المنبرالحر

لماذا التغيير؟ / قاسم السنجري

من الملفت للنظر أن جميع اللافتات التي رفعت في الدعاية الانتخابية تحمل عبارات تشير بشكل مباشر أو غير مباشر إلى التغيير، وهذا الأمر يدعو للتفاؤل والغرابة في آن.
ما يدعو للتفاؤل أن جميع القوى السياسية تقر من خلال رفع هذه اللافتات بان هناك أخطاء ارتكبت يجب تصحيحها، وأن هناك اعوجاجا في عملية سياسية عمرها بلغ ١١ عاما دون أن يطرأ أي تحسن ملموس على مستوى بناء الدولة، وهذا الإقرار السياسي سواء كان للترويج الانتخابي أو من أجل إحداث تغيير ولو شكلي على وجوه متنفذي المشهد السياسي، سيكون له مردودا إيجابيا في تعديل المسار وإبعاد شبح إنتاج ديكتاتورية جديدة تستغل الآلية الديمقراطية الانتخابية للوصول إلى مبتغاها، في حين أن من مهام آلية الانتخاب أن تصنع حراكا ديمقراطيا، وليس أن تنتج ديكتاتورية.
و أما ما يدعو للغرابة في هذه اللافتات الداعية إلى التغيير، أن أحزاب السلطة ترفع هذا الشعار وكأنها تتحدث عن سلطة أخرى وحكومة غير التي تنتظر القوى المعارضة لسياسة ونهج الحكومة الحالية في التعاطي مع العملية السياسية تغييرها.
والغريب في الأمر أن يسعى المتنفذون أو الداعمون لهم، من خلال مؤسساتها الإعلامية وأشخاصها المنتشرين على مواقع التواصل الاجتماعي بتحميل أطراف غير مشتركة في الحكومة ولم تكن لها فرصة للمساهمة بصنع القرار، مسؤولية الفشل الحكومي.
الجميع يتفقون على أن العملية السياسية وصلت إلى طريق مسدود في الوقت الحالي، نتيجة للخروقات الكبيرة للدستور وعدم الالتزام بنصوصه، والاستحواذ على الهيئات المستقلة بما يفقد الدولة لهيبتها، وإضاعة الخط الفاصل بين الدولة والحكومة التنفيذية التي تماهت مع الدولة وأخذت دور مؤسساتها المستقلة.
وإذا كان لا بد من فتح ثغرة يدخل فيها ضوء الأمل لإعادة الثقة بين أطراف هذه العملية وإعادة الهيبة لمؤسسات الدولة، يجب أن يحدث تغيير في خارطة القوى السياسية، ودخول القوى المدنية بقوة إلى مجلس النواب المقبل، من خلال صناديق الانتخاب، للمساهمة في صنع تشريعات حقيقية واضحة لا يختلف عليها بعد أيام من تشريعها، ولا يسمح بمرور قوانين تتصف بالغموض كما وصفت قوى سياسية مشروع قانون السلامة الوطنية الذي دفع به مجلس الوزراء إلى ساحة البرلمان.
ان عودة الأمور بعد انتهاء الحفل الانتخابي إلى ما هي عليه قبل الانتخابات، يعني أن الوضع سيزداد تعقيدا و كارثية ، وستتجه العملية السياسية إلى المجهول، وستكون الفرصة سانحة للتفرد بالقرار الحكومي بسبب التمهيدات الكثيرة التي أثارت وتثير قلق القوى السياسية.
أن عملية التغيير في يوم الانتخابات نهاية نيسان الحالي، هي مهمة العراقيين، وليست فقط مهمة القوى السياسية التي هي الآن تقف بانتظار الأصوات الانتخابية التي تتيح لها أن تسهم في صنع تغيير حقيقي، وأن هذا التغيير الحقيقي لا يتم إلا من خلال منح أصواتنا إلى الجهة القادرة على الإيفاء بوعودها، وتحمل قضية التغيير كقضية أساسية في برنامجها الانتخابي.