المنبرالحر

سعدية السماوي / ريسان الخزعلي

*.. قبل ثلاثة أشهر، زودّني الأستاذ الشاعر ألفريد سمعان، الأمين العام للاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق، بكراسٍ يحمل عنوان (العراقيون والخمسة وثلاثين) لأنه وجد فيه بعض ما يشغلني. وحين تصفحته وجدته يحمل عبارة (للشاعرة سعدية عبد سماوي) فازداد شغفي في أن أطالعه، كوني اعرف هذه المرأة المناضلة من خلال أخوتها الشعراء والأدباء شاكر السماوي، عزيز السماوي، سعدي السماوي، يوسف السماوي.
كان الكراس يضم مقدمة وحوارات معها عن ايام نضالها مع نماذج من أشعارها الشعبية، وقد جاء في المقدمة «انها إمرأة عراقية من أشجع النساء العراقيات من بنات الحزب واحدى المناضلات اللواتي ساهمن في تأجيج الصراع ضد أعداء الشعب العراقي، وكنَّ سنداً للشيوعيين والمناضلين العراقيين، تخرجت من بيت شيوعي وعائلة تمتهن الشعر العراقي الأصيل، والنضال الطويل، فأخوتها شعراء، وأمها كانت تحث الجماهير على التظاهر، وتساهم معهم.. إحدى لبوات الديوانية البطلة المضمخة برائحة الحزب ونضالة.
لقد روت سعدية (1943) ذكرياتها النضالية ومواقفها البطولية منذ عام 1956، بذاكرة لا ينقصها الاتقاد، ولأنها من بيت شعري، فقد كانت شاعرة هي الأخرى بالفطرة المحببة والنباهة العالية.. وهكذا كانت تطرز كلامها الحواري بقصائدها الثورية ممجدةً حزبها الشيوعي العراقي المجيد، وحينما سألتها مندوبة إذاعة الديوانية عن تاريخ ارتباطها بالحزب وما هو دورها فيه أجابت: « لقد كنت مع الحزب منذ طفولتي لأني تعرفت على الحزب عام 1956 حينما شاركت إخواني ورفاقهم في كتابة الشعارات على جدران المدينة وكذلك اللافتات، وكنت احمل بريد الحزب لا?ي من عائلة شيوعية، وان أخواني رفاق وشعراء (عزيز، شاكر، سعدي، يوسف) وقد اعتقلوا مرات عديدة. عشت معهم سنوات العذاب، وكنت أفخر بصمودهم وقوة مبادئهم. وبعد ان حصلت الهجمة الشرسة على حزبنا في سنة 1978، ترك أخواني الوطن العزيز اضطرارا حتى لا يقعوا بيد القتلة، وهاجروا الى الخارج. وقد بدأت مرحلة ثانية، حيث ألم فراقهم وخوفي على نفسي بسبب الفكر الذي يسري في دمي. وقد حصل ما توقعته، حيث اُعتقلت بسببهم ولاقيت أنواع التعذيب والعذاب، كما هو حال المناضلات الأخريات».
فراقها لأخوتها أمضَّ بها، لاسيما بعد رحيل أحدهم في المنفى، الشاعر الكبير عزيز السماوي، وقد كتبت عنهم: «لامنّي بناتي من بچيت، شجره بلايه غصون ظليت، ياريت طيبه او تطب للبيت، لحطّن حنّه وأطش چكليت، خمسة وثلاثين أَوّن إوزين ظليت، مثل إخوتي بمحنتهم ابد ملكيت».
*.. في الاسبوع الماضي رحلت هذه المناضلة الشاعرة سعدية السماوي –أم صادق- وقد نعتها ورثتها محلية الحزب في الديوانية بما يليق بها وبنضالها، حيث كانت صورة للمرأة العراقية المناضلة المقاومة التي توجت حياتها بالموقف النبيل، والموت الجميل.
وبالعراقي كانت قد قالت عن موت المناضلين:
«فهد للمشـــنقه إتعنـه ولا رفــت چــلاويه
حلو موت الشرف يا ناس مو مـوت العبوديــه»