المنبرالحر

فلسطين:إشكالية الإنقسام..!/ باقر الفضلي

يظل الوضع الفلسطيني الراهن على رأس أولويات القضايا الشائكة في منطقة الشرق الأوسط، حيث تمثل فيه حالة الإنقسام المجسدة في قطاع غزة، العقدة الرئيسة في هذا الوضع، ورأس الحربة المغروزة في الجسد الفلسطيني، وفي كلا الحالين سواء بقائها في هذا الجسد أو إخراجها منه، فإنها لا زالت تلعب دوراً له من الأهمية ما يجعل تأثيره واضحاً في كثير من إشكاليات الصراع الدائرة في منطقة الشرق الأوسط، ومنها على وجه الخصوص ما يتعلق بالنزاع الفلسطيني الإسرائيلي..!؟

ف الإنقسام الذي تجسد عملياً في فصل قطاع غزة عام/2007 ، عن الجسد الفلسطيني، قد شكل عثرة كبيرة في مسار النضال الفلسطيني من أجل تحقيق طموحات الشعب الفلسطيني، في قيام دولته الوطنية الديمقراطية، وإقرار عودة فلسطينيي الشتات، وإنهاء الإستيطان؛ فإنه وعلى الصعيد الداخلي، قد عمل على تمزق النسيج الوطني، وتفريق وحدة الفصائل الفلسطينية، بل ووضع الكثير من العثرات في طريق السلطة الفلسطينية الوطنية، الأمر الذي كان له الأثر الكبير على الصعيد الدولي والإقليمي، لدرجة ضعفت معه والى حد كبير، النظرة الإنسانية العالمية الموحدة للقضية الفلسطينية، وأفسح في المجال من جانب آخر، الطريق أمام كل من وجد في ذلك الإنقسام، فرصته في التصيد في الماء العكر، والنفاذ من خلاله، لتحقيق مآربه الخاصة، إقليمية كانت، أم دولية..!!؟

وليس من المبالغة القول، بأن الإنقسام، كان من أكبر الكوارث الوطنية، التي واجهت الشعب الفلسطيني، منذ حلول "النكبة" قبل أكثر من ستين عاماً وحتى اليوم، فإنه ومن غير المجدي أو المعقول سياسيا، أن يتعرض شعب لكارثة وطنية بحجم الإنقسام وهو في وارد النضال من أجل إستعادة حقوقه المنهوبة وأرضه المستباحة من قبل العدو، في وقت كان يفترض فيه لَـمَّ الشمل ووحدة الصفوف، وتجاوز الخلافات، وتعزيز كل ما يشجع على تقريب وجهات النظر رغم إختلافها بين الطلائع من الفصائل الوطنية..!؟

ف"النكبة" بكل تأريخها المأساوي، قد لقـنت الجميع دروساً لا غنى عن إستيعابها والتمعن في مدلولاتها، فجميعها كانت ولا زالت، تؤشر الى ضرورة وحدة الصف، وتجاوز الخلافات، ودعم السلطة الفلسطينية الموحدة، بإعتبارها الممثل الحقيقي والوحيد للشعب الفلسطيني، في مواجهة المجتمع الدولي، وأمام الإشقاء من الدول العربية، بعيداً عن أي تخندق، أو إنحياز يساعد على شق الصف الوطني بأي شكل من الأشكال، ومن هنا جاءت المصالحة الأخيرة بين منظمتي فتح وحماس لتصب في هذا الإتجاه..!(*)

ف" الإنقسام " بجميع أشكاله وصوره ودوافعه ومبرراته، لا يخرج في نهاياته ونتائجه، عن نفس الأهداف والمقاصد التي خلق من أجلها الإنقسام نفسه، وبالتالي لا يمكن أن يكون هناك إنقسام لحركة وطنية تناضل من أجل مصالح وطنية مشتركة لشعب يعيش حالة من الإحتلال والإستيطان، أن يكون في مصلحة ذلك الشعب،أن ينقسم على نفسه، حتى لو كانت تلك الجهة التي تتصدر الإنقسام، تمتلك وكما

يقال "عصى سحرية " تمكنها الوصول الى الهدف المنشود من قبل الجميع..، وهذا ما أكدته سبع سنوات عجاف من عمر الإنقسام الفلسطيني، التي إنتهت الى الإعتراف بكارثة الإنقسام من قبل الجميع، وبأن لا مخرج من الكارثة ، إلا بإستعادة وحدة الصف الوطني والعودة الى المسار الذي باركه الشعب الفلسطيني في وحدته النضالية، منذ اليوم الأول الذي لم يجد فيه غير ذلك الطريق للنضال، من طريق آخر..!

فالسير الجاد في قضية المصالحة الوطنية، سيظل وحده السبيل القويم للوصول الى الهدف المنشود للشعب الفلسطيني، وذلك من خلال العودة الى الأسس التي جرى بموجبها إقامة السلطة الوطنية الفلسطينية، وكذلك مؤسساتها التشريعية والتنفيذية والقضائية، وإعادة الإعتبار لها في كافة قطاعات الوطن الفلسطيني، وإحترامها من قبل جميع الفصائل الوطنية الفلسطينية، والإسراع بتشكيل حكومة التوافق الوطني..!

الأمل أن يشعر المواطن الفلسطيني حيثما وجد في أرجاء الوطن الفلسطيني، بأنه أمام سلطة وطنية فلسطينية واحدة موحدة، ويحكمه قانون فلسطيني واحد..! وبهذا سيتعزز وجود ومكانة ودور الدولة الفلسطينية أمام أنظار الشعب الفلسطيني وعلى صعيد المجتمع الدولي..!