المنبرالحر

لمصلحة من تبقى ازمة الانبار مفتوحة ؟ / محمد عبد الرحمن

لا اعرف بالضبط ، ومثلي كثيرون ربما ، متى تنتهي ازمة الانبار ويتم « تحرير « اهلها مما هم فيه. قيل رسميا في البداية انها مجرد ايام ويحسم الامر مع الارهاب و» داعش « ، وها نحن في الشهر الثالث منذ بدء العمليات العسكرية في حوران ولا حل في الافق ، فيما النزف يتواصل من العسكريين والمدنيين على السواء .
يبدو انها ازمة مفتوحة ، او يراد لها ان تكون كذلك ، وقد تكون فيها منفعة للاطراف ذات العلاقة المنغمرة فيها ، الا الناس وبالذات سكان المحافظة ، الذين لا يستحقون قطعاهذا الذي يجري لهم ، كما في اي شبر من ارض العراق . فمعاناتهم تتفاقم وسط اجندات متقاطعة وتجاذبات سياسية ، لاعلاقة لهم بها من قريب ولا من بعيد .
ولعل الشيء المحزن في الامر ، الى جانب الخسائر البشرية ، هو الجانب الانساني في هذه التراجيديا المتواصلة ، والاوضاع الاستثنائية التي تعيشها مدن المحافظة ، وقراها واريافها ، وتفاقم افعال الارهابيين من داعش واخواتها وخططهم الدنيئة ، وفرضهم على سكان المحافظة حالة هم ، باغلبيتهم الساحقة وكما يؤشر المراقبون ، رافضون لها .
البعد الانساني يتفاقم ، وتتزايد اعداد المهاجرين والراحلين الى خارج المحافظة وداخلها ، ومن المناطق التي تدور الصدامات فيها : الفلوجة بمدنها المختلفة ، والرمادي والخالدية وغيرها. ويمكننا ان نتصور حجم المشكلة حين نعرف ان هناك ، حسب التقارير ، اكثر من 600 الف مواطن اضطروا الى ترك منازلهم والنزوح الى مناطق اخرى يظنونها اكثر امانا ، 600 الف شخص من اصل ما يقرب من مليون و600 الف شخص ، هم مجموع سكان المحافظة حسب تصريح الناطق الرسمي لوزارة التخطيط في 6 تشرين الاول2013 .
وفيما اظهرت نقاشات مجلس النواب حول ازمة الانبار انسانيا ، الحاجة الى تقديم المزيد من الخدمات للنازحين ولمن يضطرون الى البقاء في المحافظة ، رغم الاوضاع الامنية غير المستقرة والقابلة للاشتعال والتدهور في اية لحظة ، فان المسؤولين في المحافظة يواصلون الشكوى من قلة ما يصلهم من تخصيصات مالية ، قياسا بحجم المشاكل وتعددها ، فضلا عن عدم تعاون الوزارات المعنية وغياب دعمها.
الحرب على الارهاب ، ايا كان شكله ولونه والمناطق التي يظهر فيها ، لا يفترض ان تتراجع شدتها ، لكن المنطق والتجربة الملموسة ، سواء في الانبار ام في عموم العراق ، تقول ان الارهاب لا يهزم بالعمل العسكري وحده ، على اهميته ، خصوصا وان المواجهة في الانبار اخذت طابع حرب المدن ، المكلف بشريا وماديا. فهل يبتعد ذوو العلاقة ، من كل الاطراف ، عن الحسابات الضيقة والسعي الى المكاسب الانية ، ويتوجهون الى اتخاذ مجموعة اجراءات ، تضمن في المطاف الاخير مشاركة واسعة لابناء المحافظة ، وتمكينهم من التصدي للارهاب ، والى جعل المحافظة كلها خط تصدٍ امامي ومانع لتسرب عناصر الارهاب ، كما حصل في المرة السابقة؟
فليس من المصلحة في شيء ، سواء للمحافظة ام للعراق كله ، ان يستمر هذا النزف الذي لا يزيد الامور الا تعقيدا ، على مختلف الصعد!