددهم، وبأنهم جميعا على قيد الحياة.
هبطت الكبسولة لتصعد بهم إلى السطح في مشهد مؤثر، تابعه على شاشات الفضائيات أكثر من مليار إنسان في أكثر من 180 دولة. وبدا الموضع من المنجم المنهار ـ وفقا لوصف أدبي ـ كما الأم الحامل وهي تلفظ من رحمها 33 وليدا يخرجون للحياة ضاحكين.
وزير التعدين اقترح إنشاء منجم شبيه في العاصمة، سنتياغو، ليكون متحفا ضمن منتجع سياحي كبير، وتكون نجمته الكبسولة «فينيكس2» التي قررت الحكومة إرسالها في جولة الى بعض الدول للعرض.
فيما قصد رئيس تشيلي لندن برفقة زوجته حاملين أحجارا من المنجم اياه، واحدة هدية للملكة وثانية لرئيس الوزراء، ثم تابع جولته الأوروبية بهدايا مماثلة للرئيس الفرنسي، وللمستشارة الألمانية، مستثمرا ما حدث في تعزيز العلاقات مع الآخرين، وقيل ـ ربما ـ لتجديد ولايته.
أما العمال فأصدروا بيانا أعلنوا فيه عن عقدهم اتفاقا «مقدسـ» ـا فيما بينهم بالتزام الصمت والصوم عن الكلام، حتى نشر كتاب عزموا على تأليفه معا. وبعد أشهر صدر الكتاب فعلا وبعدة لغات.
وعندنا، بعد تصريح الوكيل الاقدم لوزارة الداخلية، ان اسلحة «داعش» تكفي لاسقاط العملية السياسية واحتلال بغداد، وبعد تصريح مستشارة رئيس الوزراء حين أخبروها أن عدد المعتقلين بلغ 11 الفا، ان هذا العدد لا يساوي شيئا مقارنة بعدد الارهابيين الذي وصل الى اكثر من نصف مليون ارهابي.. وبعد أن أصاب الرعب الرأي العام من هذه التصريحات وباتت العامة تنتظر بدء المعركة الفاصلة، اذا برئيس الوزراء يعلن انتهاء العمليات العسكرية في الانبار.. ثم ـ فقط ـ تأجيلها لمدة 72 ساعة.
ووسط شحة المعلومات وانعدامها عما حدث وما يحدث، فقد ظنّ المخمنون أن الحكومة ربما أبرمت عقدا مع دائرة التوجيه السياسي في قناة (العراقية) لانتاج مسلسل يعرض في رمضان المقبل عن (يوميات النار في قاطع الانبار)، ولكن فات المنتجون أن العيد هذه السنة ـ دون السنوات كلها ـ سيحلّ قبل رمضان، وتحديدا في 30 نيسان.