المنبرالحر

في محنة فنان !/ عدنان منشد

منذ شهور طويلة، لم يسنح اللقاء بصديقي الفنان الموسيقي جمال السماوي، ولم نتهاتف الا لماما لاسباب لا اعرف تفسيرها ابدا.. ولعل المصادفة وحدها جمعتني بهذا الصديق يوم افتتاح مهرجان "طريق الشعب" الثاني في 6 آذار الجاري حينما لقيته وليتني لم ألقاه ـ بهيئة او شكل صحي لا يدعو الى الاطمئنان له البتة.
هل يعقل ذلك الكيان الممشوق بالفرح والفن ان يكون هو جمال السماوي حقا؟.. هل بالمستطاع ايضا ان اتصور منه هذا الهزال وتلك القشعريرة التي تلامس جسده، حتى وان كانت الشمس دافئة وعادلة بفعل تجليات ربيعنا العراق القصير..؟؟
أسئلة كثيرة طافت بذهني، وانا اواجه صديقي العازف المرموق على آلة القانون منذ منتصف السبعينيات وحتى يومنا الراهن، بسحنته المقلقة، بهامته المطأطأة للامراض المتعددة التي ألمت بجسده من كل صوب ومكان؟ "ابتدات القصة معي منذ اكثر من عام وانا في غياب عن اصدقائي ومعارفي واهلي وخلاني.. لقد اصبت بعجز كلوي حاد، وتم علاجي في اربيل طيلة اشهر عديدة.. وقبل شهرين ايضا تعرضت الى ذبحة صدرية وضعف في التنفس، وبعد مراجعة الاطباء في العديد من المستشفيات الرسمية والاهلية تم العلاج المزدوج بغسل الكلى وعملية القسطرة الخاصة بالقلب.. انها ازمة مرضية حادة ومزعجة وقد حاصرتني بالتعب والالم واستنزاف كافة مدخراتي المالية والعينية".
ويضيف السماوي بالم وحزن "اليوم انا في بغداد حيث تم الاتفاق سريريا على زرع كلية من متبرع خلال الشهرين القادمين، ريثما اتحرر من فترة النقاهة كما وصفها لي الاطباء، ومرحى لابنتي العزيزة (طيبة) التي ستتبرع لي باحدى كليتيها من دون خوف او ضجر".
هنا ينتهي خطاب جمال السماوي معي، لاقول لمن لا يعرفه من الخاصة والعامة في عراقنا الديمقراطي الجديد، بانه فلتة فنان موسيقي في زمن غابت فيه العجائب والفرائد، حينما كان سليلا للفنانين العراقيين الكبار في عزف آلة القانون المعقدة على العازف والجمهور والمتلقي، اذ القائمة قصيرة في تاريخ العراق لمن برع في هذه الآلة ومنهم سالم حسين وخضير الشبلي وحسن الشكرجي وعلاء السماوي (شقيق جمال) اما دونهم فالصحراء مترامية الاطراف حول العزف بهذه الالة العجيبة.
علينا ان نعترف اخيرا وبجردة حساب بسيطة ان مثل هذه العملية ستكلف جمال السماوي قرابة 30 مليون دينار في مستشفيات اربيل.. فمن اين يتأتى لهذا الفنان دفع هذا المبلغ؟.!