المنبرالحر

زوّجوا الأطفال لتزداد الأمراض..! / د . سلام يوسف

الطفل(الطفلة) هو(هي)، كل مَن لم يبلغ سن الثامنة عشرة من العمر، حسب تعريف هيأة الأمم المتحدة والمنظمات الانسانية والصحية والاجتماعية التابعة لها. ومن الناحية الطبية التشريحية والفسيولوجية(الوظيفية)، فأن الطفل هو كل مَن لم يصل الى مرحلة البلوغ، ومرحلة البلوغ هي المرحلة الثانية في عمر الإنسان بعد مرحلة الطفولة وقد ظهرت عليه العلامات والأعراض الجنسية الأولية والثانوية المعروفة.
ولكن، وهنا المهم، فأن الوصول الى مرحلة البلوغ لا يعني "النضوج" الجنسي ولا العقلي. فالنضوج الجنسي يعني أكتمال مراحل نمو الأعضاء الجنسية. ومثال ذلك ،فأن ظهور الدورة الشهرية لدى الطفلة ذات الأثنتي عشرة سنة مثلاً، لا يعني أن مبيضيها قد بدءا بأنتاج البويضات. وكذلك فان ظهور خط الشارب لدى الطفل ذي الخمسة عشر عاماً ،لا يعني بالتأكيد أن خصيتيه تنتجان الحيامن الناضجة وكاملة الشكل والفعالية والعدد. أما من ناحية النضوج العقلي فالكل يتفق أن مرحلة الطفولة هي التي يحتاج فيها الطفل أو الطفلة الرعاية الأبوين أو رعاية من هو المسؤول عنهما، بمعنى اذا كان أي منهما لا يمتلك القدرة والقابلية على رعاية نفسه، فما بالك في رعاية غيره!
والنضوح العقلي يعني أكتساب الخبرة التراكمية من الحياة ،وهذه الخبرة تعني الدراسة والتعلم والتجربة والممارسة والصواب والخطأ و..و.. أي من الناحية العملية يعني مرور سنوات من العمر للوصول الى تلك الخبرة أو على الأقل المعرفة في كيفية التعامل مع معطيات الحياة المختلفة بحلوها ومرها.
طفلة عمرها 9 سنوات، ولم تبلغ الحلم بعد، وكل عالمها (لعّابات واصباغ الأظافر)، وشرب قدح الحليب من يدي أمها وهي تخاف الاستحمام لوحدها، أو أنها لازالت تلميذة تواً بدأت تنطق الحروف(هذه في حالة تنعمّها بحق التعليم)، كيف لها ان تكون بين ليلة وضحاها زوجة؟! طفلة تتم سرقتها من بين (ملاعيبها) لتصبح مسؤولة (شرعاً) أمام رجل، وفي أحسن الأحوال أمام طفل مثلها؟!
طفلة أذا صرختَ عليها بكت وزعلت، فما بالك وذوو (الانسانية) يحاولون شرعنة اغتيال طفولتها وتلبيسها لبوس قوانين (اجتماعية) ممسوخة؟! بالتأكيد أن ذلك له مضار نفسية وأجتماعية لا تحمد عقباها ، حيث أن قطع الحبل السري الاجتماعي بين الطفلة وأمها أو أهلها أنما يؤدي بها الى الصدمة النفسية التي ستُختزن في العقل الباطن مفضياً الى نتائج سلبية في بناء شخصيتها الأنسانية لاحقاً. فصل هكذا طفلة عن حضن أمها سيترك عقدة الحرمان العاطفي لديها، أما من الناحية الجسدية فالنتائج من القباحة الى حد يندى له جبين البشرية، فالنزوفات الدموية والتمزقات النسيجية غالباً ما أودت بحياة الكثير من المغدورات.
اما بالنسبة للولد وهو لم يتجاوز الخامسة عشرة من العمر، فيكفيه أن يتحمل هموم وثقل أمر لا يفقه منه شيئاً ،بل وضعوه في دائرة المسؤولية لا يعلم لماذا هو دخل اليها وهو أيضاً قد فقد ألعابه وأصحابه.
وعند كلتا الضحيتين، فان أحراق مراحل حياتيهما وحرف مسيرة تطورهما الطبيعي، سيفضيان بالتأكيد الى نتائج غير مرغوبٍ بها، فما بدأ خطأ سينتهي الى خطأ.
كل الدراسات والبحوث أوضحت أن الزواج المبكر له سلبياته العديدة وان أس المشكلة فيه هو غياب النضج العقلي وعدم القدرة والتمييز بين الصح والخطأ، وبالتالي تنتهي هكذا زيجات الى الأنفصال لتضاف انسانة أخرى الى قوافل المطلقات وما يتبع ذلك من أثار سلبية على حياتها النفسية والاجتماعية. وكذا الحال بالنسبة للولد. فكيف سيكون الحال بالنسبة لطفلين مجموع عمريهما 24 عاماً !!
واذا كان وراء الترويج لهكذا زواج هو السير بالمجتمع نحو شواطيء الفضيلة والنصح والصواب، فالعلاج لا يكون عن طريق جريمة تقترف بحق الطفولة والأنسانية، ولا العلاج بما سينتهي الى مشاكل أكبر بحق الإنسان والمجتمع، انما العكس تماماً ،فتزويج الأطفال يزيدهم أمراضاً.