المنبرالحر

أساليب "شريفة" في الدعاية الانتخابية !/ مرتضى عبد الحميد

يبدو أن حلاوة السلطة وامتيازات المسؤولين فيها، وهي امتيازات ومكاسب تقترب من الخرافة في العراق، ليس لرجل السلطة وحده، وإنما يتسربل بها ايضاً أبناؤه وأقرباؤه ومن يحضون بثقته، والمقصود بالثقة طبعاً، هو التستر على الصفقات المشبوهة، وكل ما يدخل تحت طائلة القانون دفعت الكثير من الفاشلين إلى ابتكار أساليب جديدة، ربما يعجز عن التفكير فيها حتى الشيطان نفسه، لإعادة انتخابهم مرة أخرى إلى البرلمان، وقد يواتي بعضهم الحظ دفعة واحدة فيصبح وزيراً، رغم انه لا يملك من مؤهلات النائب أو الوزير شروي نقير كما يقول المثل العربي. لكن الفضل كل الفضل يعود للمحاصصة الطائفية التي نقلته من الثرى إلى الثريا ووضعته في المكان غير المناسب على الإطلاق.
لقد سمعنا ورأينا الكثير من المرشحين وهم يوزعون البطانيات والصوبات في الشتاء والمراوح والمكيفات أن كان الوقت صيفاً، فضلاً عن إجبار الناخبين على القسم بأغلظ الإيمان بأنهم سينتخبون فلاناً دون غيره. ورأينا وسمعنا من يعد بتشغيل العاطلين عن العمل، أو يوزع الأراضي بالجملة وكأنها ملك صرف له ولعائلته، ورأينا كذلك من يستنفر كل ما في دائرته من آليات وإمكانيات متنوعة لتبليط بعض الشوارع وتسليك المجاري، وتجميل الأرصفة. إما تزويد المواطنين بالكهرباء اربعاً وعشرين ساعة، وإيصال الماء الصافي حتى إلى القرى النائية، وبناء آلاف المدارس الحديثة، والمستشفيات المتطورة، فضلاً عن إنهاء أزمة السكن بعصا سحرية، فأصبحت نكتة الموسم التي تتكرر على مسامع العراقيين كل أربع سنوات، وقد يقرن البعض كل ذلك بالتهديد والوعيد، أو يستغل الدين زوراً وبهتاناً للترويج لنفسه ولقائمته.
هذا كله وكثير غيره عرفناه وخبرناه جيداً، لكن الابتكار الجديد لأحد أعضاء مجلس النواب ورئيس لجنة من أهم لجانه، تجعلك تعجب لشدة ذكاء هذا النائب الهمام، الذي استأجر بضعة مواطنين بسطاء ومعدمين للدعاية له بطريقة مبتكرة تماماً، حيث يستقلون الكيا ذهاباً واياباً للمرور إمام بيته، وهو متفق معهم أن يتواجد في حديقة بيته الفارهة في ساعة محددة، وعندما يصل احدهم أمام بوابة البيت يخرج رأسه من نافذة الكيا ليخاطب صاحبنا (الله يساعدك حجي) فيجيب الحجي بأعلى صوته وبعبارات تقطر عذوبة ومحبة(اهلاً وسهلاً عيوني بارك الله فيكم...الخ) ثم يدخل هذا الشخص رأسه مجدداً، ليتحدث عن تواضع الحجي ودماثة خلقه، وتفكيره ليل نهار بمصلحة المواطن لا غير، وإصراره على تحقيق انجازات كبيرة للناس في الدورة القادمة، وعليكم يا أخواني منذ الان أن تحلموا بالجنة الموعودة التي سيوفرها لكم الحجي وجماعته فلا تضيعوا الفرصة وأعيدوا انتخابهم، والله لايضيع اجر المحسنين
.والجدير بالذكر أن هذا الحاج لا يأكل حق احد، فهو يكرم كل واحد من هؤلاء الدعاة مبلغاً قدره (25,000) دينار يومياً، فهل هناك أكثر من هذا الحرص على مصلحة الناس ومستقبلهم؟
من يريد إبقاء الحال على ماهي عليه من خراب، وانحدار نحو الهاوية فليجدد انتخاب هذا الحاج وأمثاله، ومن يمتلك ضميراً حياً، ويريد تغيير اللوحة القاتمة التي غطت جدران عراقنا الأربعة، عليه أن ينتخب من زكت الحياة إخلاصه للشعب العراقي ونزاهته، وسعيه الحثيث لبناء الدولة المدنية الديمقراطية. دولة الحق والعدالة الاجتماعية