المنبرالحر

الرجل العنكبوت/ محمد علي محيي الدين

اعتمدت أفلام هوليود على أساطير الشعوب واقتبست منها الأفكار التي تحولت إلى صور ناطقة يتفاعل معها المشاهد ويندمج في أحداثها، كأفلام السوبرمان والرجل الوطواط وكلها تحكي البطولة والقوة الأسطورية لأشخاص خلقهم الخيال الشعبي، وصورهم بما يتمنى أن يكون عليه المنقذ من شهامة وسماحة وشجاعة وقدرة على مواجهة الأخطار، لأنصاف المظلومين، ومحاسبة المجرمين وإعادة الحقوق لأصحابها، ولعل أكثر هذه الأساطير تنفيساً عن معاناة إنسانية تصلح لكل زمان ومكان، لذلك حفلت الاساطير بالكثير من هذه النماذج.
لقد شاهدت قبل أيام فلما أجنبيا وكان عنوانه (الرجل العنكبوت) وهو قصة إنسان خارق،أحب فتاة لم تبادله المشاعر ذاتها،وعلقت بغيره، وذات يوم لدغه أحد العناكب المختبرية، فأصبح يتحول إلى عنكبوت يطير في الفضاء،وينسج خيوطه لتكون حبالا ينقذ بها الناس من الحرائق والقتل،فحصد من الشعبية ما جعله ملهم الجماهير، وكان يولي حبيبته عناية خاصة، وكثيرا ما أنقذها مما تقع فيه من مخاطر دون أن تعرف المنقذ، وخاض صراعاً عنيفاً مع عالم شرير أختبأ خلف صورة مخيفة أثارت الخوف في النفوس وأزهقت الكثير من الأرواح ودمرت الممتلكات، وكان النصر حليفا للخير متمثلا بالمنقذ الخارق.
ولا أدري لماذا داعب خيالي في نهاية الفلم مرارة الواقع العراقي، وما يعانيه العراقيون وهم بانتظار اليد السحرية الخارقة القادرة على إنقاذهم من واقعهم المأساوي، فهل يمكن أن يتحول الخيال إلى حقيقة، ويظهر الرجل الوطواط أو العنكبوت الذي يتمكن من اختراق الحجب الطائفية والعنعنات القومية،والأجندات الخارجية، والمصالح الدولية وانحسار الروح الوطنية، والانكفاء الذي جعلنا نتراجع إلى الوراء،بعد أن كنا(واثق الخطوة يمشي ملكا) ليعيدنا إلى ما كنا عليه «أخوة على سرر متقابلين»؟ وهل يوجد في القرن الواحد والعشرين ،قرن المعجزات العلمية،والتكنولوجيا المتطورة،مثل هذا المنقذ الذي يستطيع تنظيف العقول الصدئة مما تراكم عليها من تصورات ضالة،ويعيد البسمة إلى الوجوه التي تناست ما هو الابتسام؟ وهل يستطيع (المخرج) تحويل (السيناريو) إلى نهاية سعيدة، وأن لا يجعلها (فلم هندي) تتراقص فيه الدموع،وتتباكى الأرداف، أو يكون فلما (مصريا) لابد أن ينتهي بزواج الشاطر حسن؟ أم نبقى في فلم (الكابوي) المخيف، الذي أحال حياتنا إلى رصاص ودماء وجثث تملأ الشوارع، وسرقات في وضح النهار، من دون(عمده) يحمل نجمته ومسدسيه ويواجه اللصوص؟ لا أدري..ولكن...قاطعني سوادي الناطور صائحا (هي ظل بيها لكن.. أشو سويتها ظلمه، وسديتها من الصدور، وسكتها بتبنها وما أنطيتها فنتگ، شحسبالك أحنه الصومال لو دار دور، ولك هذا العراق المدوخ العالم، ودوخ الحكام،ولا تتصور واحد يگدر يخلي العراگيين بعبه، وهاي أسنين راحت وأجت، وأحنه ذولاك أحنه،واحدنه يگاوي الكون، ويوگف بوجه السيل.