المنبرالحر

عراك الديكة / مرتضى عبد الحميد

منذ أن وجدت الديكة على وجه البسيطة، ومعها الدجاجات طبعاً، ابتكرت العقول المقامرة لعبة العراك بين الديكة، وكأنهم لم يكتفوا بألعاب القمار المعروفة على مدى التاريخ. فكان الواحد من هؤلاء ينتقي ديكه أو مجموعة من الديكة يقع عليها اختياره، ليخضعها إلى تدريب متعدد الأوجه. لكن العنف والعدوانية ونتف ريش الآخر هو المحور الأساسي في التدريب، لكي يكون بأستطاعة الديك المنتقى، أن يكسر المقابل، ويحقق الفوز لصاحبه ومدربه.
وبمرور الوقت بدأت هذه اللعبة تكتسب جمهوراً يزداد يوماً بعد أخر، والجدير بالإشارة أن بعض الذين استهوتهم هذه اللعبة (المقامرة) أدمنوا عليها، بل أن العديد منهم بدأ يتقمصها في حياته العملية. ومن جديد يتصدر هذا المشهد الديكي، عراقنا المبتلى بكثرة هؤلاء الديوك، الذين يتعاركون يومياً، دون أن يأبهوا بمن يطعمهم، ويسقيهم، ويوفر لهم كل ما يحتاجون وما لايحتاجون إليه، وهو الشعب العراقي.
العراك الأخير كان خطيراً إلى ابعد الحدود، وأدى إلى إراقة دماء الدستور الذي يتشدقون به ليل نهار، في محاولة لذر الرماد في عيون أبناء شعبنا المساكين.
أنهم يسفحون مجاناً دماء الديمقراطية والتعددية والوحدة الوطنية على مذبح مصالحهم الأنانية الضيقة، التي نمت وتغولت في أحضان المحاصصة الطائفية والاثنية المقيتة. هذه المصالح التي لايجمعها جامع بمصالح الشعب والوطن، رغم كل الادعاءات الفارغة والوعود المعسولة المنطلقة من أفواههم بسرعة الرذاذ المتطاير منها!
هل يحتاج المواطن إلى مزيد من الذكاء، لمعرفة من يتحمل مسؤولية الاتهامات المتبادلة بتعطيل مجلس النواب، وإلغاء دوره التشريعي والرقابي رغم تواضع أدائه، وهذا الإصرار العجيب على عرقلة إقرار الموازنة، التي خضعت للمزايدات السياسية من قبل كل الكتل المتنفذة دون استثناء. كذلك التهديد باللجوء إلى المحكمة الاتحادية التي لم تسلم هي الأخرى من بعض التسييس، وبالتالي وصول اخطر مؤسستين في البلد إلى حالة من الشلل شبه الكامل، هما الحكومة ومجلس النواب.
أيها الديكة: انتم مسؤولون جميعاً عن كل ما يعانيه شعبنا العراقي، من مصائب وويلات قلّ أن عانى منها شعب من الشعوب. فالإرهاب يصول ويجول ليحصد أرواح العراقيين كل يوم، بل كل ساعة، وجبهة الانبار وبقية المحافظات الساخنة منكوبة بكل ما في هذه الكلمة من معنى، والعلاقة مع الإقليم التي يتحملها الطرفان سيئة، وهي كذلك مع باقي إطراف العملية السياسية، فضلاً عن الفساد الذي تختنق به مؤسسات ودوائر الدولة. ولا حاجة لذكر سوء الخدمات والبطالة وقوافل الأرامل واليتامى والمعوقين، فعلى أي شيء تتعاركون؟ إلا يكفيكم ما أنتم فيه من جاه وسلطة ومال وعنتريات ما انزل الله بها من سلطان؟
إلا تخشون من أولي نعمتكم، ومن وضعكم في هذه المواقع التي لم تراودكم حتى في أحلامكم؟ إلا ترون قوس الصبر لشعبنا العراقي الطيب الذي وثق بكم، واسلم قياده إليكم، بات قريباً من منزعه، ولات ساعة مندم! فهل ستتعضون، أم سيظل العناد سيد الموقف لديكم؟
أفتونا أثابكم الله.