المنبرالحر

تنافسوا.. لكن بحياء / عبدالمنعم الاعسم

نحتاج دائما الى التذكير بوجوب خوض التنافس الانتخابي بفروسية وتحضر، بعيدا عن اساليب التشهير والتهديد، لأن ما يجري الآن يفضح عوز الكثير من المنخرطين في الانتخابات الى معارف وثقافات التنافس العصري، وقل الى حياء.
وسنحتاج الى التأكيد على انه لا تنافس حضاريا من غير حرية تعبير يتمتع بها المتنافسون، كافراد او مجموعات، وكمجتمع، وهذه الحرية ليست منّة، او متبرع بها من احد. انها ثمرة كفاح البشرية والشعوب المضطهدة في المقام الاول، إذ تمتعت هذه الحقوق برعاية ميثاق الامم المتحدة (المادة 19 من الميثاق الدولي) التي اعطت "لكل فرد حق حرية التعبير عن الرأي" ثم "ان لكل فرد حق حرية إبداء الرأي دون تدخل خارجي".
وحين خرج القائد الوطني الافريقي نلسون مانديللا من السجن خاطبه مبعوث دولي في احتفال حضره مليون من الملونين قائلا "يا صانع حرية هذه البلاد" فرد عليه مانديللا، متضايقا، بالقول مشيرا الى الجماهير الغفيرة بالقول:"هم الذين حرروا انفسهم" .
وفي حزمة الالتزامات الخاصة بممارسة حقوق حرية التعبير، قضت المواثيق والتشريعات الدولية بتثبيت حقوق الحماية للافراد والمجموعات والشعوب والعقائد والاديان، حيال ممارسة هذه الحرية، وجرى التركيز، خلال التنافس الانتخابي، على تحريم وتجريم استخدام الاعلام وسبل الدعاية الاخرى في التعدى على المنافس او الاساءة الى سمعته او الحيلولة دون وصوله الى الناخبين، وهي جميعا من حشوات التنافس الحضاري.
لكن الاكثر اساءة الى فروض التنافس الحضاري يمكن ملاحظته في اللجوء الى تزوير ارادة الناخب عبر ممارسات وتقنيات محرمة، وفي استخدام المال العام والسلطة ومنافذ الدولة في الدعاية والعلاقات، من قبل الحكومة او الفئات المتنفذة فيها.
واللافت، ان الاعتراضات الوفيرة التي قدمتها مجموعة المراقبين الدولية والمحلية والصحافة لانتخابات العام العام 2010 ثم انتخاب مجالس المحافظات لنفس العام، تشير الى انتهاكات صارخة ارتكبت آنذاك لقيم التنافس الانتخابي، ولم يكن ليخفف من اثر تلك الانتهاكات ما ذكرته المفوضية العليا في خلاصاتها وتحقيقاتها (والخشية انها ستتكرر) من ان حالات التزوير"القليلة" لم تؤثر على النتائج المعلنة النهائية، فان وجود حالة واحدة من التزوير سُجلت على جهة نافذة كانت قد مارسته، لا يمنع الطعن في سلامة التزام تلك الجهة بالتنافس الحضاري، كما لا يمنعها من ممارسة هذا التعدي على حقوق الناخبين كلما سنحت الظروف لذلك.
وعندما يقال (وسيقال أغلب الظن) ان الانتهاكات لقيم التنافس الحضاري جرت في اطار مخالفات فردية محدودة، فان الامر لايعدو عن كونه محاولة لاعطاء الانتهاكات ترخيصا، يساوي الموافقة على قتل انسان بريء بذريعة انه شخص واحد من ملايين من المواطنين لم يتعرضوا الى القتل..
فان الجريمة، جريمة، بصرف النظر عن عدد ضحاياها.

*********
"شعرت الاخلاق بالحرج حين قامت بزيارة الصفيق فتحولت الى امرأة ثكلى" .
احدهم
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ينشر بالتزامن مع جريدة(الاتحاد) الغراء