المنبرالحر

لجان شعبية ؟! / قيس قاسم العجرش

المصطلح ليس غريباً، لكن سماع تردده الآن هو الغرابة بعينها.
المصطلح فيه من»شاعرية الخلاص»الكثير، لكن تطبيقه قاد الى دروب مظلمة عبر التجربة العراقية بالذات.
في الأنبار اليوم تتنازع ثلاث قوى واضحة المعالم(لنفترض أنها واضحة المعالم)!...القوات الأمنية الحكومية الرسمية ومسلحو العشائر والإرهاب.
جيشنا تسقط منه يومياً نجوم باسقة كان لها أن تكون عماد مستقبلٍ أحلى، ومع ذلك فهم يؤدون واجبهم بتفانٍ أكبر بكثير من بعض المسؤولين.
العشائر(وهو مصطلح جدلي بامتياز)لم تعلن الى الآن بشكل صريح سوى رفضها لدخول إرهابيي»داعش»بينما يتفاوض البعض من شيوخهم، وهذا دأبهم ،على تحقيق أكبر مكسب ممكن من الحكومة عبر رهن مواقفهم وتحالفاتهم مع القوات الأمنية... وهذا البعض من شيوخ العشائر في العادة يقولون للأتباع اشياء هي غير مايطلبونه في الغرف المغلقة، والكلام مصدره تصريحات واضحة لمسؤولين عسكريين لا لبس فيها.
أما الإرهاب فهو صاحب الموقف»الأسهل»في التعبير!.. فهو لديه محرقة بشرية يعمل على استيراد أو تجنيد المزيد من الحطب لها بلا نهاية.
أبناء بعض القرى النائية الذين وقفوا يحيّون قوافل القاعدة وهي تعود من»غزواتها»!(لنلتمس لهم العذر بالخوف)، يسألون أنفسهم الف مرّة في اليوم: إلى اين يقود هذا المشهد المتكرر؟.
في الأنبار لم يتحدث أحد عن تشكيل لجان شعبية!...الحديث كلّه كان عن «ضم»أعداد من أبناء العشائر الذين قاتلوا القاعدة الى الاجهزة الامنية ..وستعاد النكتة القديمة ذاتها.سيتسلل بين هؤلاء عناصر من القاعدة وسيبدأون بـ»علس»من لا يطاوعهم أو يقاومهم وتبدأ رحلة تفجير منازل بعض المنتسبين للشرطة والجيش..وفجأة نجد أن جهاز الشرطة في المحافظة مخترق بالكامل(كما حدث قبل ثلاث شهور)وتضطر السلطة المركزية الى سحب كل شرطي من الشارع(كما حدث قبل ثلاث شهور)ثم تظهر داعش لتستعرض عضلاتها ببعض الرؤوس المقطوعة وترويع الناس الذين سيتركون ?ريسة سهلة.
لكن في ديالى هناك من يتحدث دائماً عن»لجان شعبية» ستكون في أحسن أحوالها تنظيمات مسلحة تتبع أحزاباً بعينها، ضمن الظروف الملموسة هناك.
والسبب اكثر من واضح، فمحاولة تكريس الفصل الطائفي ممكنة في ديالى بينما هي غائبة في الأنبار..إذن اللعبة في الدعوى الى لجان شعبية مترابطة تماماً مع محاولة بعض الجهات ترسيخ وجودها المليشيوي تحت مسمى حماية السّكان، أليس الأصل في الدولة وجود أجهزتها الأمنية الرسمية لحماية الناس في أرواحهم وممتلكاتهم؟.
اللجان الشعبية، هي مسمى ممكن في ظروف الإنتقال المؤقت من الحرب الأهلية من أجل بعض الإستقرار الممكن، لكن أن نأتي اليوم بعد 11 عاماً على التغيير ونسمع ذات الطرح، فهذا يعني أن الكثير قد فات من فرص تكوين الدولة ..وأن من فوّت الفرصة هو ذاته من يستغل هذه الظروف لأغراض الهيمنة. بأي ثمن.
مطلوب جداً تمييز هؤلاء في صندوق الإنتخابات.