المنبرالحر

إشكالية الإرهاب ...!؟(*)/ باقر الفضلي

من المعضلات الشائكة التي تواجهها كافة دول منطقة الشرق الأوسط، وعلى وجه التحديد منها، مجموعة الدول العربية، بما فيها دول الخليج بإعتبارها دولاً مصدرة، بهذا القدر أو ذاك لآفة الإرهاب، في نفس الوقت الذي تكون فيه نفسها، مستوردة له، برغبتها أو رغماً عنها، حيث أصبح الإرهاب اليوم، الهاجس الأعظم الذي يلقي بظلاله على الجميع..!؟

وليس بعيداً عن ذلك، ما تلعبه دول التحالف الأمريكي _ الغربي من دور ملحوظ في هذا الشأن، وذلك من خلال دعمها للإرهاب كسلاح غير منظور، ولا يحمل في واجهته المعلنة، أية هوية أمريكية – غربية، بل على العكس من ذلك، فهو في لحمته وسداه تراه وكما يبدو في ظاهره، حمالاً " للهوية الإسلامية " حيثما وجدت؛ فالهوية الإسلامية، بكل ما فيها من عناصر القدسية الألوهية والتدين، قد أضفى عليها " الإرهاب" صفة شمولية، قلما إكتسبها نظير آخر بمثل هذه القوة والتأثير..!!؟

وغني عن البحث والتفصيل، في بيان أصول " الإرهاب " ومنابعه، أو التوقف أمام جذوره وتفرعاته، إذ هو وفي جميع الأحوال، لا يبتعد عن كونه سلاح متعدد الأغراض والأهداف؛ وما يميزه عن غيره من الأسلحة التقليدية، كونه في جميع صوره وأشكاله ومظاهره المختلفة وتجلياته الميدانية، يبدو وفي أحيان كثيرة، أكثر فتكاً وتدميراً قياساً بما عليه أسلحة التدمير الأخرى؛ وما يميزه عنها، همجيته ووحشيته المنقطعة النظير، وكونه يترصد وفي أغلب الأوقات، الأبرياء من المواطنين، وفي غفلة من يقظتهم، أو إستعداداتهم للطواريء، حيث يمثل عنصر "المباغتة"، كل ما يميزه عن جميع ما يمكن أن يتوقعه المرء من إحتمالات أخرى، لما في ذلك من هدف واضح ومحدد، يتمثل بزرع الرعب والخوف في نفوس المواطنين الأبرياء، لما له من وقع كبير في نفوسهم، بقصد التأثير على أوضاع سياسية محددة، وحرفها بالإتجاه المطلوب الذي تقف وراءه نفس الجهات ذات المصلحة في خلق ودعم " الإرهاب " كسلاح نوعي في معركتها من أجل مصالحها، وفي مقدمتها التشبث بالسلطة أو الفوز بها..!!؟؟

فالقصد السياسي لسلاح " الإرهاب " يقف في مقدمة الأهداف التي تسعى اليها بعض تلك الأطراف الضالعة في معترك الصراع السياسي، سواء على صعيد وطني أو إقليمي وحتى دولي، وليس من باب التهويل في الحديث، الإشارة الى ما جرى ويجري اليوم على صعيد منطقة الشرق الأوسط من تداعيات مأساوية، لما جرى تسميته ب " الربيع العربي" الذي شمل عدة بلدان عربية، حيث شكل سلاح الإرهاب ولا زال، العمود الفقري لمجمل الأحداث والمتغيرات التي عاصرت ذلك الربيع الخريفي الموهوم في تلك البلدان، بل وأصبح من الذرائع المميزة في يد البعض من تلك القوى الضالعة في أتون ذلك الصراع، لتمرير خططها وتكتيكاتها اليومية من أجل تحقيق أهدافها الأستراتيجية..!؟؟

ولعل الأغرب من ذلك، وبعد أن تحول " الإرهاب " الى ذريعة مقصودة، أن يجري اللجوء وتحت نفس القصد الى نفس السلاح لمكافحة الوسائل الإرهابية بأخرى مثلها، دون إعتبار للقانون الدولي لحقوق الإنسان، أو لسيادة الدول ولحياة الإنسان، بل وأصبحت تلك الذريعة، من الوسائل الأكثر فعالية في بعض الأحيان وفي ظروف معينة، حيث يجري إستخدامها كإحدى المظلات التي يجري العبور من تحتها لتمرير أمر ما، وهي كثر.. ومن هنا نجد أن هناك من يحاول، وبدلاً من محاربة الإرهاب كحالة تدميرية، التستر وراءه كذريعة في الصراع في مواجهة الخصوم؛ أما على الصعيد الدولي، فالأمثلة من الكثرة والوضوح ومن الفضيحة، مما لا يمكن التستر عليه..!؟ (1)

فإشكالية " الإرهاب " بكل جوانبها السياسية أوالقانونية، وغيرها من الجوانب الإقتصادية والإنسانية، وبكل تداعياتها الكارثية، باتت أكثر شبهاً بحكاية "مسمار جحا" ، إن لم تكن نظيرة لها في الوسيلة والأهداف؛ فصانع " الإرهاب " بكل إمكاناته التقنية والمالية المتعاظمة، قد فاق "جحا " في كل شيء؛ حيث بات الإرهاب ، ذلك المسمار الذي تم غرسه عميقاً في تربة الأرض العربية، أما أغراضه ومقاصده ، فلم تعد عسيرة على الفهم، أو غائبة عن الأنظار..!؟؟
(*) http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=56183