المنبرالحر

متى يتحقق التكامل الصناعي الزراعي ؟ / إبراهيم المشهداني

شهدت السنوات الماضية، اهتماما كبيرا، في الأوساط الأكاديمية والمتابعين للشأن الاقتصادي، بضرورة تفعيل القطاعين الصناعي والزراعي وتحقيق أفضل إشكال التكامل بينهما. ولم يكن هذا الاهتمام، من باب الترف الفكري وإنما هناك حاجة ملحة لتطوير هذين القطاعين ليكونا في قمة الهرم الاقتصادي، وأحد أوليات استراتيجيات التنمية الاقتصادية المستدامة، بسبب وفرة العوامل الإنتاجية فيهما سواء الأيدي العاملة أو رؤوس الأموال في القطاعين الحكومي والخاص واحتياجات السوق العراقية، ودواعي أوضاع الريف العراقي الذي وصل التخلف فيه درجة لا يجوز?الإمعان فيه بسبب غياب السياسة الاقتصادية المتوازنة، وتكريس الاهتمام بالريوع النفطية، التي وان كثرت مداخيلها فإنها في الواقع العملي قد فتحت شهية الحاكمين والشركات النفطية في خوض المشاريع المشبوهة والتي تؤدي في نهاية الأمر إلى استفحال ظاهرة الفساد الإداري والتوزيع غير العادل للثروة حتى وصل الأمر إلى طوفان يهدد سبعة ملايين مواطن تحت خط الفقر مشكلين طبقة مهمشة تصل نسبتها في المجتمع نحو 23 بالمئة من مجموع سكان العراق حتى لو حاولت إحصاءات وزارة التخطيط التخفيف من هذه النسبة إلى 18 بالمئة ومع ذلك فان الحرمان يس?ولى على حياة ملايين الناس.
لماذا كل ذلك وإمكانات معالجة الفقر وتحسين حياة الناس متاحة ومتوافرة ولا يعوزها سوى إتباع سياسات اقتصادية مدروسة لتوظيف هذه الإمكانات من اجل تحقيق التكامل الصناعي الزراعي.
ولم يكن هذا الموضوع مجرد رؤية عراقية نظرية غير قابلة للتنفيذ ،بل إن منظمة الأمم المتحدة للزراعة والتنمية (FAO) قد نصحت الدول النامية التي تواجه ظروفا بيئية مماثلة لظروف بلادنا بان تخصص للزراعة 10 بالمئة من الميزانية العامة للدولة وعلى نفس المنهج تعهدت القمة العالمية المنعقدة في روما في تشرين الأول من عام 2009 حول الأمن الغذائي بزيادة الاستثمارات في القطاع الزراعي ورفع نصيب الزراعة وتنمية الريف بنسبة لا تقل عن 15 بالمئة من مصروفات بلدان أعضائها في القطاعين العام والخاص الزراعيين وعلى هذا النحو أكد تعهد مجل? الوحدة الاقتصادية العربية في عام 2011 في القاهرة.
إننا ندرك إن وراء تخلف القطاعين الزراعي والصناعي، العديد من العوامل ومنها علي سبيل المثال لا الحصر ،غياب الرؤية الإستراتيجية الثابتة وغياب التنسيق بين الوزارة ذات الاهتمامات المشتركة وخاصة وزارتي الصناعة والزراعة ووزارة التخطيط، وتحويل وظيفة وزارة الزراعة إلى تقديم الخدمات الإرشادية وإجراء البحوث وتنظيم القروض على نحو ما يجري في البلدان الصناعية المتطورة، وتخلف الجهاز الإداري وترهله وتغليب المصلحة الشخصية على المصلحة العامة .
وخلاصة القول إن توافر عوامل التكامل الزراعي لا تحتاج إلا إلى إعارة الاهتمام الكافي برؤية تنظيم هذين القطاعين بما يؤدي في النهاية إلى تفعيل حركة ديناميكية في الإنتاج الصناعي الزراعي على طريق الإسهام في الإنتاج المحلي الإجمالي وتشغيل الأيدي العاملة العاطلة والنهوض بمستوى الريف العراقي وتحسين معيشة الفلاحين وإعادة التوازن في الاقتصاد الكلي .فهل ذلك عصي على بلد يعوم على ترسانة هائلة من الثروات تحت الأرض وفوقها !؟