المنبرالحر

حكومات محلية جديدة لمهمات قديمة / جاسم الحلفي

افضت المباحثات التي جرت بين القوائم الفائزة في انتخابات مجالس المحافظات، الى تشكيل عدد من الحكومات المحلية خلال الايام الماضية، بعد جولات ماراثونية من المباحثات المكثفة، بين شد وجذب؛ ركزت في بعض منها على توزيع المناصب، وكأنها هي الغنيمة المنتظرة وليس بحث البرامج التي يفترض انها الاساس في الاتفاقات. فيما سيحسم امر تشكيل باقي الحكومات خلال الايام القريبة القادمة، وخلال هذه الايام ايضا ستحسم الانتخابات في محافظتي الموصل والانبار امر نتائجها، وعند ذاك تستكمل اجراءات هذه الدورة من العمليات الانتخابية.
شهدت هذه العمليات بمجملها تغييرات غير قليلة؛ فغادرت مسؤولية موقع المحافظ شخصيات لم يتوقع البعض خروجها، فلم يبق من المحافظين السابقين سوى البعض منهم. فمنهم من أزاحته من المنافسة على الموقع نتائج الانتخابات سلفا، اذ جاءت النتائج مخيبة لآماله، فلم يحصل على اصوت تؤهل للترشح. وهناك من لم تجد كتلته العمل المشترك، فدارت الحوار بنظرة لم تخل من الاستعلاء، ابعدت فرصة تجديد البعض الاخر، فيما كان تشكيل التحالفات الجديدة من الكتل الفائزة وراء عدم التجديد للآخرين.
تجدر الاشارة هنا الى ان بعض التشكيلات جاءت عقب مباحثات ركزت على تقاسم المناصب.
هكذا اذ لم تأت كل هذه التغييرات التي شهدها تشكيل الحكومات المحلية على وفق ما افرزته نتائج الانتخابات وحسب، بل شهدت العملية كذلك تغييرات في طبيعة التحالفات؛ اذ لم تحتفظ التحالفات السابقة بنفس تركيبتها، وذلك لعوامل عدة من بينها اختلاف الرؤى لطبيعة العمل والنظر للمهمات، واختلاف التصورات للعمل المشترك بين المتصدين للعمل السياسي.
مهما كانت الاسباب التي تقف خلف عدم التجديد لعدد من المحافظين ورؤساء مجالس المحافظات، فان التداول السلمي للسلطة هو احد مبادئ الديمقراطية وميزاتها، فلا يمكن لاي شخص ان يكون بمنأى عن التغيير من الموقع الحكومي، فالمواقع السياسية هي ليست اقطاعات وملكيات مضمونة للشخصية السياسية التي تبوأت هذا المنصب او ذاك، مهما بلغت تلك الشخصية من القوة والنفوذ والسطوة، وبغض النظر عن الجهة التي ينتمي اليها، لذا على الجميع وعي هذه الحقيقة التي تفرزها الديمقراطية كفكر وكممارسة، وضرورة استيعابها كدرس مهم.
يتضح للمتابع ان نتائج تشكيل الحكومات المحلية، لم تتح لأي جهة معينة بمفردها اشغال المواقع الاساسية في مجالس المحافظات، فلا هيمنة ولا استحواذ شاملاً من كتلة بحد ذاتها، وهذه من الايجابيات التي تسجل. ولكي يتم تسجيل ايجابيات اخرى، يتطلب الامر، مغادرة العشوائية والارتجالية والاستعراضية في ادارة العمل، والتوجه الجاد نحو برامج مدروسة تستند الى الامكانيات المتاحة، وتحديد الاولويات بدقة، والتعاون الجاد في التنفيذ والمراقبة. فالمواطن ملّ الكلام والصور والشعارات، فهو يتطلع الى الأعمال الملموسة التي تتحدث عن نفسها.