المنبرالحر

النائب الذي يصوت لقانون ولا يلتزم به! / علي فهد ياسين

في الموقع الألكتروني لهيئة النزاهة، وتحت حقل (كشف المصالح المالية)، تعرض الهيئة تقاريرها السنوية تحت عنوان (مواقف الأستجابة)، وهي تعني كشوفات المصالح المالية للمشمولين بها وفق القانون الذي أقره مجلس النواب العراقي في دورته الأولى، وهو ساري المفعول ومعتمد في عمل الهيئة تحقيقاً لضرورات وجودها، ومصنًف لعناوين تشمل كبار المسؤولين، رئاسات ووزارات وهيئات غير مرتبطة بوزارة وأعضاء مجلس النواب، المشرًعين للقانون .
في تقرير نهاية العام 2010، كان عدد نواب البرلمان السابق الممتثلين لقانون (كشف المصالح المالية) هو (212 نائب من مجموع النواب البالغ 325)، بينما كان عددهم في دورة المجلس الجديد والمستمرة الآن (111 فقط) !، وأعقبها في العام 2011 ( 197)!، وفي العام 2012 ( 206 )!. ووفق هذه الأرقام يكون عدد النواب الممتثلين لقانون (كشف المصالح المالية) لغاية نهاية العام 2012 هو (529) نائباً فقط ، أي أن هناك (446) نائباً لم يلتزموا بالقانون الذي صوتوا لصالحه، مفترضين (نحن منتخبيهم) أن التصويت على القانون كان بالأجماع !
المفارقة أن الرئاسات الثلاث كانت مواضبة على الألتزام بكشف مصالحها المالية خلال السنوات المشار اليها، وهي (الرئاسات) قادة للكتل الكبيرة التي يتشكل منها مجلس النواب، وهي مراجع سياسية تشكل مع مراجع دينية مراكز التوجيه لنواب البرلمان في إدارة الدولة طوال العقد الماضي. فكيف يستقيم سلوك (الهروب!) من كشف الذمم مع عقائد المراجع التي تؤكد في برامجها على أُسس النزاهة إن كان في أدبياتها السياسية أو في مناهجها الدينية التي تروج لها وسائل أعلامها وخطب قادتها .
مايُحسب لهيئة النزاهة العراقية نشرها التقارير المتضمنة أسماء النواب الممتثلين للقانون. لكن مايُحسب عليها جانبان، الأول عدم نشر أسماء الممتنعين عن تنفيذ القانون، والثاني عدم متابعتها للأجراءات القانونية بحقهم. فما قيمة تلك التقارير إذا كان فعل الهيئة ينتهي بإصدارها، وما قيمة الهيئة كذلك إذا تحولت الى كاشف لخرق القوانين دون مواصلة تحقيق الجدوى من ذلك، خاصةً وان المعلوم أن لها أذرع تتمثل في قنوات اتصالها مع القضاء الذي يقرر وفق الاصول محاسبة المقصرين .
قد يكون من المناسب أن تطلب هيئة النزاهة، تسهيلاً لعملها، أن تُعتمد استمارات (كشف المصالح المالية) واحدة من مستلزمات الترشيح لانتخابات مجلس النواب القادم، يضاف اليها فقرة أساسية تشترط إلزاماً لنواب المجلس بكشف مصالحهم نهاية كل عام، وبدونه تسقط عضوية الممتنع ويصار الى الطلب من كتلته ترشيح بديلا عنه، دون اسقاط حق الهيئة في حصولها على استمارة ذمته المالية تنفيذاً للقانون .
الى أن تكون هيئة النزاهة بمستوى واجباتها الوطنية في حماية المال العام، نحن لا نبخس جهودها في ذلك رغم كل العراقيل التي تجابهها من الجهات والافراد المتضررين من أنشطتها. لكننا كذلك نطمح الى أن تكون بمستوى الاهداف التي تضطلع بها، وهي في النهاية جهة عراقية وطنية لا نشك في وطنية منتسبيها. وليس أدل على ذلك ما تتعرض له بين الحين والآخر من ضغوطات تستهدف نزاهتها. لكن في النهاية لا يبقى في ذاكرة الشعب خالداً الاّ أفعال الشرفاء من أبنائه .