المنبرالحر

«معاً» ياحبيبي «معاً»/ مازن العاني

انتهت عملية التصويت في الانتخابات البرلمانية، لكن غبار الدعاية الانتخابية لم ينتهِ بعد، و لا يتوقع له ان يهدأ قبل تشكيل الحكومة العتيدة الجديدة. لن يهدأ قبل ستة أشهر اذا كان الله يريد خيرا لهذه البلاد.
نعم هدأت شظايا التسقيط السياسي ونشر الغسيل غير النظيف للمتنافسين ، وخف التلويح بالمساءلة والاجتثاث، وبالجنائية وغيرها. الا ان غبارا جديدا تصاعد بين المتنافسين و الاخوة الاعداء ، غبار التلاعب باعصاب الناس، غبار الدعاية الاعلامية وصراع الفوز والخسارة . ولن يخرج المواطن من هذه الدوامة، قبل ان يدخل في دوامة الصراع على الموقع الاول في الحكومة القادمة، وحصة كل طرف في طبختها الجديدة.
لست متفائلا بما ستحمله الاشهر القادمة وانا اتابع طرق الاحتيال والالتفاف على القانون والضحك على الذقون، التي لا تتردد القوى المتنفذة عن اللجوء اليها. و هاكم نموذجا:
«معا نبني العراق» شعار اطلقته «دولة القانون» ودشنت به دعايتها الانتخابية (على عينك يا تاجر) قبل الانتخابات بأشهر عدة، بعد ان وسمته بصورة رئيس الوزراء ، من باب انه شعار حكومي رسمي لاستنهاض همم المواطنين، ونشرته وقتها في اغلب مدن العراق . وحين بدأت الحملة الانتخابية ودخلناها معا، تحولت «معاً» الحكومة الى « معاً» انتخابية ، و تصدرت بوسترات ناخبي قائمة دولة القانون مع صور الرئيس اياها وبالالوان ذاتها والرتوش السابقة نفسها. واليوم ظهرت صور جديدة للرئيس المنتهية ولايته، موسومة بذات الـ «معاً»، و كأنها تريد ان تتهيء اذهاننا لتقبل حلم السيد الرئيس بولاية ثالثة.
كل الاخرين «معاً» «في الهوى سوا»، و لا ابريء احدا منهم، لكني اركز على من يمسكون بزمام امور البلد اكثر من غيرهم، ويفترض بهم ان يظهروا حرصا اضافيا على تطبيق القانون، لا على السخرية منه ومنا. فالطرق الملتوية لا « تبني العراق» بل تهدمه.
لقد ارتكب السيد الرئيس خروقات انتخابية ظلت المفوضية ساكتة عنها، رغم ان بعضها كان امام بابها وفي عقر دارها. و الا ما معنى ان تمتليء شوارع العراق بشعار «معا نبني العراق» قبل شهور من موعد الدعاية الانتخابية؟ اليس هذا التفافا على القانون في دولة ترفع شعار دولة قانون؟ ثم ما معنى ان ينفرد رئيس الوزراء لوحده، دون غيره من الـ 9000 متنافس في الانتخابات الاخيرة، بالصاق فلكسات دعايته الانتخابية في اغلب السيطرات العسكرية، وفي مقدمتها سيطرات المنطقة الخضراء، مقر الحكومة؟ و كيف ينفرد الرئيس، القائد العام للقوات المسلحة ووزير الدفاع والداخلية وكالة، لوحده ايضا دون الآخرين بالصاق بوسترات دعايته داخل المنطقة الخضراء ، بضمنها مداخل وزارة الدفاع ورئاسة الاركان ومعسكر الشرف، الى جانب مداخل مؤسسات حكومية رئيسة اخرى في المنطقة؟
تذكرت عبد الحليم حافظ رحمه الله وطيب ثراه، فلو كان اليوم حيا بيننا لانتابه الاسى وهو يرى اغنيته الشهيرة « نعم يا حبيبي نعم» تتراجع، بعد ان ازاحها شعار « معاً يا حبيبي معاً».