المنبرالحر

فوضى الدعايات / طه رشيد

لا يختلف اثنان على أهمية الدعاية في العصر الحديث، سواء تلك التي تروج لبضائع مختلفة، من قطع الحلوى والعاب الأطفال والكبار الى الاسلحة الفتاكة، ام التي تروج للافراد والشخصيات والافكار، وبرامج الاحزاب السياسية الحاكمة وغير الحاكمة . وفي الدول الاوربية تعمد بعض الشركات الى الاكثار من دعاياتها، التي تكلف ملايين الدولارات، بدل دفعها للضريبة باعتبار هذه المبالغ تقع ضمن المصروفات التي تستقطع من المبالغ المستحقة ضريبيا. وبكلمة اخرى هناك قانون ينظم العمل الدعائي سواء المرئي او المسموع .اما الملصقات فتخصص لها البلديا? اماكن محددة ويعاقب القانون على عدم الالتزام بهذه الامكنة .
في عراق اليوم، الذي يتهيء للانتخابات المقبلة في 30 نيسان المقبل، بدأت تدور عجلة المطابع بشكل غير مسبوق، وهي فرصة ثمينة لتحقيق ارباح ربما لا تتوفر في بقية اشهر السنة، حتى اندفع بعض التجار والميسورين الى دخول عالم الطباعة ومنافسة الآخرين في هذا المجال. وبجولة بسيطة في احياء البتاوين ستجد عدداً كبيراً من المحلات الجديدة للطباعة. لكن الجديد من المحلات والمطابع لا يتوقف على هذا الحي فقط ، بل تجدها حتى في اطراف بغداد، ناهيك عن المحافظات .
كل هذا طبيعي ويقع ضمن السياق الدعائي للانتخابات وللقوائم المتنافسة، ( وقد بالغ البعض بتعليق ملصقاته مبكرا، اي قبل الانطلاق الرسمي للحملة الانتخابية، واضطروا لسحبها لانها مخالفة للقانون ) ولكن ما هو ليس طبيعيا ولا مقبولا العشوائية التي جرت بها تعليق الملصقات الخاصة بالعديد من الشخصيات والقوائم، حيث راحوا يلصقون اعلاناتهم في كل مكان، بما فيها الساحات العامة ، وعلى الارصفة . فالأمر لا يكلف شيئا سوى قضيبين حديديين وربط «الفيلكس» بينهما، ولا يهم المرشح ان كان وضعه للاعلان يشوه الساحة او الحديقة او الشارع او ال?دار، المهم ان يراه الآخرون !
ساحة الاندلس وتمثال فتاة بغداد اختفيا خلف الدعاية ، وكهرمانة تكاد تختنق لان الدعايات سدت عليها منافذ تسرب الاوكسجين ! كم اخشى على نصب الحرية ان تشوهه صور البعض، كما حاولت رصاصات البعثيين تشويهه!
نعتقد ان امانة العاصمة تتحمل المسؤولية كاملة ، ليس في تحديد الاماكن الخاصة بالدعاية الانتخابية فقط، بل ايضا في متابعة الذين يتجاوزون على الاماكن العامة. وعليها فرض غرامات مالية كبيرة على المتجاوزين، كي لا يشوهوا المدينة التي تنتظر منها الكثير كي تكون اجمل حقا .