المنبرالحر

شياطين في القمة... اذا لم يكن الجدار موجودا فتخيلوه/ عبد الله السكوتي

كان الزحام شديدا عند مدخل المركز الانتخابي 2065 في بغداد، وشرطي يحاول تنظيم الدور، كانت نواياه طيبة، وربما بطولية، فكلما توصل الى جعل الناس يقفون في الدور، كان الصف ينفجر في فوضى جديدة، وحيدة كانت السلطة، وعاجزة حيال شغف الفوضى لدى الشعب، عندما راح صوت السلطة يدوي، الى الوراء ، قال الشرطي آمرا، ايها الناس : الصف سيتشكل خلف الجدار، مما وراء الجدار الى هناك، اي جدار تساءل الحشد بقوة؟، فأوضح رجل النظام: اذا لم يكن الجدار موجودا..... فتخيلوه. الجدار موجود بالفعل وهو من اوصلنا الى هذه النتيجة غير المتوقعة، الكثيرون لا يؤمنون بالانتخابات، وهم يسخرون دائما من هذه الممارسة، لأنها ستفرز نفس الاصوات والشخصيات، والخلل كما اعتقد ليس في الديمقراطية، وانما الخلل في من يمارسها بهذه السذاجة، الجميع اطلع على اسماء المرشحين، وكان عليه ان يعترض على بعض المفسدين واللصوص والقتلة من البداية، يمنعهم من الترشيح، لان البسطاء لا يعلمون من اين يبدأ الجدار، فهذه المرأة العجوز في مركز انتخابي في مدينة ما تدعو احدهم للتأشير على مرشح قد وضعته في بالها، ولكن الايدي غير الامينة زيفت الاستمارة بعد ما رددت العجوز: عليك العباس ابو فاضل تحط فلان.
ومن هذا وذاك الكثير، ائتلاف دولة القانون يتقدم بفارق كبير بحسب تسريبات تخرج من دائرة العد والفرز في معرض بغداد الدولي، والناس تهرول خلف المالكي، ولكنها لا تعرف الاسماء الاخرى التي تتضمنها قائمة المالكي، فيها الكثير من العطلات، الكثير من العقليات المتخلفة التي لن تنفع الشعب باي شيء وليس لديها شيء لتعطيه، وهذا ينطبق على الكثير من القوائم الاخرى، نفس الوجوه، ان كانوا لصوصا او قتلة او مفسدين، وهذا يجعل الانتخابات محسومة بأربع سنوات اخرى سنرى فيها الويل والثبور ونحن نقف خلف الجدار الوهمي الذي صنعناه بمحض ارادتنا، وهذا يدلل على ان العيب ليس في الديمقراطية كمنهج او ممارسة، وانما العيب في من يشرف عليها ومن يمارسها، كان الاجدر بالشعب ان يرفض الخروج لذات الاسماء التي لم تحرك عجلة التطور في العراق على مدى احد عشر عاما، المشكلة في المرشحين، ولا ادري اية جهة تنظم عملية قبول هؤلاء للترشح، اسماء مملوءة بادران العملية الانتخابية السابقة، سرقات ومصارف وعمليات سطو واكاذيب، ودعايات انتخابية بائسة، والمفوضية ترزح تحت قيادة شباب لم يمتلكوا من التجربة شيئا، والشعب ينتظر بنهم، علّ الآتي خيرا من الذي راح، ولكنه نسي الجدار الذي صنعه بذاته وتخيله ووقف مذعورا خلفه، تخيلوه ايها السادة، تخيلوا جدار الديمقراطية، وقفوا خلفه بالدور، وانتم مجبرون في الايام المقبلة على سماع الكثير من الاكاذيب والتخرصات، ابنوا احلامكم على اقوال فلان وفلان، شيدوا بيوتكم، وعينوا ابناءكم بمجرد النظر الى الوجوه التي ستعود ثانية الى قبة البرلمان وبنفس التصرفات والآتي الجديد سيكون بعيدا وهو يعيد حساباته في الثراء واحتلال مكان الشيطان القديم: حيث يحكى انه في زمن ما كان الشيطان يستقر على قمة جبل في قرية بعيدة، وشكا الناس من اذى الشيطان، فتطوع احدهم للقضاء عليه، وكانت شروط الصعود الى القمة مكتوبة اسفل الجبل: اولا : ان تتنازل عن الصدق، فقال الرجل : المهمة هي التخلص من الشيطان سأتنازل عن الصدق، وصعد المرحلة الاولى، جاءت المرحلة الثانية: ثانيا: ان تتنازل عن الوفاء، فقال الرجل: غير مهم، المهم ان اتخلص من الشيطان، وجاءت المرحلة الثالثة: ان تتنازل عن الشرف، وهكذا الى ان وصل الى القمة فتحول الى شيطان آخر، وهذا كله من الجدار المفترض الذي امر به الشرطي.