المنبرالحر

لسان المليشيا / قيس قاسم العجرش

كمّية من النشوة والخيلاء يمنحها إسم المليشيا لجمهورها بما يعادل أقوى المخدرات.
وإذا كانت الماريغوانا والحشيشة تجعل الشمس تظهر في أحلك الليالي و تتحول أصعب المآسي معها الى كوميديا فإن المليشيا في كل نماذج العالم فعلت أكثر من هذا.
كل شيء داخل المليشيا يبدو سهلاً غير بعيد وكأن قطفة يدٍ ستجلبه وتحققه ،فقط لو انتظرتم وصبرتم على (عملياتها) ساعة!.
مليشيات الحروب الأهلية، أينما حدثت، كانت تحمل كيساً من الخطابات المملوءة بالوعود لكن الثمن موت (بسيط)يتحمله العنصر الذي تبشره قيادة الفصيل المسلح بأنه سيكون (برغي)في ماكنة الحياة الوردية لكن بعد أن يذوق الموت بنفسه ويشارك في قتل غيره.
وحين تبدأ العملية السياسية يطل هذا الكائن المملوء بالبخور والقدسية والشعر برأسه ليبدو في حلّة مدنية وجلباب ديمقراطي لكن ماكنته العنفية تغلي ويكاد الجميع يسمع صوت اضطرامها.
تبدأ المليشيا حينها بادعاءٍ جديد، إنها هي من حققت السلام بمعاركها المقدسة، على الرغم من ان صحيفة سوابقها تزخر بعمليات الخطف والقتل والتسليب والتهديد ونشر الرعب للأفراد قبل الجماعات.
السعي الى السلام سيصبح علكة على لسان قادتها، لكنهم يهمسون بطريقة مسموعة أن الزيت مازال يعمل في أسلحتهم وأنها تحت اليد مباشرة.
ينشأ خطابان، واحد رسمي للإعلام الموثق والثاني يقال بين الاوساط التي ترتع فيها المليشيا وينفضح إذا اغلقت الابواب على المليشيويين وقياداتهم.
برنامج المليشيا بسيط، وهو إستدامة الظروف التي تتمكن فيها عناصرها من الانغماس في العنف.
الفرد المليشيوي لديه دائرة معارف ضيّقة وكثير من جنون الإرتياب.
وهو يعيش على شكل خلايا تبدي وتظهر للخلايا الأخرى غير ما تبديه وتظهره لأفرادها، من هنا يبدأ تبرير النفاق داخل أدبياتها المغلقة.
المقاتل في المليشيا يبذل نصف جهوده لنفي تهمة الإرهاب عن نفسه فيما يبذل النصف الآخر للظهور بمظهر الرعب الذي يتطلبه الإرهاب.
في المليشيا،القتل ممارسة يومية وغالباً ما تستخدم في أروقتها مصطلحاً خاصاً يستعيض عن كلمة(قتل)، الأرجح لأنهم يريدون أن يبدو القتل وكأنه واجب مهني يتعاطونه فمثلما تنشأ لدى كل أصحاب مهنة مجموعة مصطلحات فالقتلة في المليشيا يمارسون نفس اللعبة.
من كل هذا وفوقه الكثير..نلاحظ أن المليشيا ليست أداة لحياة أفضل ..إنها افضل طريقة لموت العناصر والناس من أجل الرشوة و الصفقة التي يتلقاها قادتها.. من يرغب بالبحث عن دولة عليه أن لا يرتبط بمليشيا لا من قريب ولا من بعيد...وعلى الناس ان يفهموا ان أدوات القتل المليشيوية بأنها لا تنفع إلا في تصعيد أكوام الخراب مجدداً.