المنبرالحر

قانون الحماية الاجتماعية / محمد شريف أبو ميسم

أعطت المادة 24 من قانون الحماية الاجتماعية الذي أقره مجلس النواب الثلاثاء الماضي ، الحق لمجلس الوزراء في تعديل رواتب الإعانة الاجتماعية في حالة حصول متغيرات تضخمية قد تؤدي الى خفض القيمة النقدية لراتب الحماية الاجتماعية الذي حدده الجدول المرفق بالقانون عند 105 ألاف دينار للفرد الواحد فيما يتضاعف بزيادة عدد الأفراد ويتوقف عند 420 ألف دينار للعوائل المكونة من أربعة أفراد أو أكثر.. وأعطاه الحق أيضا في إعادة النظر سنوياً بالفئات المستفيدة من الحماية الاجتماعية، وعدد أفراد الأسرة والمبالغ المخصصة لكل فرد، بهدف شمول فئات أخرى من غير الفئات المذكورة في القانون، وزيادة عدد الأفراد المستفيدين ، وهذا الحق الذي منح لمجلس الوزراء سيسهل عملية تعديل هذه الرواتب عندما يقتضي الأمر ،ويعطيه الحق في شمول فئات أخرى دون الرجوع الى مجلس النواب ، وهذا أمر جيد يضاف الى حسنات القانون الذي انتظرته الفئات الفقيرة لفترة طويلة.. الا ان مجلس النواب خيب ظن الذين يعيشون فرادا وهم عاجزون عن العمل أو كبار في السن عندما حدد راتب الفرد الذي يعيش منفردا عند 105 ألاف دينار شأنه شأن الأربعة أفراد الذين يعيشون معا.. فبجانب ألم الوحدة هناك ألم العوز القاسي، فيما يكون الأمر أقل إيلاما في الجانب النفسي وأقل كلفا في الجانب المعيشي إذا ما عاش المرء في كنف اسرة وتمتع بدفئها (اذ تنخفض في العادة كلف الانفاق اليومي للفرد الواحد كلما ازداد عدد أفراد الأسرة) .. ومعاش لثلاثين يوما قدره المشّرع بنحو 105 ألاف دينار قد لا يغطي كلف زيارة واحدة للطبيب (ما بين اجور التحاليل والفحوصات المختبرية والصورية وكلف الدواء والنقل) وكان الأجدر أن تمنح هذه الفئة التي يشكل كبار السن فيها السواد الأعظم حماية أكبر فيخصهم المشّرع بتقديرات موضوعية وانسانية يتحقق بمقتضاها ما جاء في الاسباب الموجبة للقانون (بغية رفع المستوى المعاشي للأفراد والاسر دون خط الفقر..) .
من جانب آخر قد يكون مبلغ 420 ألف دينار لبعض العوائل التي تعيش في قاع الفقر وخارج حدود الجغرافية الانسانية مبلغاً مغرياً بحكم ظروفها، وهو بالتأكيد سيساهم بشكل ما في اعادة ترتيب أوضاعها المعيشية وخاصة على مستوى نوع الطعام الذي يتناولونه .. بيد ان هذا المبلغ لن يساهم في انتشال تلك العوائل من مستوى خط الفقر كما نص عليه القانون وراح يردده بعض النواب ( لأن مفهوم خط الفقر مرتبط بتحسين مستويات الخدمات اليومية التي يتلقاها المواطن ، فاذا كان معدل خط الفقر يقدر بنحو 2 دولار للفرد الواحد يوميا وفق معايير المنظمات العالمية ، فان تخلف الخدمات ممثلة بانعدام الحصول على الماء الصالح للشرب ، وتردي الخدمات الصحية المتاحة والخدمات التعليمية وخدمات الطاقة والطرق والبيئة الصالحة .. يلغي معيار (الدخل النقدي) حتى وان تضاعف الى عشرة أضعاف لأن مفهوم خط الفقر مرتبط بالحقوق الطبيعية ( حق الطعام ، حق السكن الكريم ، حق التعليم ، حق الحصول على الخدمات الصحية ، حق العيش في بيئة صالحة ..)، ويشترط بمعيار الدخل النقدي توفر كل مقومات البنية الاساسية والخدمية والبيئية .. وهنا نلفت عناية المشرّع الكريم الى أن هذا القانون يعد قانونا مهما ويؤسس برنامج حماية واعد، ولكنه لن ينتشل الفئات الفقيرة من خط الفقر كما راح يبشر به البعض، ما لم تدر عجلة الاقتصاد وترتفع معدلات النمو وتتحقق التنمية المستدامة .