المنبرالحر

الوقوف على التل / طه رشيد

يحتل موقع الحوار المتمدن مكانا مرموقا ومتقدما قياسا بالمواقع العربية الاخرى، ليس فقط نسبة الى عدد كتابه ومتصفحيه، بل كذلك نسبة للمواقف والحملات التي اطلقها من اجل نصرة الانسان والشعوب المضطهدة. فضلا عن اهتمامه بالحركات اليسارية في العالم العربي ودعمه لها وترويجه لشخصياتها وبرامجها. ومعروف ايضا موقفه من المرأة، الذي افرد له بابا ثابتا، الذي هو مدعاة فخر واعتزاز لكل قراء الموقع.
الا اننا كقراء فوجئنا مؤخرا بدعم الموقع لحملة ( مقاطعون) في العراق، وهي الحملة التي تدعو الى مقاطعة الانتخابات البرلمانية التي ستجري في نهاية نيسان القادم. وقد عرّف مطلقو الحملة بانفسهم وبطموحهم في مقدمة قالوا فيها:» نحن الموقعين والموقعات نعلن عن مقاطعتنا للانتخابات المقبلة في العراق لأنها لا تلبي طموحات الإنسان في العراق بالمشاركة الحرة والواعية في تقرير المستقبل السياسي للبلد، وندعو في الوقت ذاته الجماهير في العراق إلى مقاطعتها». ونُشر على الموقع بيان الحملة ذي النقاط الست، والتي ملخصها ان هذه الانتخابات « تشهد غياب أي عدالة» و» تفتقد إلى أدنى أجواء النزاهة والشفافية». وتختتم الحملة بيانها بان الانتخابات في العراق الآن « تفتقد إلى ابسط المعايير الدولية للانتخابات، والنظام السياسي المنظم للانتخابات يفتقد إلى الشرعية.. ولابد من مقاطعتها»!
لا اعرف كيف يستطيع صاحب الحملة ان يفسر لي قوله ان «النظام السياسي المنظم للانتخابات يفتقد إلى الشرعية.. « وهو النظام الذي جاء عبر الانتخابات وليس بالاستيلاء على السلطة بالقوة . وقد قدم العراقيون الكثير من الشهداء من اجل حقهم في ممارسة العملية الانتخابية . واستلم العديد من العوائل العراقية تهديدات خطية تتوعدهم إن هم ساهموا في الانتخابات. ورغم ذلك ساهموا فيها مساهمة فعالة، وعشنا لحظات الفرحة المرسومة على وجوه المواطنين وهم يتوجهون الى مراكز الانتخاب. واذا كان النواب قد فشلوا في تحقيق ما يصبو اليه الناخب ( التصديق على القوانين التي تمس حياته، مثل قانون تأسيس احزاب غير طائفية، وقانون تقاعد اكثر عدالة، وقانون انتخاب لا يضيع فيه صوت الاقلية، كذلك الغاء القوانين الصدامية التي تلجم حرية الابداع والحريات الشخصية، وصولا الى التصديق على الموازنة في اسرع وقت ممكن لان اقرارها يمس حياة المواطن بشكل مباشر ) فان هذا الفشل لا يمكن ان يعتبر فشلا للخطوات الاولى نحو الديمقراطية، والمتمثلة بالانتخابات .
اذا قاطعنا الانتخابات فهذا يعني تمديد الصلاحية لنفس البرلمان ونفس الحكومة، وذلك ما لا تريده اوساط واسعة ومتزايدة من ابناء الشعب. لكن شعبنا يرفض ايضا مبدأ الانقلاب العسكري، الذي نتمنى ان يكون قد دفن مع الطاغية بلا رجعة. ونأمل ان لا يريد احد لنا ان نرضى بالوقوف على التل، كمن ينتظر سفينة نجاة في صحراء!