المنبرالحر

الذكرى 80 للحزب الشيوعي العراقي دلالة للتمدن والديمقراطية/ د. رمزي توماس

بعد سويعات من الآن تمر الذكرى الثمانين لتأسيس الحزب الشيوعي العراقي ، في 31 آذار من عام 1934 ،
ففي الوقت الذي يستقبل شعبنا العراقي هذة المناسبة الوطنية العظيمة بالأفراح والمسرات ، يمر عراقنا الحبيب ( أرضاً وشعباً ) في ظروف غاية في الصعوبة والتعقيد وأزمة عامة وشاملة في جميع مرافق ومفاصل الدولة ، ومما زاد الوضع صعوبةً وتعقيداً في العراق هو أقتراب موعد الأنتخابات التشريعية القادمة ( مجلس النواب العراقي ) في 30 من نيسان القادم ، بالأضافة الى التدهور والفلتان الأمنين ، من السيارات المفخخة والتفجيرات والأغتيالات بكواتم الصوت ، وأستخدام بعض الكيانات المتنفذة سياسة تكميم الأفواه لكل من ينتقد السيد رئيس الوزراء العراقي وحزبه ( حزب الدعوة الأسلامي ) وحكومتهِ ، وابعاده وتهميشه من قوائم المرشحين الى مجلس النواب العراقي غايته التسقيط السياسي ، وإصرار المتنفذين في السلطات الثلاث بالسير قدماً بنهج المحاصصة الطائفية – الأثنية من جهة ، وعسكرة المجتمع بتشكيل الميليشيات المسلحة المختلفة الأتجاهات والأهداف ، التي معظمها بعيدة كل البعد عن مصالح وطموح شعبنا العراقي ، بحكم المصالح الأنانية الضيقة ( الطائفية ،والشخصية ، والحزبية والمناطقية وغيرها ) من جهة أخرى .
وهناك بوادر مخفية على ما يبدو من قبل هذة القوى المتنفذة ، تسعى جاهدة من أجل تأجيل الأنتخابات التشريعية القادمة ،وشعورهم بأن حظوظ البقاء على كراسيهم الثرية أصبحت ضعيفة ، بسسب تدني سمعة هذة القوى في أوساط الجماهير الشعبية العراقية ، وصيتها السيئ ووعودها الكاذبة ، وسرقة قوت الشعب وتجويعه في المجالات عدة كالمآكل والمشرب والملبس والمآوى ، بالأضافة الى المستقبل المآساوي الذي ينتظرهذة القوى بعد فقدان كراسيهم وغيرها ، وذلك بالضغط على المفوضية العليا المستقلة للأنتخابات من خلال الأملاءات السياسية عليها ومحاولة منهم لتسييسها والهيمنة عليها وفق مصالحهم الأنانية الخاصة.
وما تأكيدات التحالف المدني الديمقراطي حول وقوفهِ بشدة أمام اية محاولة تهدف الى تأجيل الأنتخابات البرلمانية إلا دليل على وجود نوايا للقوى المتنفذة في الحكم لتحقيق ذلك ، وقال القيادي في التحالف المدني الديمقراطي السيد جاسم الحلفي في بيان صحفي ، أن " الأستقالة الجماعية لمجلس المفوضين للمفوضية العليا للأنتخابات ، دليل آخر على تداعيات أزمة الحكم ، وصراع المتنفذين من أجل مصالحهم ، وعلى حساب إيجاد مخرج للأزمة المستفحلة ، التي تلقي بظلالها على الأوضاع السياسية والأمنية والخدمية للمواطنين ..." .
وأضاف السيد الحلفي " نحن نؤكد وقوفنا بشدة أمام أية محاولة القصد منها تأجيل موعد أجراء الأنتخابات ، أو عرقلة إجراء إنتخابات حرة ونزيهة وفق المعايير الدولية ، وكذلك على عدم تدخل السلطات التنفيذية والتشريعية في عمل المفوضية ، والهيمنة على قراراتها ، ...".
كما أن تباشير الوضع السياسي تشير الى تراجع ملحوظ ، لا بل أنحراف عن خطة الطريق نحو بناء المجتمع المدني الديمقراطي ، وقبل كل شيئ تركيز السلطات الثلاثة بكيانات سياسية ذات طابع وخصوصية طائفية – أثنية ، والتدهور المريع للملف الأمني ، وممارسة سياسة الأقصاء والتهميش ومصادرة حرية الرأي والتعبير ، والأستناد على نفس القوانين الصادرة في عهد الطاغية صدام حسين ، والتركيز على العمليات العسكرية فقط لمكافحة الأرهاب ، ويقابله عدم الأهتمام بالمعالجات في المجالات المهمة الأخرى ، كالسياسية والأقتصادية والأجتماعية والخدمية والثقافية والأخلاقية للمواطنين ، ناهيكم عن أستخدام المال العام وسرقته وأستغلال المشاعر الدينية للمواطن العراقي وتضليل أفكارهم ومواقفهم والضغط عليهم لعدم أختيار ممثليهم الحقيقيين في مجلس النواب العراقي .
علماً بأن إستمرار هذة الأوضاع المقلقة والمثيرة للجدل ، ومعالجة المواقف السلبية والأزمات المستعصية التي تعصف بالشارع العراقي بنفس النهج والروحية الطائفية المقيتة ، والتي لها تأثير سلبي مباشر على أمن المواطن وقوته ، سيعرض الوطن والمواطن الى مخاطر جدية من الصعب معرفة عواقبها ، إن أستمرار الخارطة السياسية العراقية بهذا المنحي الرجعي - التنازلي ربما ستتداخل السلطات الثلاثة وتصطدم مع بعضها البعض ، ويؤدي الى سيطرة القوى المتنفذة التي تملك زمام المبادرة العسكرية على دفة الحكم ، حيث أن القاصي والداني يعرف من يملك موضوعياً وذاتياً مقومات مستلزمات هذة المبادرة المسلحة المهلكة .
وإذا تمعن القادة السياسيون المتنفذون وأعادوا النظر بضرورة التطور النوعي لنهجهم وممارساتهم السياسية ورفضهم نهج المحاصصة الطائفية قلباً وقالباً ، وتقديم التنازلات المتبادلة بين القوى المتصارعة من أجل السلطة والمال والنفوذ ، وتفضيل المصلحة الوطنية العامة على مصالحهم الشخصية والحزبية والطائفية ، بذلك يمكنهم من الجلوس على طاولة المحادثات وأشراك جميع القوى الوطنية والديمقراطية والأسلامية التي تقر بالعملية السياسية بالطرق السلمية الموجودة في البرلمان العراقي وخارجه وكذلك القوى المشاركة في الحكومة وخارجها ، وعلى اساس القاسم المشترك بين هذة القوى يكون الوطن .
لذا أن حجر الزاوية في وطنية أية قوة من المكونات السياسية هو موقفها الداعم للعراق وهو على مفترق الطرق ، وكل قوة تضع نفسها أمام مسؤوليتها الوطنية ، وأن شعبنا وللتاريخ لم ولن يرحم من يسلك طريق خيانة العراق وتجويع الشعب.
طالما ونحن مقبلون على صناديق الأقتراع لإختيار من يمثلنا قولاً وفعلاً في الأنتخابات التشريعية المزمع إجرائها في 30.04.2014 ، إذن نحن من حقنا أن نثق بشعبنا العراقي وأمكانياته بالتمييز بين أصحاب الأيادي البيضاء ، الذين زكت الحياة نزاهتهم وجهاديتهم وولاءهم لوطنهم وأنتماءهم لشعبهم وبالتالي تاريخهم النضالي المشرف ، وبين أولائك الذين سرقوا المال العام وملأوا البنوك في أوربا الغربية والبلدان العربية وغيرها بالمال المسروق من قوت الشعب ، ونشروا الفساد في طول البلاد وعرضه ، وعمموا مبدأهم الطائفية المقيتة ، وأدخلوا الوطن في حروب داخلية وشكلوا الميليشيات المسلحة ، التي تحرق الأخضر واليابس بأسم مكافحة الأرهاب ، علماً بأن الأرهابيين زادوا عدداً وعدة وسيطروا على مساحة أوسع من ذي قبل ، بدليل توسعت المناطق التي تدور فيها النزاعات العسكرية ، والتي تزهق فيها يومياً أرواح عشرات المواطنين والمواطنات الأبرياء ، وفيما يلي أهم هذه المناطق والحواضر العراقية : ( أجزاء مختلفة من محافظة الأنبار والصحراء الغربية عامة ووادي حوران خاصة، والفلوجة ، والطوزخرماتو، ومحافظة نينوى مقفلة معظمها للأرهاب ، وبهرز ، وشهربان ، وضواحي محافظة بابل ومناطق مختلفة من العاصمة بغداد وغيرها ) ، لقد تبين بأن هناك تناسب طردي ما بين العمليات العسكرية التي يقوم بها الجيش والشرطة والميليشيات المسلحة من جهة ، وبين المنظمات الأرهابية ( القاعدة والداعش وغيرها ) من جهة أخرى ، أي كلما كثرت العمليات العسكرية كلما زاد عدد الأرهابين وكذلك كلما أنتشروا في مناطق أوسع وأستخدموا الأرهابيين اسلحة أكثر تطوراً من ذي قبل .
وكلما أشتدّ الحصار العسكري على الأرهابيين في منطقة ما ، يحاولون الأختفاء في أوكار خاصة سبق وأن خططوا لها ، أو التراجع عسكرياً لتقليل الخسائر البشرية في صفوفهم والحفاظ على قواهم المسلحة ثم الأنتقال الى بؤر اخرى ، وبعد أن تهدأ الأوضاع عسكرياً وتتراخى قواتنا الحكومية ، ربما بعد فترة قصيرة من الزمن تعود القوى الأرهابية الى نفس المنطقة او تشعل الحرب في منطقة مجاورة لها ، ولوحظ منذ ما يقارب عشرة أشهر أحتلال الفلوجة ثم تحررها من الأرهابيين مرات عديدة وكذلك أجزاء واسعة من محافظة الرمادي وغيرها من مناطق النزاع ، ويرافق ذلك نزوح الأهالي بالآلاف من بيوتهم على اثر النزاع العسكري واللجوء الى المدن والأقضية والنواحي العراقية المختلفة حماية لأرواحهم .
وأخيراً وليس اخراً ، أن ضمان مسيرة المجتمع المدني الديمقراطي وصمام آمان العملية السياسية في العراق والمستقبل الزاهر لجميع مكونات شعبنا القومية والدينية والطائفية والمذهبية والمناطقية لشعبنا لهو حقاً بأيادي
أمينة من قائمة " التحالف المدني الديمقراطي " ، حيث تضم في صفوفها كل الوطنيين الغيورين على وطنهم العراق ، وإنقاذهِ من الوباء الطائفي – الأثني والفساد السياسي والمالي والأداري وبناء دولة يعمها الأمن والسلام والقانون والضمان الأجتماعي ...

المجد والخلود لشهداء الحزب الشيوعي العراقي والحركة الوطنية
عاش الحزب الشيوعي العراقي في ذكراه الثمانين