المنبرالحر

بحاجة الى تكسير/ قيس قاسم العجرش

كي لا نكون سجناء لفكرة مهيمنة ..الأمر يحتاج قليلاً من الجهد للتخلص من هيمنة النمط المسيطر في الغالب علينا. الأفكار المسبقة غالباً ما تكون مضللة.
إذا حدث ودخلت الى مطعم ياباني حقيقي فأنت تتوقع أن تواجه»السوشي»وهو أشهر طبق عندهم لكن تصور أن كل طبق سيأتي ومعه قليل من خليط أخضر اللون يشبه اللبن الرائب...إحذره..لأنه قنبلة نووية من اشد انواع الفلفل الحار!..وتوقع أن تكون الأسعار المذكورة في القائمة رخيصة جداً!..لأن قائمة الاسعار محسوبة باللقمة! وليس بالطبق وهو أغرب الامور..والقضية مجرد تضليل ونصب لم نتعوده من اليابانيين..اما المياه فتقدم دافئة وفيها بهار سخيف المذاق! وفي النهاية سيقف مدير المطعم لينحني لك إنحناءة تقصم الظهر عندما تغادر ويرجوك أن تكتب له إ? لم يعجبك المطعم في حين انت تلعن ما أكلت حيث تكون معظم الاسماك واللحوم شبه نيئة !....لكن لماذا تلازم الهنود وحدهم وصمة الطعام المُلتهب...؟...إنه نمط من الأفكار الملتصقة لا غير.
دائماً هناك وجه آخر للحقيقة يبرز منه جزء قليل جداً، بينما نتبنى فكرة بعينها قد تخالفها. ومع هذا فالطعام الياباني يحمل اختلافا بسيطاً جداً بين الشهرة والواقع إذا ما قورن بشيء آخر.
في جنّة التطور والسياحة والنمو- الإمارات العربية ثمة وجه آخر،اسمه سباق الهجن..سباق للإبل والأباعر في الصحراء، يدار في مخيمات معيـّنة ويرتاده أثرى الإماراتيين بينما تمتلك العائلات القوية أفضل الجـِمال فيه وتدير السباق الاسبوعي الذي فيه الكثير من المراهنات.
لا شيء غريباً هنا، سوى أنك ستجد،بعد تفحص وبحث قليلين، أنه ليس مخيماً للإبل فقط وإنما هو معتقل لعدد كبير من المُستعبدين الآسيويين!
لا نتحدث عن عاملين قدموا من بنغلادش بمحض إرادتهم إنما عن»عبيد» من أطفال بعمر خمس سنوات، يستخدمون بربطهم على ظهر البعير لضربه وحثه على الإسراع في السباق...هؤلاء الأطفال «إشتراهم»الإماراتيون لهذا الغرض تحديداً، ولكون أوزانهم هزيلة لا تؤثر على سرعة البعير في السباق.
وهناك تجارة منظمة للإتيان بهم من بلدانهم، وتـُصدر لهم حكوماتهم هويات خاصة تسمى»موافقة عمل برعاية»... يذكر فيها اسم العبد»الطفل»واسم «المربية» التي يفترض أن ترافقه وهي في الغالب تكون واحدة لكل عشرة اطفال عبيد.. توفي عدد منهم نتيجة السقوط أثناء السباق وتلك هي الصورة الاشد إيلاماً...
هل ما زلنا نرى في الإمارات جنة ؟...هل هي كذلك لهؤلاء الاطفال؟..ربما تفيد هذه التفاصيل في ان نتوسع أكثر في فهم الصور النمطية التي تنتقل الينا عبر الإعلام ثم تتسلل الى وعينا لتصبح من المسلمات... كم تحفل هذه الحياة بالأنماط التي وجب كسرها للبحث عن الحقيقة.
الحقائق ليست أكلاً جاهزاً للبيع...إنها حصيلة وعي بالوقائع.