المنبرالحر

الاقتصاد والدعاية الانتخابية / محمد شريف أبو ميسم

يقال ان السياسة تصب في سلة الاقتصاد ، بمعنى أن السياسي يعمل دوما على تحقيق المصالح الاقتصادية لبلده من خلال مهاراته السياسية عبر ما يسمونه بفن الممكنات.. بيد ان السياسة في العراق عرفت بمنهج الاتكاء على الاقتصاد الذي ابتدعه النظام السابق ودرب عليه تلامذة الأمس مستغلا خيرات البلاد ،بعد أن عسكر المجتمع العراقي على مدار أربعة عقود جرّت الويلات على البلاد والعباد الى يومنا هذا.
وبالتالي فان ثمة منهج شاذ يعتنقه أنصاف السياسيين وخريجي المدرسة السابقة في توظيف كل ما هو اقتصادي لتحقيق الأهداف السياسية الشخصية الضيقة والفئوية، ما يعكس افلاس حقيقي بالتزامن مع انطلاق الحملات الانتخابية..هذا المنهج يعتمد البدائية في توظيف الامكانيات والامتيازات التي يتمتع بها هذا السياسي أو ذاك . ما يثير الشفقة والأسى في آن واحد على ما آلت اليه الحالة السياسية والاقتصادية في البلاد بعد هذه السنوات من الارباكات التي دفع ثمنها الانسان العراقي .. فترى من يعمل مؤتمرا صحفيا للمطالبة بشأن يتعلق بحياة الناس بحسب عضويته (التي لم تكن فاعلة في يوم ما ) في لجنة برلمانية ما.. وتسمع عمن يطلق البيانات الصحفية للمطالبة بتحقيق قضية اقتصادية (بعد أن فات الأوان في تحقيقها مع اقتراب نهاية عمر البرلمان الحالي).. وهنالك من يوظف الامكانيات المالية المتاحة في هذا الاطار لدعم مجموعة من هذه الفئة المجتمعية أو تلك ..وآخرون يستثمرون الامتيازات والصلاحيات التي يتمتعون بها لمعالجات ترقيعية دون معالجة لجذور المشكلة .. فيما تبقى المشاكل الاقتصادية التي تعاني منها البلاد على شكل ملفات حبيسة الأدراج لترحل الى البرلمان القادم .
هذه الملفات المفخخة بالمشاكل الخلافية ، هي التي تقف وراء متاعب الانسان العراقي يوميا على كل الصعد ( الأمنية والخدمية والاقتصادية) وكان الأولى والأجدر بهذا البائس سياسيا أو ذاك المتخلف عن خدمة ناخبيه على مدار عمر البرلمان الحالي أن يتحلى بالايجابية ليكشف عن سر استمرار تعطيل القوانين وتعويق مرورها، وعن سر شلل البرلمان في ممارسة دوره الرقابي على مدار السنوات السابقة . وعن نسبة النجاحات التي حققها السياسي لخدمة ناخبيه .. لا أن يخرج في الوقت الضائع ليتحدث عن دوره في تحديد نسبة 10 بالمئة للصحفيين من الوحدات السكنية التي تبنيها وزارة الاعمار ، والوزارة نفسها أعلنت مررا وتكرارا ان مشاريعها السكنية في عموم البلاد لا تجد حلا لأكثر من 5 بالمئة من مشكلة السكن .. أو أن يظهر عبر بيان يوزعه على وسائل الاعلام ليبين دوره في قضية تثبيت عاملين في وزارة ما ، لينقلهم من نظام الاجر اليومي الى نظام الملاك الدائم (بعد أن أشبعت هذه القضية قولا وترتيلا من أطراف مختلفة على مدار سنتين) .. وأن يكون أكبر من المتاجرة بعوز الناس ويكف عن تسليط الضوء على ضعفهم وحاجتهم وهو يقوم بدور الداعم للفقراء والمحرومين .. وعلى هؤلاء ممن جربوا شغل السياسة وربطات العنق، وذاقوا حلاوة الامتيازات وتمتعوا بالجاه الاجتماعي والعشائري أن يعوا ان صوت الناخب ما عاد صيدا سهلا . اذ بات المواطن البسيط يتحدث عن الشارع والمقهى وحافلات النقل عن البديل السياسي الذي يجيد تدوير ما في سلته السياسية بداخل سلة المواطن الاقتصادية والخدمية والأمنية .