الأيديولوجيا والإبداع..! / ريسان الخزعلي
- التفاصيل
- نشر بتاريخ الإثنين, 10 آذار/مارس 2014 20:01
*
بين حين وآخر، يتردد القول بأن «الآيديولوجيا تضر بالإبداع والمبدع»، ومثل هذا القول يبقى عليل الصدق والمصداقية، لأنه لا يخلو من تشويه وتشويش بقصديات معروفة تحاول ان تجعل من المبدع فردا في مجتمع وليس فردا من مجتمع. والفرق واضح جدا بين الأثنين، فحينما تكون فرداً في مجتمع فان هذا يعني حالة من (الطواف)، في حين عندما تكون فردا من مجتمع، فأن ذلك يعني حالة (الالتصاق).
الايديولوجيا صورة للحب المادي والفكري والروحي، وطريقة في التعامل مع الوجود الإنساني. وبدون هذا الحب لا يستطيع كائن من كان او يكون ان يكشف اساريره لمن يحب، ولماذا يحب؟ كما ان الايديولوجيا لا تعني التحنيط في مساحة واحدة ضيقة على الإطلاق. فحينما يكون الإنسان منحازا لأيديولوجية ما، فلابد له ان يتفاعل تطابقا او تعارضا مع الآيديولوجيات الأخرى، كي يصفو ويتجوهر في قناعاته، وينشغل بالتوازيات المعرفية. من هنا يكون الانحياز الايديولوجي كشفاً وليس إنغلاقا، وحينما يتعلق الأمر بالمبدع فأن الانحياز هذا يكون اضافة نوعية ل?دركاته. وان الضرر الذي سيلحق به لا يتم إلا اذا كان غير موهوب، وليس بذي تجربة عميقة، وثقافة شاملة. فهل اضرّت الايديولوجيا بإبداع بابلو نيرودا، أراغون، ناظم حكمت، كامو، السياب، النواب، وغيرهم الكثير؟ هذه أمثلة ليست للحصر وانما للإشارة الدالة، ألم يكن معظم البنيويين وهم الذين احدثوا هزة في الوعي النقدي الأدبي والاجتماعي- من تكوين وانحياز ماركسيين..؟
وهكذا يبدو القول ان «الآيديولوجيا تضر بالإبداع والمبدع» مُنكشِفا للفضاضة والتسطيح، حيث يراد من ذلك ان يكون المبدع كالكرة المرمية على قارعة الطريق، يرميها من يشاء وفي أي اتجاه يرغب، دون رؤية الهدف وتحديده.كما ان أصحاب هذا القول، وفي العراق تحديداً، يتململون من ابداعات الأدباء الشيوعيين المتولدة من هموم الناس وتطلعاتهم، ويحاولون التعكز على ما هو غير ابداعي كي يلصقوا بها صفة الايديولوجية فقط، متناسين إنها جذر مع جذور أخرى تقوم عليها شجرة الإبداع، ومن يحاول ان يقلع الجذور، فأنه سوف لا يجمع غير نثار الورق الياب?.
ورغم ان الموضوع يحتاج إلى الكثير من التفاصيل والمرجعيات الثقافية، والأستدلال بما هو أرسخ، الا اني اكتفيت بهذه الاشارة السريعة كي تكون مفتتحا لما هو قادم، واطمح ان تجد الإشارة صداها.
وبالعراقي، جاءني التعليق سريعا:
«خوي انتَ ليش دايخ.. ذوله يردون الناس تمشي تايهه!!)