المنبرالحر

من يوحّد العراقيين؟ / طه رشيد

لم تستطع الانظمة الدكتاتورية المتعاقبة على حكم العراق توحيد العراقيين، بالرغم من استخدام الاساليب المفرطة في الارهاب، واساليب الاغراء باستخدام «الجزرة» التي تعني في المطاف الاخير المال العام، يعني فلوس الشعب من اجل اذلال الشعب. وهي اساليب متبعة منذ الطائفي الاول وصاحب الفتنة الاولى الحجاج بن يوسف الثقفي ولم تنته بانتهاء حكم دكتاتور العصر الحديث، صدام .
كلا الاسلوبين، لم يفلحا، بتوحيد العراقيين، لا الجزرة ولا السيف، ولم يفلحا في إدامة نظاميهما لا الحجاج ولا صدام. فكلاهما ومن تشبه بهما لم يكن توحيد العراق هدفا له من اجل « عيون» العراق، ولكن من اجل ان يستمر على الكراسي سواء كان اميرا للمؤمنين ام قائدا ضرورة !
العراقيون يتوحدون مثل اي شعب طيب وبسيط ومحب للخير، حين ينبع مبدأ التوحيد من مصالحهم الحقيقية المشتركة ومن وجدانهم، وحين تمس اسباب التوحيد شغاف القلب، ويأخذ بهم الفرح او الحزن مأخذا كبيرا.
لقد اعلنوا عن توحدهم علانية، رغم انف النظام المقبور، حين اعلن ذلك النظام ايقاف الحرب مع الجارة ايران في الثامن من الشهر الثامن في العام الثامن والثمانين من القرن الماضي. فخرجوا للشوارع اطفالا ونساء وشيوخا، بما يملكون من ادوات عزف لاعلان افراحهم، بما فيها القدور والصواني والمقالي، وليدوروا في الازقة والشوارع، ولينتهوا عند ضفاف نهر دجلة مع الشموع والياسمين، ولتسبح تلك الشموع في امواج السلام والامن والطمأنينة. ولم يكن الفرح يوم ذاك، الا تعبيرا واضحا عن رفض الشعب للحرب ولمفجريها ومن دعا ويدعو لها.
قبل اسابيع خرج العراقيون للشوارع فرحين بالفريق الوطني لكرة القدم الذي حقق انتصارا باهرا، خرجوا ليهتفوا ويغنوا ويرقصوا دون ان يفكروا هل يجوز او لا يجوز اعلان الفرح في بلد تتقاسمه اوجاع المحاصصة الطائفية الرعناء؟
وقبل ايام معدودة خرجوا مرة اخرى ليعلنوا توحدهم، لان عراقيا شابا استطاع ان يفوز باحلى واغلى صوت في برنامج غنائي "ذي فويس"، وقد تسمرت في تلك الليلة،مقابل جهاز التلفاز، معظم العوائل العراقية، بغض النظر عن انتمائها الطائفي او المذهبي او العرقي، متمنين فوز الشاب ستار سعد بلقب احلى صوت وهو ما حدث فعلا . فخرجوا إثر ذلك للشوارع معلنين ، مرة اخرى، عن فرحهم بالعراقي الذي يرفع اسم العراق عاليا.
هل سيستفيد الحكام الجدد من الظواهر التي توحد العراقيين؟ البيانات والبلاغات والقوة والقسوة لا تستطيع ان توحد جرذا فما بالك بالعراقي؟
امنحوا المواطن الفرح، وسيكون هنا،وهناك، وفي كل مكان، مدافعا امينا عن اسم العراق الملون كقوس قزح!