المنبرالحر

جدلية العلاقة بين الكهرباء وعمليات التنمية / إبراهيم المشهداني

نعرف العلاقة الجدلية بين الطاقة الكهربائية المنتجة في العراق وعملية التنمية في مختلف القطاعات ومدى الآثار التي تسببها قلة الإنتاج في هذه الطاقة , ونعلم ان أية خطة إستراتيجية توضع لإعادة بناء الاقتصاد العراقي على أسس وقواعد رصينة لا تتحقق إلا بوجود الطاقة الكهربائية وإن أية توجهات لإدخال التكنولوجيا في العراق لتسريع عمليات التنمية كما يجري في الدول التي تشق طريقها لمستقبل واعد لا يتم إلا بوجود الطاقة الكهربائية ،ولكن يبدو إن تجسيد هذه العلاقات ليس سوى أضغاث أحلام إذا أخذنا بعين الاعتبار التصريحات المتكررة للمسؤولين وعدم الجدية في معالجة الاختلالات ومواجهة التحديات التي تواجه عملية الإنتاج .
ولنبتعد قليلا عما قد يصفه المسؤولون انها مقالة لجلد نشاط وزارة الكهرباء وهو ليس هدفنا بالتأكيد من هذا المقال . ولنناقش الأرقام الواردة في الخطة الخمسية للأعوام 2013 -2017 للاستدلال على سير عملية إنتاج الطاقة فتشير هذه الأرقام الى ان نسبة مساهمة الكهرباء في الناتج المحلي الإجمالي لا يزيد عن 1,5 في المئة وهي بدون شك متدنية كثيرا عما كان عليه الحال في السبعينات قبل ان يدخل دكتاتور العراق في حروبه المجنونة مع دول الجوار. وبلغت التخصيصات الاستثمارية الفعلية لإنتاج الطاقة الكهربائية 16,5 بالمئة 17,2 بالمئة و 12,8 بالمئة من تخصيصات موازنات أعوام 2010, و 2011 و 2012. وبالرغم من ذلك فان التذبذب في إنتاج وتوزيع الطاقة ما زال سيد الموقف في ظل معادلة رباعية المجاهيل . ولا شك أن عملية إنتاج الطاقة الكهربائية تواجه تحديات حقيقية بعضها موضوعية والبعض الآخر ذاتية فمن بين التحديات الموضوعية هو تقادم الوحدات التوليدية وعدم المرونة في إيصال الوقود إلى وحدات الإنتاج وانخفاض منسوب المياه وطبعا الوضع الأمني المتدهور يسمح بإطلاق العنان لقوى التخريب والإرهاب للعبث بمنشآت الوزارة المنتشرة في أماكن متفرقة وبعضها في مناطق يسيطر عليها الإرهابيون .كل هذه التحديات تشكل ضغطا حقيقيا على عملية إنتاج الطاقة .
إن الأموال التي تم تخصيصها للاستثمار في توليد الطاقة وفرت للوزارة إمكانات كبيرة في مواجهة التحديات على المستويات التخطيطية والفنية والإدارية ولكن الوزارة كانت على ما يبدو عاجزة عن توظيفها في أيجاد الحلول الكفيلة بمواجهة التحديات باستثناء العامل الأمني الذي تتحمله الحكومة دون غيرها .
إن احد عشر سنة من التغيير فترة كافية في أية دولة من دول العالم لمواجهة اعتى التحديات لو تم توظيف التخصيصات المالية في الزمان والمكان الصحيحين وعلى أساس خطة واقعية ووضع إي دينار في مكانه الطبيعي مع وضع الشخص المناسب في المكان المناسب والمناورة الصحيحة في كوادر الوزارة والتنسيق بين وزارتي النفط والكهرباء التي تحاول كل منهما إلقاء الكرة في ملعب الأخرى، واحترام اقتصاد الوقت في تجهيز الوقود والاستفادة من تجربة الدول النفطية في هذا المجال . فلم تعد التصريحات والتبريرات مقنعة للمواطن العراقي الذي تحبس انقطاعات الكهرباء أنفاسه في كل يوم .