المنبرالحر

الاحزاب العراقية وغياب الخطط الاستراتيجية/ محمد فريق

ان الاحزاب السياسية في العراق الجديد التي بدأت في وقت قريب نسبياً الذي لم يتجاوز الثمان سنوات تملك كل شيء تقريباً ، سواء السلاح ،او الاعلام ،او المال، الذي هو اساس وجودها لكن دون ان نعلم مصدر هذا المال خصوصاً اذا علمنا ان العراق الجديد الذي يقوم على اساس القانون ! لم يشرع فيه حتى اللحظة قانون للأحزاب لتنظيمها و يلزمها بتقديم مصادر اموالها ، التي يمكن ان تقسم الى مصدرين الاول هو المال العام الذي لا يستطيع احد استغلاله الا الاحزاب الحاكمة و المتنفذة ، و الثاني هو مصدر خارجي من دول اقليميه و غير اقليمية؛ و لكن الشيء الوحيد الذي لم يقدمه حزب واحد من هذه الاحزاب ( الكثيرة جداً التي يعتقد البعض انها حالة صحية في العملية السياسية في حين ان الوصف الصحيح لها هو الفوضى ) هو البرنامج الانتخابي الذي يمثل خطةً استراتيجيةً لحزب جاد في وعوده الانتخابية و له رغبة حقيقية في العمل من اجل بناء الدولة المدنية التي تضم مؤسسات هادفة تؤدي الدور المناط بها بكل مهنية و مصداقية.
ان البرنامج الانتخابي او السياسي محل حديثنا لا يشمل بأي حال من الاحوال الشعارات الانتخابية المبتذلة التي اصبحت محل سخرية المواطن العراقي البسيط قبل المثقف و الواعي ؛ و من ابرز هذه الشعارات (عدالة اجتماعية) او (حرية) او (دولة ديمقراطية) فهذه ليست وعوداً يسعى لتحقيقها الحزب الفلاني و يتجنبها الحزب الاخر بل هي حق شعبي و دستوري يجب على من يتولى زمام الامر في العراق تحقيقه قبل ان يعمل لتحقيق برنامجه الانتخابي ؛ و ايضاً البرنامج الانتخابي ليس مجرد حبر على ورق ينتهي بمجرد انتهاء الانتخابات بل سياسة شاملة لمؤسسات الدولة سواء التعليمية او الامنية او الاقتصادية يجب تنفيذها في اطار زمني محدد و هو الدورة الانتخابية ، و هو ما يعني اتباع الاساليب الاكثر فاعلية و اهمية و السعي لتطبيقها بعيداً عن التبذير سواء في المال العام او الزمن ؛ في هذه الحالة فقط نستطيع ان نقول ان في العراق حزباً سياسياً متكاملا و واقعيا يضع حلولاً موضوعية للمشكلات التي يعيشها العراق بسبب فوضى عارمة اجتاحته بعد الاحتلال و سيطرة احزاباً متعطشة للسلطة و الهيمنة و المال فقط ، بل من الخطأ ان تسمى احزاب من الاساس ؛ و اعتقد انها تقف وراء عدم تشريع قانون الاحزاب لأنها تشريعه سيكشف الغطاء عنها و عن فضائها و فسادها و تبعيتها لدول مختلفة.
ان الوصول الى دولة ديموقراطية لا يمكن ان يتم الا بأتباع الوسائل الصحيحة ؛ فمن غير الممكن ان تكون الدولة ديموقراطية دون وجود ما ينضم الممارسات الديمقراطية (سياسياً) و يضع حداً لفوضى اربكت المجتمع العراقي و ادت الى تقسيمه و اشعال الفتنه بين مكوناته بسبب ممارسات التكتلات التي تعرف بالأحزاب التي استغلت غياب القانون من اجل الكسب الانتخابي بل ذهب البعض منها الى ما هو ابعد من ذلك وقام بتأسيس جماعات مسلحة (الميليشيات) و التي لا يمكن ان توصف الا بالخارجة عن القانون و السؤال. هنا كيف يمكن لمثل هذه الاحزاب (ان افترضنا انها احزاب) ان تؤسس دولة مدنيه تقوم على اساس القانون و احترام الآراء و التعددية ؟ و بالنتيجة وجود برامج انتخابية (خطة استراتيجية شاملة) و قبله قانون ينضم عمل هذه الاحزاب هو الوسيلة المثلى لحياة سياسية صحيحة ، يكون فيها القانون حجراً لأساسها و هو يضعنا امام نتيجة لا مفر منها و هي ان ما يجري في العراق بعيداً كل البعد عن السياسة او ما يعرف بالعملية السياسية ، بل الاصح ان تسمى فوضى سياسية ، و ايضاً ان ما تستخدمه الاحزاب او التكتلات بشكل ادق هو شعارات سياسية و ليست برنامجاً انتخابياً حقيقياً و ان على الشعب ان يعي خطورة هذه الامر فهم يستغلون حقوقه التي نص عليها الدستور في الوصول الى المناصب التي تنفع من يصل اليها فقط.