المنبرالحر

سقط الطغاة وأعتلى الحزب الشيوعي قمة المجد/ د.عودت ناجي الحمداني

سجلت ولادة الحزب الشيوعي في العراق في الحادي والثلاثين من آذار عام 1934 منعطفاً تاريخياً في تاريخ العراق الحديث . فقد شكل تنامي الطبقة العاملة والمثقفين الوطنيين وتصاعد الكفاح الوطني للتخلص من السيطرة الاستعمارية واخراج العراق من حلف السنتو وبناء دولة حديثة شروطا موضوعية لولادة الحزب الشيوعي العراقي الذي امتدت جذوره في اعمق اوساط المجتمع العراقي .
وقد شكل انعقاد المؤتمر الأول للحزب الشيوعي العراقي في عام 1945 بقيادة مؤسس الحزب الخالد فهد تحولاً كبيرا في تاريخ الحركة الوطنية العراقية وانجازاً عظيماً في تجميع وتوحيد خلايا الحزب السرية العاملة في ظروف العمل السري في مدن العراق واريافه واهواره .وقد رسخ الحزب وحدته الفكرية والتنظيمية وربى رفاقه ومنظماته الحزبية والديمقراطية على المباديء الأممية وعلى حب الوطن والاخلاص له والتضحية من اجله , فالوطنية والأممية بالنسبة الى الشيوعيين وجهان لعمله واحده , ولهذا انضم الى الحزب خيرة بنات وابناء العراق من مختلف القوميات والأقليات والأديان وبذلك اتسعت مساحة الحزب لتستوعب كافة اطياف الشعب العراقي . فمباديء الحزب وايديولوجيته تنبذ التعصب القومي والطائفي والمذهبي, وتعزز روح المواطنة بين العراقيين كبديل للطائفية والمذهبية والعرقية, وانطلاقاً من مبدأ الأممية وحق الأمم في تقرير مصيرها أقر الحزب الشيوعي وناضل ببسالة من اجل اقرار الحقوق القومية للشعب الكردي وحقوق الاقليات العراقية الأخرى .
وقد ربط الحزب تحقيق الحقوق القومية والوطنية بالنضال من اجل الديمقراطية, ولهذا تبنى الحزب في السبعينات شعار (الديمقراطية للعراق والحكم الذاتي الحقيقي لكردستان ) والذي طوره المؤتمر الخامس للحزب الى شعار الفدرالية الذي تبنته فيما بعد الحركة القومية الكردية بأجمعها.
وقد ادرك الحزب منذ وقت مبكر ان ضعف الحركة الوطنية وتصدعها وتشرذمها سوف يضعف النضال الوطني ويؤخر انجاز مهام الثورة الوطنية الديمقراطية . ولهذا طرح الرفيق الخالد فهد شعارا استراتيجيا (قووا تنظيم حزبكم قووا تنظيم الحركة الوطنية ) لان الحزب يدرك اكثر من غيره ان أي حزب سياسي مهما كانت قوته السياسية والجماهيرية لا يستطيع بمفرده ان ينجز بنجاح التحولات الاقتصادية والاجتماعية لمرحلة الثورة الوطنية الديمقراطية . ولهذا فالحزب اول من دعا الى اقامة التحالفات بين الاحزاب والقوى الوطنية من اجل اقامة حكم ديمقراطي تعددي يضع العراق على طريق التحولات الديمقراطية .
ان الحزب الشيوعي العراقي يجمع في نضاله بين الاهداف البعيدة المدى المتمثلة بالاشتراكية وبين الأهداف الآنية المتمثلة بإقامة الدولة المدنية وبناء المؤسسات الديمقراطية والتصدي الحازم لمشكلة الارهاب والفساد والبطالة الآخذة في الاتساع وتصفية مخلفات الدكتاتورية الفاشية والاحتلال الأجنبي والشروع بالتنمية الأقتصادية التي تضع العراق على طريق البناء والأعمار.
لقد حظي الشيوعيون طيلة مسيرتهم النضالية بحب واحترام الشعب العراقي , فالحزب الشيوعي يدافع بثبات عن جميع العراقيين بكافة اطيافهم ويدافع عن حقوقهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية وعن حرياتهم الشخصية والمدنية بغض النظر عن الانتماء الديني والقومي والمذهبي مثلما يدافع عن وحدة العراق ارضاً وشعباً ويدين بشدة الدعوات التي تحرض على العنف الطائفي والمذهبي , وبسبب مواقف الحزب المبدئية الثابتة من قضايا الشعب العراقي وعدم التفريط بها تعرض الحزب منذ نشأته قبل ثمانين عاماً الى حملات أباده وتصفيات جسديه وأعتقالات مستمرة والى حملات اعلاميه مفتريه لتشويه قيمه ومبادئه , غير ان الحزب في كل انتكاسه مريره ينهض وهو اكثر قوة وصلابه بسبب التفاف الجماهير الواسعة حوله , فالجماهير سياجه وجيشه الذي لا يهزم . ولهذا برز الحزب مدافعا امينا عن حقوق الطبقة العاملة والفلاحين الفقراء وسائر الكادحين والمسحوقين من اجل تخليصهم من الاستغلال ومن الفقر المدقع والمطالبة بأجور عمل عادلة و تامين العمل الأنساني و الضمان الاجتماعي الذي يكفل للجميع حياة انسانيه كريمة .
لقد استطاع الحزب الشيوعي ان يعزز علاقاته الواسعة بالجماهير فأحترامه لعادات المجتمع العراقي وتقاليده وقيمه الاجتماعية عزز مكانته وهيبته بين اوساط الشعب واكسبه ثقته ,
فمن بين وصايا الحزب لرفاقه المثبتة في النظام الداخلي الذي اقره المؤتمر الثاني (ايها الرفيق احترم تقاليد شعبك , احترم العلماء والأدباء و. . . الخ) وقد عمل الحزب في اطار برنامجه الايديولوجي على نشر الوعي الاجتماعي والثقافي بين فئات الشعب العراقي المختلفة , فللحزب يعود الفضل في تأسيس اولى النقابات العمالية والفلاحية والمنظمات الديمقراطية ,الطلابية والشبابية والنسوية , وساهم الحزب الشيوعي بدور كبير في تأسيس النوادي الثقافية وبذلك غدا الحزب مدرسه لأعداد المناضلين والمبدعين ولهذا وهبه الشعب ابرع الشعراء والادباء والفنانين وخيرة الأكاديميين والمفكرين وأوعى المناضلين من ابناء الطبقة العاملة والكسبة والفلاحين وغير ذلك من المثقفين الوطنيين .
ان الشيوعيين واصدقائهم من التقدميين والوطنيين, ومن كافة قوى الشعب الخيرة اذ يحتفلون بالذكرى الثمانين لولادة الحزب الشيوعي العراقي فأنهم ينحنون اجلالاً الى شهداء الحزب الأماجد الذين تحدو الموت والمشانق والسجون وكافة انواع التعذيب الجسدي والنفسي من اجل مباديء الحزب وقضية الشعب ويحيون هذه الذكرى العطرة وكلهم ثقة وأمل بأنتصار الديمقراطية واقامة الدولة المدنية في العراق .
فالشيوعيين العراقيين في مقدمة القوى المناضلة من اجل اقامة مجتمع عراقي ومتحضر, قوامه دولة العدالة والقانون , وهم اكثر اصراراً وثباتاً على مواصلة النضال من اجل اقامة المجتمع الخالي من استغلال الأنسان للأنسان. فقد سقط الطغاة وأعتلى الحزب الشيوعي قمة المجد .