المنبرالحر

مرشحون أدمنوا الكذب والخداع / مرتضى عبد الحميد

كان ابن العوجة بارعاً في جمع النقائض والمتضادات تحت سقف واحد، فأسس مدرسة يشار لها بالبنان في النفاق السياسي والخداع وتزييف الحقائق. وكان احد ابرز واهم مرتكزاتها، الافتراق المطلق بين القول والفعل. فكل ما كان يتفوه به، نرى عكسه تماماً في التطبيق العملي. فالوحدة تعني في عرف الدكتاتور خلق العداوات والمحاور بين الدول العربية، والتآمر عليها، بل تحطيم حتى التضامن الهش الذي كان قائماً فيما بينها. والحرية تعني القمع والاستبداد، ومصادرة أي شكل من إشكالها مهما كان متواضعاً. إما الاشتراكية فلا معنى لها في قاموسه الشرير سوى إفقار الشعب وإذلاله، وتدمير كل شيء جميل في حياته. وهكذا في كل الشعارات التي كان يرفعها، والأهداف التي كان يعلن عنها!
ولأنها مدرسة عريقة فقد استطاعت أن تلعب دوراً مهماً , بل حاسماً في تربية جيل من الساسة العراقيين , الذين نسميهم عادة بـ « رجال الصدفة « أي الذين إستيقظوا فجأة بعد سبات طويل , فوجدوا أنفسهم يتصدرون الصفوف , ويقودون بلداً من أعظم بلدان العالم تاريخاً, وثروات بشرية ومادية , بفضل الأجنبي المحتل , ووباء المحاصصة الطائفية – الأثنية .
والملاحظ أن نسبة ليست هينة من هؤلاء جاؤوا من إسطبلات الديكتاتورية مباشرة, وهم يضعون على ظهورهم سروجاً تصلح ولو ظاهرياً للراكبين الجدد,حيث تراهم الآن يملأون الفضائيات ووسائل الأعلام الأخرى, مستغلين أية مناسبة , حتى لو كانت مفتعلة للإعلان عن أنفسهم. وبرامجهم التخديرية. والادعاء بأنهم سيجترحون المعجزات ويحققون العجائب , إذا جرى إنتخابهم أو أعيد مرة ثانية. وفي حقيقة الأمر يتحدث كل واحد منهم , بالضد مما يفكر به أو يستطيع تقديمه لناخبيه, دع عنك عامة الشعب العراقي , لأنهم عديمو الكفاءة أولاً وبعيدون عن النزاهة ونظافة اليد بعد الثرى عن الثريا , وربما لا علاقة لهم بالسياسة لا من قريب ولا من بعيد. وكل تفكيرهم ينصرف صوب الغنيمة والفرهود الموعودين بها, ونهب آخر ما تبقى من أموال الشعب العراقي .
ان الكثيرين منهم لا يرون في الترشيح إلى مجلس النواب , أو إلى مجالس المحافظات إلا مشروعاً استثماريا سيدر عليهم الملايين, ولذلك تراهم كرماء جداً في دعاياتهم الأنتخابية وقاموا بأغراق الساحات والشوارع واعمدة الكهرباء بصورهم وبوستراتهم , وفليكساتهم . لكن الشيء المفرح حقاً أن مئات الآلاف من العراقيين توصلوا عبر تجربتهم المريرة مع هؤلاء وامثالهم إلى استنتاج صحيح تماماً, هو أنهم دجالون بامتياز وسوف لن يحققوا لهم شيئاً مما يريدون أو يطمحون إليه, وان وعودهم الزائفة ستذروها الرياح في أول يوم بعد إنتخابهم , ولن يروا?سحناتهم المكفهرة , إلا بعد أربع سنوات عجاف .
سيظل الأمل حياً في نفوس الشرفاء والمخلصين , بأن شعبنا العراقي سيلفظ هؤلاء الأفاقين أو بعضهم في الأقل, ولن ينتخب إلا من كان عشقه للشعب والوطن واضحاً وضوح الشمس في رابعة النهار , وأثبت بما لا يقبل الشك , أنه الممثل الحقيقي لهذا الشعب الكريم ولأبنائه الكادحين .